تعتبر مشكلة البطالة واحدة من المشكلات التي تستحق الدراسة والبحث لإيجاد الحلول المناسبة لها والقابلة للتطبيق. فالمقصود بالبطالة عدم وجود فرص عمل مشروعة لمن توافرت له القدرة على العمل والرغبة فيه. فنحن لا نتحدث عن البطالة الموسمية أو الانتقالية فما يعنينا هنا هو البطالة الجماعية، وهي المعرفة أعلاه كونها أول مشكلة تواجه خريجي الجامعات والكليات أو المعاهد التقنية. إن الحراك الدراسي للطالب المنطلق من الطموح للحصول على الوظيفة المأمولة ينحصر مع شروق شمس التخرج، فنوع الدراسة هو القاعدة العريضة للبحث في النطاق الضيق عن المكان الملائم الذي يسخر فيه الباحث عن العمل دراسته وعلومه بمجال تخصصه الدراسي للاتجاه الصحيح لاستثماره في ميدان العمل، وعلى قائمة مكتب العمل تجد المتسابقين على الكسب الشريف يلهثون للنيل بالفرصة (شبه المعدومة) التي يطول تحقيقها لمدة ليست بالقصيرة. وهو ما يعود على الشاب بالعجز عن الكسب المشروع بعد أن قطع شوطاً في مجال المعرفة مع أنه يبحث عنه بكل الطرق النظامية، في مظهر واضح للبطالة السافرة، التي يكون كبح جماح رعونتها بالتمسك بحبل الأمل الضعيف، الذي قد ينزلق من يده بتمهل ليقع بين فكي اليأس المنتهي به إلى سرداب مظلم تنهش فيه الجريمة والغرائز المحرمة سنين الانتظار. الأمر الملكي القاضي باحتواء الجامعات السعودية جميع خريجي الثانويات وما سبقه من صرف إعانات للعاطلين عن العمل من الجنسين ينطلق من الحرص على شباب الوطن من الانزلاق في وحل الجريمة أو الشعور بالإحباط من واقع الحياة المادي، فبين الجنايات والمصحات النفسية تقبع البطالة كقاسم مشترك لكل أفرادها. المملكة لا تزال تحمل شواغر كثيرة في القطاعين العام والخاص وفرص إحلال الوظائف التي يشغلها الأجانب بسعوديين كثيرة، ولا بد من إعادة النظر في عمل المواطن السعودي بالمهن اليدوية والوظائف الإدارية لا تزال بحاجة لسد ثغرة النقص بها، وهذه النظرة هي ما يعلق عليها شباب الوطن آمالاً كبيرة في الانطلاق إلى مجال الكسب الشريف وبناء مستقبلهم. فدور وزارتي العمل والخدمة المدنية لا يزال دون تحقيق رغبات الباحثين عن عمل من قبل الجنسين، ولا أدل على ذلك من تزايد نسبة البطالة في مجتمعنا دون نشر خططهما المستقبلية بكل شفافية للحد من انتشار هذا الداء على الأقل أمام الجمهور. ما آمله أن يلتفت كل مسؤول في الوزارتين إلى كل متقدم لطلب وظيفة بأنه أخوه أو ابنه الذي يقبع خلف سلاسل الحرمان من الكسب الشريف بعين الرأفة والتشمير عن ساعدي العمل في الحفاظ عليه وحمايته من داء البطالة. البطالة التي يعاني منها الكثير من الشباب من الجنسين داءٌ خطير يجب استئصاله من جسد الوطن حتى تعود ثمار عافيته إلى مرافق الدولة، في احتواء هذه الشريحة من التطرف والانحراف السلوكي والفكري ولكي لا يصبح العاطلون أسرى للضياع.