بندر بن عبدالله بن محمد كان يوماً ماطراً في الرياض استقبلته الأرض العطشى بكل فرح، إلى درجة أن ما تطاير عن هذه الأرض رجع إليها متراجعاً عن هجرته للسماء. انتهز سلام وأصحابه تلك العصرية ليجتمعوا على التمتع بمشاهدة هطول المطر. قال أحد أصدقاء سلام: "أسمعتم عن زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية"؟ قال الآخر: "لقد تمادت إيران في شرورها، وأصبحت تتدخل في معظم إن لم يكن جميع شوؤن دول مجلس التعاون"، أجابه صديقه: "لن تتوقف إيران عن ذلك! لذا يجب علينا كمجلس تعاون أن نفعل شيئاً للحد من تدخلات إيران السافرة في شؤون الدول المجاورة ونفوذها الإقليمي"، قال سلام: "بدأت دول مجلس التعاون باجتماعاتها للبحث في موضوع هذه الزيارة، وبدأ تصعيد قضية الجزر من قبل المجلس وهذا حقهم، ولكن من وجهة نظري فقد وقعوا في شراك إيران، حيث إنها تريد شيئين مهمين، الأول: هو محاولة صرف النظر عن الثورة السورية، والثاني: وضع قضية الجزر كمقايضة في مباحثاتها النووية مع الغرب، وقد تنجح في مرادها إذا لم نحكم العقل قبل العاطفة ونركز على الثورة السورية. كذلك يجب التركيز في تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى كونفدرالية بأسرع وقت"، قال صديقه: "أصدقكم القول بأني لم أفهم معنى الكونفدرالية أو الفدرالية"، قال سلام: "الفدرالية هي ابنة عم إن لم تكن شقيقة للكونفدرالية، الفرق بينهما أن الاتحاد الفيدرالي مكون من دولة واحدة مثل الولاياتالمتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة، أما الاتحاد الكونفدرالي فهو اتحاد بين دول مستقلة كالاتحاد الأوروبي، وهناك حد أدنى للكونفدرالية مثل سياسة واقتصاد وأمن واحد يجمع هذه الدول المتحدة".. قال أحدهم: "أنا لست متفائلاً من قيام الاتحاد الكونفدرالي لدول مجلس التعاون الخليجي"، قال آخر: "أنا كذلك، وخاصة لوجود تباين في المواقف السياسية وكذلك الأمنية بين الدول الأعضاء والمثال على ذلك قطر والبحرين"، قال آخر: "هل ستدخل قناة الجزيرة في هذا الاتحاد"؟ ضحك الجميع، قال سلام: "كل ما ذكرتموه صحيح، ولكن موضوع الاتحاد مرتبط بإنقاذ دول الخليج من السقوط بهاوية الهزات الأمنية التي ستأتي بنتائج سيئة سياسياً وأمنياً، وهذا ما تريده إيران، والاتحاد الكونفدرالي هو الطريقة الوحيدة لتقوية دفاعات مجلس التعاون على جميع الأصعدة"، قال آخر: "لماذا لا تطور هذه الدول علاقاتها مع إيران لمنع هذه القلاقل"؟ رد عليه آخر بالقول: "شاهدت برنامجا تلفزيونيا كان الضيف فيه الدكتور عبدالله النفيسي، وقد بيّن أن العلاقة الطيبة مع إيران غير ممكنة، والسبب بسيط، وهو أن ايران لديها حقد دفين على العرب وتعتبرهم طبقة دنيا بالنسبة لعِرقهم، مهما أبدوا من مشاعر"، قال سلام: "كلام الدكتور النفيسي في محله، وهو يقول كذلك لأن مشاعر الحقد الإيراني وصلت إلى حد أنهم لن يعترفوا باستقلال الإرادة والنفوذ لمجلس التعاون ويريدون بسط نفوذهم على تلك الدول، وأدواتهم في هذا هي زرع الإرهاب والقلاقل داخل دول الخليج"، قال آخر: "أنا أستغرب من موقف بعض الشيعة العرب! كيف يسمحون بهدم بلادهم بواسطة إيران الفارسية"؟ قال سلام: "يجب أن يعي إخواننا العرب الشيعة أن إيران تحاربهم بطريقتها الخاصة، والطريقة هي هدم المرجعية الشيعية العربية بالنجف وتحويلها إلى "قم" بإيران، كذلك ترسيخ بدعة ولاية الفقية لتنفرد إيران بزعامة الشيعة التي كان العرب زعماءها بمرجعيتهم في النجف".. قال آخر: "لنرجع للكونفيدرالية، ماذا تنتظر دول مجلس التعاون لتفعيلها"؟ قال سلام: "دول المجلس تنتظر مصيبة كبرى ليفعّلوا هذه الكونفدرالية"! نظر الأصحاب لبعضهم وعيونهم تقول: (أما آن الأوان يا دول مجلس التعاون أن تنقذوا أنفسكم)؟