دفعت سيطرة عمالة وافدة على أسواق وحظائر الأغنام بالرياض، إلى ارتفاع جنوني للأسعار، حيث تجاوز السعر 2000 ريال للخراف ذات الحجم الكبير، وسط مطالبات المستهلكين بمراقبة الأسواق والقضاء على ظاهرة الاحتكار التي يقوم بها وافدون عبر شراء ما يصل للسوق من أغنام و"تجميعها" في حظائرهم ومن ثم بيعها على المستهلكين بأسعار مرتفعة. وخلال جولة "الوطن" في سوق الأغنام بحي النظيم شرق الرياض رصدت عددا من "شريطيّة الأغنام" الوافدين الذين يتواجدون بكثافة في السوق، يرتدي بعضهم زيّه المعتاد، فيما يتنكّر آخرون وراء الزي السعودي "الثوب والشماغ"، لكن تفضحهم لهجاتهم وتنكشف جنسياتهم. ورصدت الزيارة التفافهم حول مزاد الأغنام التي تصل للسوق وشراء الخراف المناسبة للذبح ومن ثم نقلها لحظائر "شبوك" مجاورة للسوق والتحكّم في أسعارها، حيث راقبت "الوطن" أحدهم، حيث وقف في مزاد ل 11 رأسا من الخراف متوسطة الحجم من النوع النعيمي لترسو عليه بسعر 1200 ريال، وحين ينقلها لحظائره يطلب 1500 ريال للرأس، بمكسب 300 ريال لكل رأس، ويضطر المستهلكون المغلوبون على أمرهم للشراء منه كما هو الحال لدى العمالة الآخرين الذين يمارسون نفس الدور، فكلما زاد مبلغ شرائهم يرفعون نسبة أرباحهم حتى إنه لا يجد الزبون خرافا مناسبة للذبح بأقل من 1200 ريال للصغيرة، و1500 للمتوسطة، وأكثر من 2000 ريال للكبيرة، في حين أن أسعار شرائها من مربي الأغنام أقل بكثير من هذه المبالغ. وخلال الجولة لوحظ توجّس بعض هؤلاء الشريطية الوافدين من محرر "الوطن" وكاميرا التصوير، وبسؤال بعضهم عن المبالغة في الأسعار أجابوا بأنهم يستطيعون اقتناص فرص الشراء من الباعة الذين يحضرون أغنامهم من البراري القريبة من الرياض لبيعها في السوق، خاصة يومي الخميس والجمعة اللذين يعتبران ذروة السوق، ويستطيعون كسب مبالغ مناسبة في كل مرة يشترون فيها. وذات السلوك رُصد في بعض الحظائر المنتشرة في بعض المواقع كالمخططات والأراضي الفضاء، حيث يتواجد عدد من العمالة الذين يكدّسون أنواعا متعددة من الخراف في حظائر عشوائية ويتحكّمون في الأسعار، حيث يتظاهرون بأنهم يعملون لكفلائهم ويقبضون رواتب شهريّة نظير تسويقهم للأغنام، فيما غالبيتهم يعمل لحسابه الخاص، ويضيفون لممارسة البيع مهنة أخرى هي "الجزارة" ، حيث يقومون بذبح وسلخ الأغنام المباعة في مسالخ تفتقد للشروط الصحيّة كالنظافة والكشف البيطري. وقال المواطن عيضة المسيلي إنه يرتاد أسواق الأغنام بانتظام ويقف على ظاهرة سيطرة العمالة الوافدة على السوق، حيث لا يتواجد المواطن في السوق إلا لبيع مواشيه التي بحوزته أو يكون زبونا لشراء الذبائح من السوق ليبقى الوافدون لشراء و"تجميع" الخراف التي تصلح للذبح في حظائر تقع في محيط السوق، ومن ثم بيعها على الزبائن بأسعار تزيد عن رأس مالهم بمبالغ كبيرة تصل في بعض الأحيان إلى كسب أكثر من 300 ريال في كل رأس، مؤكدا أن "الشريطيّة" أحد أهم أسباب الارتفاع الجنوني لأسعار الأغنام، لافتا إلى أن خطر هؤلاء العمالة لا يقتصر على مبالغتهم في الأسعار على المستهلكين فحسب، بل يتعدّاه إلى تسويق خراف مريضة وهزيلة على بعض الزبائن وأصحاب المطاعم الذين يبحثون عن مثل هذه الأغنام لتدني أسعارها. ويطالب المواطن فهد المطيري بمراقبة أسواق الماشية لحماية المستهلكين من الاحتكار الذي يمارسه هؤلاء العمالة، مشيرا إلى تفاوت كبير في الأسعار حينما يذهب لشراء الخراف من مقرّات أصحاب الماشية في الهجر القريبة من العاصمة وبين التي تباع في الأسواق، حيث لا يجد سوى باعة وافدين يقومون بتدوير الأغنام المباعة حتى تصل للمستهلك بأسعار مبالغ فيها لا يستطيع شراءها الفقراء وذوو الدخل المحدود.