رغم حصوله على جوائز محلية وإقليمية على المستوى الخليجي، ودعمه للحركة الفنية بمجموعة من المواهب، إلا أن المسرح الجامعي يظل بحاجة إلى الكثير من "الخطوات الإجرائية" والمفصلية الهامة، كما يقول أصحاب الاختصاص الذين تحدثت إليهم "الوطن" لإضفاء المزيد من الإدراك الثقافي على المستوى المحلي، ويتفقون أيضا على أن الضعف الخاص "للمسرح الجامعي" هو امتداد للضعف العام لبانوراما "المسرح" في الصورة المحلية عامة. حديث المختصين يأتي متزامناً مع اليوم العالمي للمسرح في ال27 من مارس الذي اعتمدته منظمة اليونسكو في 1961، وجرى الاحتفال به من منذ 1962 في باريس تزامنا مع افتتاح مسرح الأمم في باريس. نقاط من "الجدل" المعنوي تمايزت بصورة كلية بين أحاديث أصحاب الصنعة في الجامعات، والنقاد، والتي يمكن إدراجها ضمن المطالبات بإخراج النشاط المسرحي الجامعي من "الأنشطة الطلابية" التي تشرف عليها غالبا عمادة متخصصة ترعى شؤون الطلبة، إلى كيان مستقل داخل الجامعة ككلية الفنون الجميلة أو معهد خاص للمسرح. لم ينته الجدل المسرحي عند هذا الحد، بل وصل الاختلاف إلى المحتوى المسرحي، حول من يرى ضرورة خروج المضمون الثقافي من أسوار الجامعة إلى شراكة اجتماعية. ويؤيد هذا الرأي الكاتب المسرحي رجاء العتيبي، في حديثه إلى "الوطن"، قائلا "إن خشبة المسرح فن جمالي، ومنبر حضاري، وليست مجالا لعرض مشاكل الطلاب، باعتبار أن المشكلات ليست محايدة"، إلا أن حديث العتيبي الذي يدير جمعية الثقافة والفنون بالرياض لم يكن ضمن دائرة التأييد في هذه الجزئية مع حديث المخرج المسرحي بجامعة الطائف محمد بن مستور القرني الذي فصل في حديثه إلى "الوطن" هذه الجزئية قائلا "إن المسرح الجامعي يجب أن يهتم بالقضايا الطلابية وغيرها من القضايا الأخرى بشكل متواز وشفاف، مما يؤدي في النهاية إلى رفع المستويات المعرفية والثقافية عند الطلاب حول مختلف القضايا الاجتماعية والوطنية التي يعايشونها". ويضع القرني في سياق حديثه الإشكالية المسرحية الجامعية، في خانة "الدعم اللوجستي والتأسيسي"، ويوضح ذلك قائلا "رغم النجاحات التي يحققها المسرح الجامعي، إلا أنها تقع في دائرة الاجتهادات الفردية للطلاب، فأغلب مسارح الجامعات، رغم الموارد المالية الموجودة، هي غير مهيأة تماما، لا من حيث عمق خشبة المسرح الركيزة الأساسية في الأداء المسرحي، ولا حتى بالعناصر المساعدة، الأمر الذي يضطرنا إلى إجراء التعاقدات مع الجهات الخارجية التي تكلف موارد ضخمة عند كل مسرحية". المخرج المسرحي والمتابع للحركة المسرحية الجامعية فريد جوهر أعطى رأيا موافقا لما ذكره القرني في تهيئة المناخ العام في الجامعة، حيث أكد في تعليقه "ضرورة تعيين متخصصين مسرحيين، وكتبة سيناريو محترفين، ومهندسي ديكور وإضاءة يكونون في خدمة أطوار المسرح الجامعي، بدلا من أسلوب التعاقدات الخارجية عند إقامة أي مسرحية". وطالب القرني الذي قام بالتمثيل والإخراج لأكثر من مسرحية داخل الحرم الجامعي بإنشاء مسارح متخصصة داخل الجامعات بعيدة عن تصاميم القاعات التي غالبا ما تنشأ لغرض إلقاء المحاضرات والندوات، واتفق مع العتيبي في نقطة التمثيل المسرحي لجهة مختصة بالمسرح، وذلك للدور المعرفي الكبير الذي يلعبه في تنشيط الثقافة الخاصة بالطلبة. يعود رجاء العتيبي إلى تقديم سلسلة من "الإجراءات" التي قال عنها إنها بمثابة نصائح مدروسة لتنشيط المسرح الجامعي للقيام بدوره المأمول، تتركز في دعم المسؤولين للحركة المسرحية الجامعية، التي فسرها بضرورة إسناد الأمر إلى المتخصصين المسرحيين الواعين لعمق العمل المسرحي، القادرين على نقل ذلك الحراك المسرحي للمجتمع العام، حتى لا تنكفئ الأعمال المسرحية على ذاتها، إضافة إلى تأهيل فريق متدرب ومؤهل تأهيلا علميا وفنيا عبر ابتعاثه لدراسة هذا الفن من المعاهد المتخصصة، واعتباره رافدا ديناميكيا في حياة الجامعات الثقافية. وعلى سياق العتيبي قدم المخرج جوهر أيضا إجراءات متنوعة لتفعيل دور المسرح الجامعي والتي ذكرها تحت بنود "القواعد الأساسية لتنشيط الحراك المسرحي الجامعي"، وهي إعادة النظر في صياغة دور المسرح الجامعي، بما يتوافق مع فكر الأكاديميين، وإقامة ورش تدريبية بعيدة عن الدراسات الأكاديمية، في كيفية صناعة مخرج مسرحي، وكاتب سيناريو، وممثل مسرحي، وأكد على نقطة قال إنها "حيوية" تتمثل في عدم حصر النشاط المسرحي على عمادة شؤون الطلبة، بل من المهم عمل أندية مسرح في كل كلية وقسم، لإضفاء جو التنافس الداخلي لتطوير الحركة المسرحية، مع التشديد على دراسة جميع المذاهب المسرحية، والمشاركة في المهرجانات المحلية والخليجية والعربية. احتفالات باليوم العالمي للمسرح يرعى وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز خوجة الليلة احتفال جمعية الثقافة والفنون بالرياض باليوم العالمي للمسرح، وستفتتح مسابقة مسرح شباب الرياض، وذلك في مركز الملك فهد الثقافي. وتقيم لجنة المسرح بجمعية الثقافة والفنون بجدة مساء اليوم حفلا بمناسبة يوم المسرح العالمي، وستكرم خلاله الأديب الراحل أحمد السباعي الذي شرع في إنشاء أول مسرح سعودي يقدم عروضا درامية مع الكاتب الراحل محمد مليباري الذي كتب له نص مسرحية "فتح مكة" كأول مسرحية سعودية. وفي ذات السياق احتفل مسرح جمعية الثقافة والفنون في الأحساء أمس بيوم المسرح العالمي وذلك في صالة الراحل عبدالرحمن المريخي بمقر الجمعية في الهفوف. وأوضح عضو لجنة المسرح سلطان النوة أن برنامج الاحتفال يشتمل على قراءة لرسالة المسرح العالمي للمسرحي الأميركي جون مالكوفيتش، ويقدمها الفنان عبدالرحمن الحمد، وعرض مشهد تمثيلي لختام الدورة المسرحية الرابعة عشرة "دورة أساسيات التمثيل المسرحي"، وكلمة مسرح الأحساء للمسرحي خالد الخليفة، وعرض مسرحية مونودراما "التائه"، وهي من تأليف وإخراج إبراهيم الخميس وتمثيل عبدالرحمن المزيعل، مبينا أنه في مثل هذا اليوم تتجدد الأمنيات وتختلط الآمال والأحلام، لافتا إلى أن (أبو الفنون) يستحق منا كل هذا العطاء وهذا الوفاء، وأن المسرحي السعودي استطاع التغلب على الكثير من الظروف التي تعترض طريقه، وأثبت للعالم وفي كثير من المهرجانات المسرحية العربية والدولية بأن الطموح والإرادة والإيمان بقيمة هذا الفن، دفعته إلى الأمام وإلى التميز والنجاح.