بعد مرور عامين من رصد تحركاته اكتشف "أبو فارس" أن ابنه ذا الثمانية أعوام هو من يروي لوالدته يوميات أبيه، في الوقت الذي استغلت فيه الأم براءة الطفل بتوظيفه جاسوساً ينقل لها تحركات ولقاءات والده بسؤاله عما شاهده معه بطريقة غير مباشرة. وبذلك لم تقتصر وسائل مراقبة الزوجات لأزواجهن على التنصت على المكالمات، أو تفتيش الملابس، والمحافظ، والجوالات. بل امتدت إلى إرسال الأطفال مع آبائهم لرصد ما يدور بعيداً عن أعينهن خارج أسوار المنازل، متجاهلات بذلك التأثيرات والانعكاسات السلبية المستقبلية التي تحدث لأولئك الأطفال نتيجة تعويدهم بالتربية على "التجسس". يقول أبو فارس "كانت زوجتي تطلب مني عندما أتأهب للخروج من المنزل أن يرافقني ابني الأكبر، متعللة بأنه يزعجها بالمشاجرة مع باقي إخوته الصغار، وبعد عامين اكتشفت أن من يرافقني هو مجرد "جاسوس صغير" استغلت والدته براءته وصراحته لمعرفة ما يحدث معي خارج المنزل. وأضاف أنه اكتشف ذلك بعد أن وجد مع طفله ذات يوم 50 ريالا، وسأله عن مصدرها فرفض إخباره، وعندما أكد له أنه سيدفع له الضعف في حال اعترف له، أخبره الطفل أنها من عند والدته مقابل إخبارها عن أخبار والده ، مشيراً إلى أنه واجه زوجته بذلك، فبررت تصرفها بغيرتها عليه وخوفها من التعدد. وقال عادل الحربي إن الخلاف اشتد ذات يوم بينه وبين زوجته، وإذ بها تذكر له زياراته، وما دار بها من أحاديث في بعض الأيام لأحد أقاربه، واتهمته بنية الزواج من ابنتهم، مشيراً إلى أنه لم يكن يخبرها بزياراته الخاصة تلك، وأن زوجته لا تحدثه إلاّ عن الزيارات والأحداث التي يرافقه بها الأطفال. وأضاف "قررت أن اصطحب في كل زيارة واحدا من الأطفال، لأكتشف بعد ذلك أن ناقل تلك الأحداث هي ابنتنا ذات العشرة أعوام، وحينها لم أتمالك نفسي فعاقبتها بالضرب أمام أعين إخوتها لئلا تكرر فعلتها مستقبلاً". وترى نورة الرحيلي ( معلمة) أن استغلال بعض الأمهات لبراءة أطفالهن بتوظيفهم كمخبرين عن تحركات والدهم اليومية عبث ببراءتهم وصفاء عقولهم، وتعويدهم على سلوكيات سيئة قد تستمر معهم في المستقبل، وتؤثر على حياتهم وحياة أبنائهم. وقالت إن "بعض الزوجات عندما تراودها الشكوك حول سلوكيات وتصرفات زوجها تبحث عن ما يخدمها بالموضوع، وترسل الأطفال مع والدهم مستغلة بذلك تلقائية وصراحة الطفل الذي يسرد ما واجهه مع والده بالتفصيل. من جانبه أشار الاختصاصي النفسي بمستشفى الصحة النفسية بالمدينة المنورة ناصر عطية الله الذبياني إلى أن "إرسال المرأة لأطفالها مع الزوج بحجة الترفيه عنهم، أو بدعوى انشغالها بأعمال في المنزل، أو أنها مريضة، ما هي إلا طريقة من طرق النساء عندما تنسج خيوط الشك حول زوجها" مشيرا إلى أن مما يثير شكوك الزوجة المكالمات المطولة في الجوال، أو جلوسه متصفحا الإنترنت لفترات طويلة، أو غيابه عن البيت، وكثرة الاستئذان من الزوجة للخروج بمفرده. وأضاف "عندما يعود الأطفال تبدأ الزوجة بالتحقيق معهم مستخدمة بذلك فنون التدليل والتعزيز الإيجابي للطفل الذي يتكلم أكثر عن والده، كسؤال الطفل أين ذهبتم؟ وبمن التقيتم؟ ومع من تحدث والدك؟ فيصبح الطفل جاسوسا على والده". وأكد الذبياني أن هذا الأسلوب لا يصدر إلا عن المرأة صاحبة الشخصية الشكاكة، أو التي لا تثق في نفسها، ولديها ضعف في شخصيتها، أو المرأة التي تعاني من الغيرة المرضية، وقال إن كان هناك سبب يستدعي للشك أو الغيرة فيجب على الزوجة عدم استخدام أطفالها في التجسس على والدهم، وأن تحاور زوجها بعيدا عن الأطفال، والتقرب له بالحب المتبادل والتسامح، وإعطائه الثقة ومحاولة جذب الزوج إلى البيت، وتوفير جو أسري يستمتع فيه الزوج والعائلة. وينصح الاختصاصي النفسي الزوجات بعمل جدول للأسرة يشمل الصلوات، والوجبات، ومشاركة الأطفال في اللعب، ووقتا للمذاكرة، وتحديد وقت لنومهم، وجلوس الأسرة أمام التلفاز، وممارسة الأنشطة الرياضية والترفيهية، وتخصيص وقت للجلوس مع الزوج لمناقشة أمور الأسرة، وآخر للتنزه، مشيراً إلى أن تلك الطريقة تخفف من حدة الشك والغيرة بين الزوجين. وأكد الذبياني أن استغلال بعض النساء الأبناء في التجسس على الزوج قد يؤثر تأثيرا نفسيا عليهم، ويصبح الطفل عديم الثقة في نفسه، وينظر لذاته بدونية، وعدم ثقة في أسرته ونظرة سلبية لوالديه، ويتعلم كذلك المراوغة والكذب، ويتولد لديه الخوف المرضي والقلق والأحلام المزعجة، والشك، والريبة تجاه الآخرين، وقد يكون عرضة للاضطرابات النفسية، أو الانحرافات السلوكية، كتعاطي المخدرات، أو التمرد على الوالدين، وعدم الثقة في النساء، وخاصة أقرب النساء إليه والدته وأخواته والزوجة مستقبلا، إضافة إلى كثرة المشاكل الأسرية التي تنتظره في حياته المستقبلية.