تحولت أسواق بورسعيد الشهيرة مثل "الثلاثيني" و"الحميدي" و"التجاري" على حد تعبير تجار المدينة الحرة إلى "مقبرة كبيرة"، فمنذ أحداث مباراة الأهلي والمصري البورسعيدي التي أودت بحياة 73 شاباً، بينهم 12 شاباً من أبناء ألتراس ببورسعيد، والباقون من ألتراس الأهلي ومشجعيه، انقطعت وفود الزبائن من المحافظات الأخرى لشراء السلع المستوردة الجديدة، أو حتى المستعملة. وخلت المحلات والشوارع، التي اشتهر أهلها مثل أهالي منطقة القناة بالرقص الشعبي على أنغام السمسمية، في المدينة "الباسلة" من المارة على الرغم من أن فترة إجازة نصف العام كانت دائماً مصدراً للرزق، حيث تتحول فيها بورسعيد إلى خلية نحل للزائرين من المحافظات الأخرى، وهي الفترة التي ينتظرها البائعون لتعويض خسارتهم طوال الموسم. يقول سيد سالم، صاحب فرش للملابس بشارع التجاري قلب بورسعيد، إنه "منذ يوم المباراة لم يدخل بورسعيد أي زائر، ونفتح أبواب محلاتنا بعد صلاة الظهر، وهذا وقف حال ولا يرضي أحدا". وأضاف "لا نتابع الكرة وبلدنا تعيش على التجارة، وليس لها مصدر رزق غيره وإذا توقفت الحركة التجارية لفترة أطول فستكون كارثة على الناس". ويقول محمد عيد (أحد البائعين الجائلين): إن "بورسعيد أول مدينة وقفت ضد الرئيس المخلوع عندما اتهموا المواطن أبو العربي سليمان بأنه يريد قتله، ومن بعدها وبورسعيد في مشاكل مع النظام، واتهمونا وقتها بأننا خونة، وانساق البعض وراء بعض الفضائيات التي تريد أن تشعل البلد ناراً، وكان من آثار الشحن النفسي ضدنا أن هناك محطات بنزين ترفض تزويد السيارات التي تحمل أرقام بورسعيد بالوقود، وتوقفت حركة سيارات السرفيس ببورسعيد والمحافظات، كما منع أصحاب سيارات النقل في ميناء بورسعيد دخول سيارات الوارد من خارج المحافظة التي تحمل مواد غذائية للتصدير خارج مصر كنوع من المعاملة بالمثل". ويضيف عيد إن "أبو العربي كان رجلاً طيباً، وكانت له أزمة مع المحافظة التي أرادت هدم محله، وعندما علم بأن مبارك سيزور بورسعيد في أول سبتمبر سنة 1999 لتفقد بعض المشروعات الاقتصادية الجديدة، أراد أن يوصل له مظلمته من خلال ورقة مكتوبة، وبمجرد محاولته الاقتراب من السيارة التي كانت تقل مبارك، انهال عليه رصاص حرس الموكب، ليسقط شهيداً على مسمع ومرأى من الجميع، ومنذ تلك اللحظة بدأ نظام الرئيس السابق في إلحاق الضرر ببورسعيد، وبأهلها، حيث أصدروا القانون 5 لسنة 2002 الذي قضى بإلغاء المنطقة الحرة على أرض بورسعيد، وتوقفت تماماً عمليات البيع والشراء، وبالتالي أصاب الضرر تجار المدينة وأسرهم، واليوم نعاني من نفس المرارة رغم أننا لم نرتكب جرماً، ومن نفذوا مذبحة استاد بورسعيد غرباء عن المدينة". يذكر أن المحامى البورسعيدي أحمد قزامل قد أصدر كتابا بعنوان "براءة بورسعيد"، أكد فيه أن "المواطن البورسعيدي السيد حسين سليمان وشهرته أبوالعربي بريء من محاولة اغتيال مبارك المزعومة، وأنه لم يكن يحاول اغتيال الرئيس السابق، ولم يكن يحمل سلاحا، وإنما هو مواطن بسيط اندفع بتلقائية نحو سيارة مبارك، وهنا تسرع حرس مبارك، وبادروا بإطلاق النيران عليه ليسقط قتيلاً في الحال".