بدأت البنوك السعودية والمؤسسات المالية خلال الأيام القليلة الماضية بتحركات جدّية نحو إيجاد هيكلة جديدة لصناديقها الاستثمارية الموجهة لسوق الأسهم المحلية، بهدف جذب رؤوس أموال المستثمرين الراغبين في دخول هذه السوق عقب الخسائر الحادة التي منيت بها محافظهم الاستثمارية خلال السنوات الخمس الماضية. وبدأت تحركات البنوك في هذا الخصوص، في ظل انسحاب نحو 70 % من قيمة استثمارات المساهمين في هذه الصناديق خلال الفترة الماضية نتيجة للخسائر الحادة التي تكبدوها، يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه تداولات سوق الأسهم في الأسابيع القليلة الماضية تعاملات إيجابية قادت إلى ارتفاع معدلات السيولة النقدية المتداولة. وبحسب معلومات حصلت عليها "الوطن" أمس فإن البنوك والمؤسسات المالية تعمل حاليا على إيجاد طريقة استثمارية جديدة من الممكن أن تحفظ للمستثمر جزءا كبيرا من رأس ماله في حال حدوث أي تراجع حاد في سوق الأسهم، وتنص هذه الهيكلة على أن يستثمر ما نسبته 80 % من هذه الأموال في سوق الصكوك و السندات، وأن تكون النسبة المتبقية البالغة 20 % للمضاربة عالية المخاطر في سوق الأسهم. وأمام هذه التحركات من قبل البنوك والمؤسسات المالية دعا خبراء اقتصاديون البنوك السعودية والمؤسسات المالية إلى أن تثبت كفاءتها خلال الفترة المقبلة في إدارة أموال المستثمرين في سوق الأسهم، خصوصا أن معدلات الثقة بين هذه المؤسسات والمستثمرين تراجعت بقوة في ظل الخسائر الفادحة التي تكبدتها محافظهم الاستثمارية. وقال الخبير الاقتصادي فضل البوعينين في حديث إلى "الوطن" أمس :"المؤسسات المالية تؤمن أن هناك نموا متوقعا في سوق الأسهم المحلية، وهي تحاول أن تستغل هذا النمو لمصلحتها من خلال صناديق الاستثمار"، مضيفا "في حقيقية الأمر فإن تجربة المستثمرين مع هذه الصناديق كانت مؤلمة جدا في السنوات الخمس الماضية نتيجة للخسائر الحادة التي تكبدها المستثمرون من هذه الصناديق". وتابع البوعينين :"في الفترة الماضية كانت هناك شائعات حول استغلال بعض مديري الصناديق أموال صغار المستثمرين لمصلحة كبار المستثمرين، من خلال عقد صفقات ما كانت لتتم في ذلك الوقت لولا العمليات المتفق عليها مسبقا". وحول كيفية بناء جسر جديد من الثقة بين الصناديق البنكية والأفراد قال البوعينين :"المستثمر يتحرك بين الخوف والطمع ومع ارتفاع السوق لا بد من تحرك الطمع في نفوس المستثمرين، وهو المحرك الذي سيقودهم من جديد إلى سوق الأسهم وإلى صناديق الاستثمار في المؤسسات المالية". وطالب البوعينين المؤسسات المالية بأن تثبت كفاءتها وخبرتها في التعامل مع السوق من خلال الصناديق مضمونة رأس المال، وهي الصناديق التي يتم العمل بها في الأسواق العالمية، مشيرا إلى أن المؤسسات المالية تحتاج إلى مزيد من الشفافية مع المستثمرين. من جهته أكد الخبير الاقتصادي فهد السالم في حديث إلى "الوطن" أمس أن أداء سوق الأسهم الإيجابي خلال الأسابيع الماضية سيقود إلى عودة أموال المستثمرين المهاجرة إلى الأسواق العالمية بسبب الأداء السلبي الذي كانت عليه تعاملات السوق المحلية في الفترة ما بين عامي 2006 و 2010 م. وأشار السالم إلى أن تحركات البنوك هذه الفترة نحو إيجاد هيكلة جديدة لصناديقها الاستثمارية في سوق الأسهم المحلية، جاء نتيجة طبيعية للأداء الإيجابي الذي تمر به تعاملات السوق خلال هذه الفترة، إضافة إلى التوقعات الإيجابية التي تسيطر على أذهان مسؤولي الصناديق البنكية تجاه السوق للفترة المقبلة. إلى ذلك كشف خالد السلطان وهو مستثمر في سوق الأسهم السعودية أنه اعتمد منذ مطلع تعاملات العام الجاري على المضاربات الأسبوعية في تعاملات سوق الأسهم، وقال "هذا الأمر نتيجة للأداء الإيجابي لتعاملات السوق هذه الفترة، وما يؤكد على صحة هذا الكلام هو ارتفاع قيمة السيولة النقدية المتداولة خلال الأسابيع الأربعة الماضية، وبلوغها أرقاما ً قياسية لم تحققها من نحو 3 أعوام متتالية".