صغيرات يتشحن بالورود يلفتن الانتباه في مناسبات جازان الشعبية، حيث يعتبر التزين بالورود عادة قديمة، من ضمن العديد من العادات والتقاليد المختلفة التي عرفت بها المنطقة، ويعتاد المواطنون التزين بالورد في شتى المناسبات وخصوصا في أيام وليالي الفرح والزواج، وللعرس في جازان ملامح خاصة، حيث ترتدي العروس في اليوم الأول الفستان الأبيض كباقي المناطق والدول، ولكنها في الليلة الثانية تتميز بما لا تتميز به العروس في باقي مناطق المملكة، حيث تدخل نوعا من التسريحات القديمة التي لا تستغني عنها المرأة الجازانية، ومنها الحلة أو العكرة وتسمى "العظية"، وهي تسريحة جازانية شعبية تحرص عليها النساء بمختلف الفئات العمرية في يوم الفرح، وليلة الدخلة، وغيرهما من المناسبات، كما تستخدمها المرأة المتزوجة في أي وقت شاءت، كجزء من زينتها الخاصة. وعن كيفية عمل هذه التسريحة، وسعرها خاصة في ظل إقبال عدد كبير من النساء عليها، قالت أم بندر الزيدي إن "عمل تسريحة العظية فن ورثته عن جدتي، وتعلمته، وحرصت على تطويره والابتكار فيه، وأنا الآن من المشهورات بإتقانه في المنطقة". وعن مكوناتها تضيف أن "جميع مكونات العظية من عمق الطبيعة، وهي رخيصة، ولا تحتاج إلا لجهد يسير، فهي تتكون من القشفة، والظفر، والحُسن، أما المكونات الطبيعية فالحصول عليها لا يحتاج إلى جهد أو مشقة، وهي المعروفة ب(المخضارة)، أو (الخطور)، وهي عبارة عن مجموعة من الأشجار ذات رائحة طيبة". ومن جانبها أكدت عايشة البدوي إقبال النساء بكثرة في الإجازات والأعراس، وقالت "أحب عمل هذه التسريحة للصغيرات اللائي يشاركن في المهرجانات الشعبية، والعرائس ليلة زفافهن، وأهتم بالأشكال الجديدة التي أعدها بإضافة الورد والكريستال إليها"، مشيرة إلى أن أسعار عمل العظية تختلف من مناسبة لأخرى، وتتراوح تكلفتها ما بين 300 إلى 1000 ريال. وعن طريقة عمل العظية لشعر العروس قالت أم خالد: "يسرح الشعر بطريقة معينة تعرف ب"اللولبة" أو "العظية"، وقد يختلف ذلك من قرية لأخرى، ويوضع في الشعر الطيب، وهو مادة عطرية تعجن بالماء، ثم يجدل الشعر، ويرفع، ويلف، ويفرق من الأمام، ثم يربط في الشعر الكادي، والبعيثران، والخضار، وهي زهور عطرية متنوعة جميلة الرائحة، تقص وتنظم من الأمام على الجبين، تزين التسريحة ب"المحاث" وهي جنيهات ذهبية يتم تثبيتها في شريط القماش بشكل مرتب، وبعد ذلك يرص الفل بعد نظمه في خيوط من الصوف أو "الطفي"، وهو سعف النخل الذي يجفف ويقص بشكل رفيع ليصبح كالخيط ليسهل نظم الفل فيه، ثم يغطى كامل الشعر من أسفل إلى أعلى في شكل منظم وجميل، حتى يصبح كلوحة فنية". وأضافت "بعد ذلك ترتدي العروس "الميل" الثوب المخصص للعظية، وهو زي تقليدي اعتدنا على لبسه في هذه المناسبة، ويتميز بألوان متعددة منها الأحمر، والأخضر، والعودي، أو الكحلي، بتطريزات جميلة، وبعد ذلك تضع العروس على صدرها عقدا كبيرا من الفل يسمى "الكبش المبروم"، كما تضع العروس بعض النقوش على يديها، وتتزين بالذهب كاملا"، مشيرة إلى أن العروس تزف بالأناشيد في موكب فرح لا مثيل له. ومن جانبه أشار استشاري رئيس قسم الجلدية بمستشفى الملك فهد المركزي الدكتور خالد بن محمد العطاس أن "المواد التي تستخدم في العظية مواد طبيعية، وليست مرشوشة بمبيدات كيماوية، وما دامت هذه المواد صحية، ولا تتسبب لمن يستخدمها تحسسا بظهور تأثيرات كالإحمرار أو حكة، فلا مانع من استخدامها، وليس هناك فيما أعلم تأثير يذكر". ويقول الشاعر أحمد السيد عطيف وهو ممن تغنوا بهذا الموروث "نساء جازان بأجيالهن الخمسة الأخيرة تقريبا مزجن ضفائرهن بعطور الطبيعة، من خلال تسريحة "العظية" التقليدية، وبالغن في الاهتمام بذلك، حتى إن تكلفتها في حال اكتمالها يصل إلى 700 ريال". وأضاف أن "العظية تعد مما تنبت أرضهن وجبالهن، لذلك تفوح أنسا وحنينا، وتبعث شجون ليالي الوصل" مشيرا إلى انه يندر أن تجد جيزانية في أي مكان بالمملكة لا تحتفظ في خزانتها بهذه النباتات طرية أو مجففة. وعبر عطيف عن هذه العادة الشعبية الجميلة بالشعر قائلا: "يارب عاضية أرخت عصائبها على النهار وهبت في ليالينا كنا إذا طلعت نصطف أفئدة على التراب مجانيا مجانينا كدنا نصلي على آثار خطوتها لكن تخلت فأكرمنا نواصينا"