الخروج عن البروتوكولات الدبلوماسية، كان السمة الأبرز في حفل الأيام الثقافية السعودية الذي يتخذ للمرة الأولى من مبنى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" في عاصمة العطور الفرنسية باريس مقراً له. فإيقاعات الألوان الشعبية السعودية وفي مقدمتها "العرضة" والمزمار الحجازي، ألهبت حماس الحضور من أعضاء السلك الدبلوماسي والسفراء الدائمين في "يونسكو" والمثقفين والإعلاميين، فتمايلت رؤوسهم طرباً، وصفقت أيديهم بهجة، بينما راحت المديرة العامة للمنظمة إيرينا بوكوفا، وهي تسمع دوي الطبول تؤدي "العرضة" على طريقتها الخاصة. وزاد تفاعل الحضور مع اللون التهامي الآتي من جنوب المملكة بصوت الفنان حسن خيرات. واستوقف بيت الشعر ومجسم النخلة والدلة الحضور الذين كانوا من كل الجنسيات. كما حرص العديد على التقاط صور تذكارية بجانب صور الكعبة التي كانت أكثر ما لفت انتباههم. البداية كانت مختلفة أيضاً، إذ اختار سفير المملكة الدائم لدى "يونسكو" زياد الدريس، أن يفتتحها بقصيدة عن دور المنظمة في توحيد الثقافات بين الأمم، بينما كانت المصورة السعودية هند سعد تتنقل بحجابها بين جنبات المعرض، كالريشة لتلتقط للحضور570 صورة، وتؤكد تميز الفتاة السعودية وحضورها عالميا. ------------------------------------------------------------------------ ركز المشاركون في الندوات التي شهدتها الأيام الثقافية السعودية في اليونسكو بباريس أمس، على أهمية الحوار في التقارب بين الشعوب، وتحديدا الدور الذي يلعبه "حوار الحضارات في مواجهة التحديات المعاصرة" والتي كانت عنوانا لإحدى المحاضرات. وشدد المشاركون على أهمية التعارف والتواصل بين الثقافات والشعوب، واحترام بعضها البعض عبر بناء حوار هادف بينها لتحقيق السلام في العالم. ونوهوا بالدور القيادي الذي تلعبه المملكة في الدعوة للحوار العالمي عبر مبادراتها المختلفة في هذا المجال وفي مقدمتها مبادرة خادم الحرمين الشريفين في الرياض لحوار الأديان ثم مكة وصولا إلى مدريد، قبل أن يتم نقلها للعالم في الأممالمتحدة عبر إنشاء مركز الملك عبدالله للحوار العالمي بين أتباع الأديان. وأشار وزير التربية والتعليم السابق الدكتور عبدالله العبيد خلال إحدى الندوات إلى التحديات المختلفة التي تواجه الحضارات وأسباب تخوف الغرب من المسلمين والعكس، موضحا أن الجهل بحقيقة الإسلام والصورة السلبية التي يرسخها الإعلام الغربي سببان في ذلك، إضافة إلى القناعة بأن العقل الأوروبي هو الوحيد المتفتح وما سواه منغلق وعاجز. من جهتها، تحدثت مديرة المعهد العربي بباريس منى خزندار في الندوة عن تجربتها الحالية والمسؤوليات التي تتحملها في المعهد العربي بباريس في هذا الإطار ودوره في ترسيخ الحوار المشترك وإعطاء الجمهور فرصة لاكتشاف العالم والتواصل بين الثقافات المختلفة. بدوره، أكد مدير قناة العرب الفضائية جمال خاشقجي في حديثه خلال الندوة، التي حضرها وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة، ونائبه الدكتور عبدالله الجاسر، إضافة إلى مندوب المملكة الدائم لدى اليونسكو الدكتور زياد الدريس، أن العرب ليس لديهم مشكلة مع الديمقراطية، حيث أثبت الشباب العربي الذي خرج في بعض الدول للمطالبة بالحرية أن لا مشكلة لديهم من ذلك فهم يريدونها وشركاء فيها ولكن يريدون أن يصنعوها بأنفسهم، مشددا على أن المملكة منفتحة على العالم بشكل كبير، واستشهد بنسب المبتعثين السعوديين الذين يدرسون في شتى دول العالم. وفي مداخلة لخوجة أكد فيها أن الإسلام حث على الحوار، مستشهدا بالآية الكريمة "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، مشيرا إلى أهمية مثل هذه الحوارات واللقاءات، دون أن يكون هناك أي انتقاص أو شعور بالدونية أو نظرة تعال بين المتحاورين. من جانبه، تطرق الدريس إلى وجوب الاقتناع بأنه لن يكون هناك سلام دائم واستقرار دائم، وأن الاختلاف من طبيعة النفس البشرية، لكن الحوار ضروري للتقريب بين الناس والشعوب. من جهة أخرى، أكدت المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا على أن الحوار الثقافي والتبادل الثقافي يساعدان على تحقيق التفاهم والثقة وهما أمران ضروريان من أجل احترام أكبر لكرامة متساوية للجميع، مضيفة أن هذه الأيام السعودية باليونسكو توضح تماما قوة الثقافة لإحداث التقارب بين الناس وتذكيرنا بإنسانيتنا المشتركة، "إنها أيام اكتشاف ومشاركة". يذكر أن الأيام الثقافية شهدت أمس عرض فيلم سينمائي سعودي يحمل اسم "شرود"، وحفل غنائي وعزف على آلة العود للفنان عبادي الجوهر، إضافة إلى عرض أزياء سعودية "بين الماضي والحاضر اليوم. من جهة أخرى، شهد مقر منظمة اليونسكو في باريس مطلع الأسبوع الجاري توقيع اتفاق من أجل التعاون في تنظيم فعاليات وأنشطة متعلقة بالثقافة العربية، وذلك بين كل من المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا، ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة ممثلة في رئيستها وسفيرة اليونسكو للنوايا الحسنة بهية الحريري.