تواصلت أعمال العنف في سورية أمس حاصدة عشرات القتلى، لاسيما في حمص التي تئن من قصف أحيائها، فيما شهدت البلاد استفتاء على مشروع دستور جديد، دعت المعارضة لمقاطعته، معتبرة أن لا شرعية له، ووصفته بالمهزلة، بينما استؤنفت المفاوضات بين اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمعارضة والسلطات السورية لإجلاء عدد من ضحايا القصف، وبينهم صحفيون أجانب، من مدينة حمص. وفتحت مراكز الاقتراع في السابعة صباحا ليدلي أكثر من 14 مليون سوري بأصواتهم في الاستفتاء على الدستور الجديد، الذي يلغي الدور القيادي لحزب البعث. وحلت فقرة تنص على "التعددية السياسية" محل المادة الثامنة التي تشدد على دور حزب البعث "القائد في الدولة والمجتمع". كما تنص المادة 88 على أن الرئيس لا يمكن أن ينتخب لأكثر من ولايتين كل منها من 7 سنوات. لكن المادة 155 توضح أن هذه المواد لا تنطبق على الرئيس الحالي، إلا اعتبارا من الانتخابات الرئاسية المقبلة التي يفترض أن تجري في 2014. وبذلك يستمر الأسد في الرئاسة 14 عاما أخرى، حتى عام 2025. ودعت المعارضة السورية إلى مقاطعة الاستفتاء، معتبرة أن "نظاما بلا شرعية، دستور بلا شرعية". ووصف وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله الاستفتاء "بالمهزلة"، مشيرا إلى أن عمليات التصويت "الصورية" لا يمكن أن تعد إسهاما في حل الأزمة الراهنة. وطالب الرئيس السوري بشار الأسد بوقف العنف بحق المعارضين وإفساح الطريق أمام تحول سياسي في سورية. وصوت الأسد وعقيلته أسماء بمركز للاستفتاء في مبنى التلفزيون بساحة الأمويين القريبة من مكاتب القصر الرئاسي، وسط إجراءات أمنية مشددة، وقال الأسد عقب الإدلاء بصوته إن "الهجمة علينا إعلامية، وإعلامنا يقوم بجهود كبيرة". وأضاف "نحن على الأرض أقوى ونريد أن نربح الأرض والفضاء الإعلامي". من جانبه، قال عضو الهيئة العامة للثورة السورية هادي العبدالله من حمص "الاستفتاء نوع من الحوار، ولا حوار مع القاتل"، مشيرا إلى أن الدستور الجديد يسمح لبشار الأسد بالترشح مرة أخرى للرئاسة. وأضاف "كما أننا نعرف أن لا انتخابات نزيهة يمكن أن يقوم بها هذا النظام. المواطنون يعرفون أن الأمر مثير للسخرية". وتابع "لا منزل في حمص إلا وفيه قتيل أو جريح أو مفقود أو معتقل، فكيف يذهب أفراده إلى الاستفتاء؟". وفي شريط فيديو وزعه ناشطون على شبكة الإنترنت مشيرين إلى أنه التقط أمس في بابا عمرو، تظهر انفجارات تتعالى منها سحب دخان أسود. ويقول صوت مسجل على الشريط "هذا هو الدستور الجديد. من يطلب الحرية يقصف ويرجم بالصواريخ. ها هي بابا عمرو تدك بالصواريخ". وأشار العبدالله إلى أن "القصف الصاروخي والمدفعي مستمر على حمص وخصوصا على بابا عمرو وأحياء جديدة مثل الحميدية". وأضاف "أحياء مثل جوبر والسلطانية والإنشاءات القريبة من بابا عمرو تتعرض لتضييق بإطلاق النار على المنازل واقتحامات لمنازل يتم طرد الأهالي منها وسلبها وإحراقها"، مشيرا إلى اقتحام في حي كرم الزيتون في حمص. وقتل أمس تسعة مدنيين بإطلاق نار وقذائف في حيي الحميدية وبستان الديوان بحمص. كما قتل ثلاثة مواطنين آخرون بإطلاق نار وقذائف على أحياء أخرى. كما سقط "4 من القوات النظامية بينهم ضابط باشتباكات في الحميدية مع مجموعة منشقة". وفي محافظة درعا قتل 7 أشخاص بينهم 5 من عناصر الأمن باشتباكات بين القوات النظامية ومجموعات منشقة، في مدن داعل وعلما والحراك ونوى. كما سجل المرصد السوري مقتل مواطن برصاص قناصة بمدينة إعزاز في محافظة حلب". وفي إدلب أفاد المرصد عن مقتل "مواطن إثر إصابته بإطلاق رصاص من حاجز أمني بمدينة معرة النعمان". واستؤنفت أمس المفاوضات التي تجريها اللجنة الدولية للصليب الأحمر مع السلطات والمعارضين السوريين لاجلاء جرحى بينهم صحفيان غربيان، الفرنسية أديت بوفييه والبريطاني بول كونروي، من حي بابا عمرو في حمص. ولم تسفر المفاوضات التي استمرت 12 ساعة أول من أمس عن نتيجة.