مسفر آل مخلص عجبا لنا من أمة آمنت بالله ولم تتبع أوامره.. لقد كانت أول كلمة في الوحي الإلهي المنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم هي "اقرأ"، فلعظم شأن القراءة أمر الله رسوله أمرا صريحا بها، ولتلقين الأمة بعظمها جعلها الله أول كلمة يأمر بها نبيه الكريم.. ألسنا الأولى من غيرنا بالقراءة؟؟ ألسنا الأولى بأن تضرب فينا أمثال القراء والعلماء؟؟ بلى!! لأن القراءة من أولويات الدين والشريعة التي أمرنا الله بها.. لكننا وبكل أسى نسمع القول ولا نتبعه حتى صرنا إلى ما نحن فيه.. حينما سئل فولتير ذات مرة عمن سيقود الجنس البشري أجاب "الذين يعرفون كيف يقرؤون"، ولا يقاس تقدم مجتمع ما إلا بقدر ما يوجد فيه من مثقفين وقراء وحركة فكرية وعلمية نشطة تدفع بالناس إلى الحوار وتشخيص الأخطاء والسمو على العقبات والنظريات الضيقة. فهنا يكمن جواب من يتساءل لماذا الدول العربية تقبع في مؤخرة العالم؛ هذا لأنهم لا يقرؤون. في استطلاعات أجرتها ورشة العمل العربية لإحياء القراءة بناء على النتائج الصادرة من اتحاد كتاب الإنترنت العرب تبين ما يلي: أن ما تطبعه الدول العربية مجتمعة هو تقريبا مليون كتاب موزعة على ثلاثمائة مليون مواطن عربي 60% منهم أميون وأطفال، و20% لا يقرؤون أبدا ، و15% يقرؤون بشكل متقطع وليسوا حريصين على اقتناء الكتاب، وما تبقى هم 5% من المواظبين على القراءة وعددهم مليون ونصف فقط؛ أي أن حصة الفرد الواحد أقل من كتاب سنويا في مقابل 518 كتابا للفرد في أوروبا.. أليست هذه الأرقام مرعبة؟؟ لقد اندثرت حضاراتنا وعلومنا بسبب هجرنا للكتاب؛ ولكي نستعيد حضاراتنا فلا بد لنا من القراءة.. ولكن كيف لنا أن نقرأ ونحن لا نحب القراءة؟؟ فمن أجل أن نحب القراءة لا بد لنا أن نخصص لنا مكتبات في منازلنا، ونخصص لها وقتا لارتيادها، ونحث أبناءنا على ارتيادها وجني ثمار القراءة. لا بد من امتهان الأساليب التي تحفز المجتمع على القراءة حتى ولو كانت المحفزات على المستوى المادي. يجب تفعيل دور المكتبات المدرسية وتخصيص حصص يومية لإتاحة فرصة القراءة للطلاب، ولعلها تخفف من صهوة الملل التي يعيشها أبناؤنا في المدارس، ويا حبذا لو نقتني كتبا شخصية أثناء تنقلاتنا ووجودنا في الأماكن العامة.. لعلنا نعود إليها ونقرؤها عندما يداهمنا الملل لكي تكون بديلا للأجهزة الذكية التي سلبت عقولنا.