استثنيت الجبيل الصناعية من بين مدن ومناطق السعودية مما أكده مختصون في شؤون البيئة أن المملكة بحاجة ماسة إلى تشديد المراقبة، والتطبيق للأنظمة والتشريعات البيئية، لحماية البيئة من الملوثات الضارة التي تنتجها الصناعات ومخرجات الحياة اليومية. وجاء الاستثناء للجبيل لتطبيقها نموذجا لمراقبة المعايير البيئية العالمية رغم احتوائها أكبر المجمعات الصناعية للبتروكيماويات في العالم. تخلص سلبي من جانبه، كشف مدير عام الشركة الوطنية للمحافظة على البيئة "بيئة" المهندس سعد بن إبراهيم العنيزي أن المملكة تنتج ما بين 300 - 400 ألف طن من النفايات الخطرة سنويا، يتم معالجة نحو 2000 طن فقط منها في وحدات الشركة بالجبيل.. متسائلا عن مصير الكمية المتبقية من تلك النفايات. وأبدى العنيزي تحفظه على طريقة التخلص من النفايات في أغلب المناطق، وقال "هناك نوعان من النفايات صلبة وسائلة، يتم التخلص منها بطرق مخالفة للمعايير البيئية عالميا عن طريق رميها أوصب مياه الصرف الصحي في البحر، أو رميها في الأراضي الفضاء، أو دفنها ما يؤثر على المياه الجوفية، ونوعية التربة، كل هذه من أساليب التخلص السلبي للملوثات الضارة بالبيئة في المملكة، إضافة إلى خلو كثير من المدن من شبكات الصرف الصحي، وضعف البنية التحتية للصرف الصناعي في بعض المدن الصناعية، هي عوامل تعتبر من أخطر مشاكل زيادة التلوث البيئي، وفتح المجال للتخلص السلبي للملوثات،" وأضاف "فأغلب ملوثات مصانع الدباغة، والدهانات والإسمنت والزجاج والمنظفات ومصانع تعقيم الألبان والمسالخ، يتم التخلص منها بطرق مخالفة." معايير بيئية وطالب العنيزي خلال حديثه إلى "الوطن" الرئاسة العاملة للأرصاد وحماية البيئة وجميع الأجهزة المهتمة بشؤون البيئة وحمايتها في المملكة إلى وضع أنظمة شاملة، ومعايير بيئية واضحة لضمان التعامل الواعي مع الموارد الطبيعية في المملكة، وتشجيع ودعم الشركات الوطنية والخبرات المحلية، لخلق منظومة للعمل البيئي، تستهدف رفع مستوى الوعي البيئي لدى المواطنين، وتهيئة جيل جديد يتبنى ثقافة البيئة، ويعمل للمحافظة على مقدرات أسلافه، وحماية مكتسباته الحضارية. وقال المهندس العنيزي على الرغم من وجود الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة فإن الأنظمة والقوانين البيئية لا زالت غير مكتملة، ولا زالت عمليات المراقبة والمتابعة غير شاملة، وعلى هذا فليس من المجدي إنشاء مرافق بيئية في مناطق خارج المدن الصناعية التي تديرها الهيئة الملكية. ما لم يتم سن أنظمة وإيجاد أجهزة تراقب وتتابع مدى الالتزام بالمعايير والاشتراطات البيئية من قبل كافة الجهات الصناعية. وأضاف أن الاستثمار في المجال البيئي محفوف بالمخاطرة مع غياب التشريعات التي تلزم كافة الجهات المستهدفة بالامتثال لتطبيق المعايير البيئية، فلا بد من إصدار تشريعات دقيقة وصارمة، تتبنى المعايير الدولية البيئية كمرحلة سابقة للبدء في تراخيص الاستثمار، كما يتطلب ذلك خلق منظومة من المتابعة والمراقبة الدورية المدعمة بأنظمة صارمة للعقوبات والجزاءات، تلي عمليات الترخيص لعمل الشركات في هذا المجال. وقال العنيزي "تمتلك شركة "بيئة" مردما بسعة 300 ألف متر مربع، كما أن أعمال المعالجة الحرارية التي تنفذها الشركة ستفي بمتطلبات الصناعات في الجبيل1 والجبيل2 إلى عام 2020، وهذا حسب ما هو مخطط له وفق المشاريع الصناعية المعلنة، وأما في حال تغيرت أنشطة هذه الشركات بإضافة منتجات جديدة، أو توسعات أكبر فإن خططاً بيئيةً ستتطور وفقا لذلك التغيير بهدف مسايرة ما ستنتجه تلك المتغيرات من نفايات صناعية. وفي عام 2007 بدأت الشركة بتنفيذ برنامج لزيادة الطاقة الاستيعابية لمرفق المعالجة الحرارية وإضافة وحدة حرق متطورة ليصل إجمالي طاقة المرفق لنحو 32 ألف طن سنويا. بدأت وحدة المعالجة الجديدة عملها خلال الربع الثاني من العام 2010، بتكلفة إجمالية تبلغ نحو 150 مليون ريال، بهدف الوفاء بكافة متطلبات الفعاليات الصناعية المختلفة في شتى أنحاء المملكة حتى عام 2020. وتابع "منذ الانطلاقة الأولى لأعمال الشركة عام 1988 فقد تم إجراء تقييم شامل للتأثيرات البيئية المحتملة لعملياتها، تم على إثره اختيار الموقع المناسب لمرافق الردم بعد دراسة طبيعة التربة والمياه الجوفية في المنطقة، وتم تصميم تلك المرافق وفق أقصى المعايير البيئية شمولا في ذلك الوقت, وهي ذات المعايير المتبعة في الولاياتالمتحدة الأميركية. وعمدت الشركة إلى الشيء نفسه عند تصميم وإنشاء مرفق المعالجة الحرارية للنفايات الخطرة، إذ أجرت الشركة دراسات عدة بغرض تقييم تأثير عمليات المرفق على البيئة المحيطة، وحجم المخاطر المترتبة عن فعالياته على الصحة العامة والمهنية. وسعت الشركة إثر ذلك إلى تجهيز المرفق بأحدث الأنظمة لمكافحة التلوث الجوي؛ للحد من انبعاث الغازات الملوثة، كثاني أكسيد الكربون, وأكسيد النيتروجين, والغازات الحمضية. كما جهزت الشركة المرفق بنظام متطور للمراقبة المستمرة للغازات المنبعثة، وفق تقارير دورية ترفعها لكل من الهيئة الملكية للجبيل وينبع، والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة بنتائج أعمال المراقبة وفعاليات الشركة." تقنيات الكشف المبكر وتنفذ "بيئة" تقنيات الكشف المبكر عن الملوثات، بالإضافة إلى برامج تدريب العاملين وحماية الصحة المهنية، بهدف التأكد من سلامة المحيط البيئي ومعالجة النفايات وفق أحدث الطرق العلمية المتعارف عليها عالميا، ساعدت جميعا على تبوء الشركة مركز الريادة في مجال عملها. إذ لم تسجل الشركة أي مخالفة بيئية تذكر منذ البدء بعملياتها عام 1988 ومعالجة وردم ما يزيد عن مليون طن من النفايات منذ ذلك الحين. ورغم تعامل الشركة مع نفايات شديدة الخطورة كالنفايات القابلة للاشتعال الذاتي, أو للانفجار في بعض الأحيان لم تسجل أي حادثة أو إصابة عمل مقعدة بفضل الله. كما يخضع العاملون بالشركة ممن يباشرون التعامل مع النفايات لفحوصات طبية دورية للتأكد من عدم حدوث أي مضاعفات صحية لهم. وأضاف المهندس العنيزي أن الشركة تعمل على تحديد نوع النفايات وطرق معالجتها، وكيفية نقلها والتخلص منها. ما مكّن الهيئة الملكية من مراقبة مخزون النفايات لكل المصانع والشركات العاملة في المدينة بكل دقة من ناحية تصنيفاتها، والتخلص منها بطريقة سليمة، وآمنة. علاوة على التفتيش الدوري الذي تنفذه الهيئة الملكية للمنشآت الصناعية. وأثنى العنيزي على مستوى الوعي البيئي لمعظم الشركات المستفيدة من خدمات "بيئة" وقال " وانطلاقا من اقتناعنا التام بضرورة مشاركة القطاع الخاص، وأهمية دوره في دعم مسيرة التنمية في المملكة، تعمل الشركة على تهيئة الموارد المادية والبشرية بما يمكنها من دعم العملية الصناعية، ومساندة الأجهزة المعنية بشؤون البيئة وحمايتها في مساعيها الرامية إلى تحقيق الظروف البيئية الملائمة في المملكة، حيث تعمل الشركة على إجراء الدراسات البيئية والاقتصادية بين الحين والآخر للتعرف على متطلبات الفعاليات الصناعية المختلفة وتلبيتها في الوقت المناسب". ومن جانبه قال المدير السابق للمراقبة والاستجابة والتوقعات في الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة رئيس مؤسسة التوازن البيئي المستشار البيئي أسامة جمال قربان إن هناك إخفاقا كبيرا في معالجة النفايات المحلية، والتخلص منها بالطرق الصحيحة والسليمة، وفق المعايير الدولية، لا شك أن هناك شركات ملتزمة بيئيا، ولكن بالمقابل هناك كثير من الشركات تخالف الأنظمة في معالجة النفايات إما جهلا أو تهاونا أو مخالفة صريحة بلا أدنى مسؤولية، فكثير من النفايات الخطرة مسببة لكثير من أمراض السرطان يتم التخلص منها بطرق مخالفة وغير صحية، وغير سليمة، إضافة إلى عمليات تخزين الأغذية، والمأكولات التي تؤدي إلى تلوث بيئي كبير وضار بالبيئة، ومن هنا لا بد من تشديد المراقبة على أعمال المصانع والشركات الصناعية بالمملكة. وحذر قربان من الاعتماد على المكاتب الاستشارية البيئية التي تسعى للربح المادي فقط، مشددا على ضرورة أن تكون تلك المكاتب ذراعا حكوميا مساندا للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة وليست باحثة عن الربحية دون الإحساس بالمسوؤلة تجاه الوطن وخطورة الملوثات البيئية. كوادر غير كافية وأضاف قربان "وتعاني الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة من عدم قدرتها على المراقبة الدقيقة أو الجيدة، وعدم قدرتها على متابعة المؤسسات الصناعية المسببة للتلوث البيئي، فالكادر الفني غير كافٍ في الرئاسة لتغطية مساحة شاسعة مثل المملكة، وهناك جهات وطنية ذات خبرة طويلة في حماية البيئة، ومعالجة النفايات الخطرة، مثل أرامكو، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، ولديها أنظمتها التي يمكن الاستفادة منها وتفعيلها على مستوى المملكة من خلال كادر فني متطور، وبطاقة تشغيلية كافية قادرة على تغطية كافة المناطق، الأمر الذي يدفع الرئاسة إلى ضرورة تفعيل أنظمتها بإلزام الشركات والمؤسسات الصناعية بتطبيق المعايير البيئية والالتزام بها، ومعالجة النفايات حسب نوعيتها." وأشار قربان أن هناك سيطرة جزئية على المخرجات الضارة للبيئة من بعض الصناعات الخفيفة، فالمملكة ليس لديها صناعات للطاقة النووية والإشعاعات النووية وبالتالي فوضعنا البيئي أفضل وليس لدينا خطورة بيئية بالغة. ولكن الحاجة قائمة لتشديد المراقبة والتطبيقات. فالمخرجات الملوثة للبيئة في المملكة على 3 أصناف "مخرجات يمكن التخلص منها عبر المرادم العادية عن طريق البلديات، وهناك الملوثات من الدرجة الثانية وتحتاج في معالجتها لشركات متخصصة، وتتطلب معالجة نوعية؛ لأنها تصنف ضمن المواد الخطرة، والنوع الثالث هو المخرجات الخطرة جدا، وهذه تحتاج إلى معامل لمعالجتها والتخلص منها وفق المعايير الدولية للمحافظة على البيئة." وتابع " فالوضع البيئي بالمملكة لا ينقصه سن الأنظمة، فالتشريعات موجودة، والمسؤول عنها رئاسة الأرصاد وحماية البيئة، وحددت النظام العام للبيئة، وطرق التخلص من الملوثات لها، وقد عملت الهيئة على التعامل مع شركات متخصصة لمعالجة كل نوع من الملوثات البيئية، فالنفايات المنزلية تركت معالجتها للبلدية، وبإشراف الرئاسة، وأما النوعين الثاني والثالث فتتولى مسؤوليتهما شركات متخصصة من خلال نطاقين إما إعادة التدوير للورق والزجاج والألمنيوم، ونطاق الملوثات الخطرة التي لابد من التخلص منها من خلال المرادم أو أفران الحرق أو الدفن أو المعالجة البيئية، وهذان الصنفان من الملوثات يحتاجان إلى فرق مراقبة ميدانية دورية بصورة حازمة." جودة الهواء والمياه تعتبر الجبيل الصناعية من أكثر المدن في المملكة التي تتمتع بجودة نوعية للهواء، والمياه، رغم كونها من أكبر المدن الصناعية في العالم. فالهيئة الملكية هي الجهة الوحيدة والأولى على مستوى الخليج التي وضعت أسسا وخططا بيئية قبل ما يزيد عن 34 عاما حين بدأ التخطيط لإنشاء مدينة الجبيل الصناعية التي لا زالت البيئة وحمايتها تمثل هدفا استراتيجيا قائما فيها، فالهيئة الملكية لديها إدارة مستقلة معنية بمراقبة البيئة وحمايتها، والأنظمة البيئية مطبقة بحزم، وأجهزة المراقبة موجودة وتتطوّر بين الحين والآخر وفق أحدث التقنيات. وأضاف العنيزي يتطلب النمو الصناعي في الجبيل 1 والجبيل2 موارد وإمكانات قوية لدعم حماية البيئة، وتعزيز الدور القائم حاليا. واتخذت الهيئة الملكية قراراً حكيماً قبل بدء عمليات تشييد الجبيل الصناعية، يقضي بضرورة تحقيق التوازن بين الإنتاج الصناعي وحماية البيئة في كل من الجبيل وينبع. ونتيجة لهذا القرار بقيت العديد من المصادر الطبيعية الفريدة في المدينة على حالها دون تأثير سلبي على البيئة رغم مرور أكثر من 25 سنة وذلك حفاظاً على هذه الثروة، وقد نفذت جميع أعمال التطوير في المدينة وفقاً للمعايير والسياسات البيئية التي وضعتها الهيئة الملكية وطبقتها بحزم ودقة. حيث وضعت الهيئة إجراءات صارمة لإدارة النفايات الصناعية الخطرة أو غير الخطرة التي تنتج من المصانع والشركات العاملة في المدينة، بهدف التقليل من المخاطر البيئية، وتحقيق حل نهائي آمن للتخلص منها، الأمر الذي استوجب وجود شركة مختصة في معالجة النفايات الصناعية بالمدينة، فكانت الشركة الوطنية للمحافظة على البيئة "بيئة" التي باشرت عملياتها في الجبيل منذ ما يزيد عن ال 23 عاماً.