يفضل المعلم "أبو مقرن" قضاء إجازته في "الحماد"، وهي منطقة برية خلابة، حيث يقول: "ما يميز المناطق الشمالية وقت الشتاء هو الطلعات البرية الجماعية، حيث أستمتع باصطحاب عائلتي إلى "الحماد"، فننصب الخيام والتي تكون ملجأ للأطفال والنساء لحمايتهم من البرد، وواسعة بحيث تتسع لأكبر عدد ممكن من أطفال العائلة الواحدة، لأن الأطفال، وبحسب طبيعتهم، يفضلون مثل تلك الطلعات، كذلك لا بد من نصب خيام أخرى خاصة بالفتيات المتقاربات في السن، حتى تتوفر لهن الأريحية والخصوصية أثناء تجمعهن". وهكذا يفضل عدد من العائلات النزهات البرية.. يخرجون إلى "الحماد"، "الهوة"، "النفود"، "الحرة"، "القرية"، "الخلاد"، لما تتميز به تلك الأماكن من تضاريس تستقطب عشاق الطلعات البرية، والتخييم، خاصة في الإجازات القصيرة، وينصبون خيامهم، حيث تحلو جلسات السمر الليلية حول جمر الغضا المتوهج، وبجانبه شاي المخدار، الذي يفضله عدد من العائلات، إلى جانب قرص الجمري المعد على الجمر. وعن مشقة الطريق، خاصة بصحبة الأطفال، يقول أبو مقرن: "الفرحة في النزهة البرية تنسي رب الأسرة كل تلك المشقات، ففرحة الأطفال والنساء بتلك الطلعات لا يمكن وصفها، خاصة طلاب المدارس والأمهات العاملات لأخذ أوقات ممتعة، بعيدا عن صخب المدن وضجيجها، وبعيدا عن وسائل التقنية التي ساهمت وإلى حد كبير في عدم تقارب أفراد الأسرة الواحدة". ويتابع: "أجمل ما في الطلعات البرية عدم وجود وسائل للاتصال، سواء الجوالات أو غيرها، عدا وسيلة اتصال واحدة أحتفظ بها وهي نقال "الثريا" تحسبا لأي طارئ، لا قدر الله". أما نايف الضويحي فيفضل الطلعات البرية برفقة الأصدقاء، بعيدا عن متطلبات العائلة، حيث يقول: "أفضل الطلعات البرية برفقة الأصدقاء بعيدا عن طلعات العوائل". وعن فائدة الطلعات البرية يقول: "بلا شك أن النزهة البرية، ولاسيما الطويلة، فيها ترويح عن النفس، فالهواء النقي، والبعد عن الضوضاء يشعر الفرد بأريحية لا يمكن وصفها. والجلسة البرية حول النار، وتبادل أطراف الحديث في جو هادئ لا تشوشه قنوات الاتصال تشعر الفرد بنقاء الأفكار، واتزان في المزاج". وعن الفرق بين الطلعات الشبابية والعائلية يقول: "الطلعة العائلية لا تناسبني، لأنني أفضل الهدوء. والخروج بمعية الأطفال يشعرني بالتوتر، خاصة إذا ما كان في الطلعة البرية العائلية طفل أختي الصغير "جراح"، فهو مدينة كاملة بصخبها وضوضائها". ويستطرد قائلا: إن "افتراش الأرض والتحاف السماء يجعلان الإنسان ينعم بهدوء مطلق، ويتيحان له فرصة كبيرة في التأمل، وتذوق جمال الطبيعة، والتدبر في ملكوت الرحمن". ولكن الطالبة الجامعية سهام العنزي لها رأي آخر، حيث تقول: "في مثل هذا الوقت لا أحبذ الطلعات البرية، فهي تشعرني بالوحدة، ولا يمكنني أن أتخيل البعد عن أجهزتي الإلكترونية لدقائق، فما بالك بأيام؟". وتضيف "دائما ما أدخل في خلافات مع أمي نتيجة عدم رغبتي في الطلعات البرية التي لا تناسبني، وينتهي بي المطاف بأن أمكث لعدة أيام عند أختي التي تعمل ممرضة، وأضطر لأن أتحمل معاناة اللعب مع أطفالها المزعجين". وترى نايفة الشمري (ربة منزل) أن المناطق الشمالية تتميز بمتنزهاتها البرية، ففي مثل هذا الوقت تشد الرحال إلى البر، حيث اللهو بالنسبة للأطفال والكبار. وعن متطلبات الرحلة البرية تقول: "قبل الرحلة بيومين أوفر جميع متطلباتها والتي أدونها مسبقا على مذكرة خارجية، حتى لا أنسى شيئا منها". وتعترف نايفة أنها تواجه بعض المشكلات خلال الإجازة القصيرة، والسبب رفقة ابنتها الكبرى لنا والتي تحمل بين ذراعيها رضيعة صغيرة لم تتجاوز الثلاثة أشهر. من جهتها أكدت اختصاصية التربية الأسرية، مسفرة الغامدي، أن "الرحلات البرية، خاصة الجماعية تتيح للأسرة الواحدة التقارب، خاصة بعد البعد الأسري جراء العمل، والانشغال بالواجبات المدرسية، والبعد والانقطاع الذي تسببت فيه وسائل الترفيه الإلكترونية". وتقول: "مما لا شك فيه أن الطلعات البرية سواء الجماعية على مستوى الأسر المتقاربة، أو على صعيد الأسرة الواحدة تتيح للفرد التقرب أكثر إلى أسرته، خاصة في الأجواء الحميمية التي تتوفر بالقرب من النار المتوهجة، وتبادل أطرف الحديث والتي قد يتخللها سرد الحكايات، سواء عن العمل أو عن مجتمع الأصدقاء، مما يتيح للوالدين الاقتراب أكثر من أبنائهم، على خلاف ما يحدث في البيت خلال العمل اليومي، والذي بالكاد تجتمع فيه الأسرة على أوقات الوجبات الرئيسة، فالكل منهمك في عمله سواء الأم التي تكون منهمكة في أعمال البيت، أو الأب الذي يصل إلى المنزل مجهدا من العمل، أو على مستوى طلاب المدارس المنغمسين في واجباتهم المنزلية والمذاكرة". وأضافت أن "الأجواء العملية المرهقة تقضي عليها النزهات البرية، التي تساعد على صفاء الذهن، والفكر، والهدوء". وترى الغامدي ضرورة التخطيط للرحلات البرية جيدا، وتقول "إذا لم يُخطط للرحلة مسبقا من قبل العائلة غالبا ما تنتهي بالفشل، والعودة إلى المدينة، لذلك على ربة المنزل أن تأخذ احتياطاتها كاملة أثناء الرحلات البرية الطويلة، أو القصيرة، وعليها أن تدرك تماما أنها مسؤولة عن أسرتها، ولا بد لها أن تتزود بما تحتاجه تلك الرحلة من الأطعمة اللازمة لتدفئة الجسم في مثل تلك الأجواء الباردة. أيضا لا تنسى حقيبة الإسعافات الأولية، وبعض الأدوية اللازمة كخافض الحرارة، والميزان اللازم لقياسها، ولاسيما إذا ما كان برفقتها أطفال صغار".