تختلف الحسابات والمخططات التكتيكية في مباراة (خروج المغلوب) التي تجمع الغريمين التقليديين الهلال والنصر اليوم بثمن نهائي مسابقة كأس ولي العهد. فخلاف التنافس التقليدي بين الفريقين الذي يعتبر أكبر حافز لرغبة كل طرف في هزيمة الآخر، إلا أن هذا الحافز سيتغير في نوعية مباريات خروج المغلوب التي تكون فيها فرص التعويض ضعيفة إلى حد كبير، وهذا ما يتوقع أن يلقي بظلاله على أعصاب ونفسيات اللاعبين، وعلى تفاعلهم قبل وأثناء المباراة، ما يعني تقييدهم في أول الدقائق واستمرار الحذر طويلاً متى بقيت النتيجة سلبية، على أن يتبدل الحال والتحركات، والتفاعلات "ميدانياً، لمجرد تقدم أحدهما، لأن شرارة الهدف ستحرر اللاعبين كثيراً، وتحول المباراة إلى كر وفر من الجانبين يضمن ارتفاع رتمهما إلى درجة محفزة. التحضير النفسي يعتبر التحضير النفسي للاعبين قبل المباراة أولى الخطوات المهمة التي يبحث عنها الجهازان الإداري والفني اللذان يطمحان في ظهور اللاعبين في أفضل صورة قبل أن يهموا إلى تطبيق الواجبات التكتيكية، وكذلك لضمان نجاحهم في إجادة الابتكار واللجوء للحلول الفردية في الوقت والمكان المناسبين. الظروف المحيطة بالمعسكرين "الأصفر" و"لأزرق" تبدو متقاربة إلى حد كبير، وكلاهما يعيش فترة "حرجة" لعدة عوامل ألقت بظلالها على حال الاستقرار والانسجام، فالهلال يعاني غيابات مؤثرة في أجانبه، والنصر يعاني من تغييرات دائمة تطال التشكيل الرئيس لفريقه. اجتهادات واكتشافات فنية سيحاول كل جهاز فني البحث عن أفضل الحلول التي تمكنه من الإطاحة بالآخر، فالهلال سيعتمد على خبرة الجابر في إدارة هذه المباراة، وهو قادر على توظيف اللاعبين حسب رؤيته الفنية بالذات أن قربه من المدرب المقال، الألماني توماس دول سيسهل عليه كثيرا من الصعاب، وربما يوفق في خلق توليفة تحقق المطلوب في هذه المباراة، ولن يكون للمدرب "الموقت" للفريق مدرب أولمبي الهلال، الألماني بايونان تدخلات كبيرة في ظل وجود الجابر، خصوصاً وهو يعلم صعوبة المهمة. في الطرف الآخر فإن الكولومبي ماتورانا قد قطع شوطاً كبيراً في التعرف على قدرات لاعبيه، وبالتالي سيرسم منهجيته التكتيكية حسب العناصر المتوفرة أمامه، وفي الوقت نفسه سيصعب عليه مواصلة التجارب في هذه المباراة الحساسة التي جاءت في توقيت لا يرغبه النصر ومن قبله الهلال للظروف المحيطة بهما. ثبات التشكيل دليل "الواقعية" بكل تأكيد أن المباراتين الدوريتين للفريقين، كانتا أفضل إعداد لهذه الموقعة الحاسمة، فمن الصعب على ماتورانا أن يجري عدة تغييرت على آخر تشكيل لفريقه أمام الفتح، وهو الحال الذي سينطبق على الجابر وبايونان، حيث لا يمكنهما إحداث غربلة على العناصر التي "أحرجت" الأهلي كثيراً رغم الخسارة بهدف.. لذلك فإن الواقعية والمنطقية تؤكد ثبات التشكيل ولو بنسبة 80% تلافياً للوقوع في مجازفة غير محسوبة، تدخل أي منهما في مأزق يصعب الخروج منه، وتورط اللاعبين في موقعة خطيرة كهذه. للحراسة النصيب الأوفر سيكون لحارسي المرمى، حسن العتيبي في الهلال وخالد راضي في النصر، دور بارز في حفظ التوازن، ومنح زملائهم في خط الدفاع ومحوري الارتكاز، مزيداً من الثقة، إلا أن الكفة الفنية تميل نحو العتيبي نتيجة قلة أخطائه التقديرية وهدوئه في التعامل مع هجمات المنافس، إضافة لخبرته الميدانية التي تفوق خالد راضي صاحب المستويات المتفاوتة من مباراة إلى أخرى، ومتى ما كان راضي في قمة حضوره الذهني، فسيشكل مركز ثقل لفريقه بالكامل. الدفاع "علة" الطرفين قد يكون للثبات على لاعبين محددين في خط الدفاع الهلالي لسنوات ماضية، دور في ارتفاع الانسجام لدرجة تحفظ لهذه المنطقة الخطرة توازنها وتقلل من هفواتها، فالزوري والمرشدي وهوساوي يشكلون قوة حقيقية ويضاف إليهم البيشي الذي اندمج بسرعة نظير ثقته في قدراته وثقته بمن حوله. هذا الانسجام لا يعني عدم وقوع خط الدفاع في هفوات مؤثرة أحرجت العتيبي كثيراً، وربما يعود ذلك لانشكاف عمق الوسط، في ظل غياب هرماش والغنام. دفاع النصر لن يكون أفضل حال رغم التحسن الكبير في تمركزه وتفاعله وقلة هفواته، فالغامدي وعيد وهوساوي وبرناوي، يعتبرون أفضل رباعي لدى ماتورانا، خاصة عقب الاستغناء عن الجزائري عنتر، لكن الظهير الأيمن الغامدي يحتاج إلى حماية من قبل أحد محوري الارتكاز أثناء بناء الهجمة حتى يضمن فريقه عدم التداخل في الواجبات، ويكون دوره المزدوج دفاعاً وهجوماً، ذا تأثير إيجابي على فريقه ومربكاً لمنافسه. "المطامع" في الوسط تزخر منطقة المناورة في الجانبين بوجود لاعبين أصحاب مهارة وسرعة وقوة، لذلك ستكون "معركة" الوسط أهم مفاتيح التفوق لكلا الطرفين، فالنصر سيحاول تضييق المساحات أمام سرعة مهارة لاعبي الهلال لضمان تخفيف العبء على دفاع فريقه، وفي الهلال متوقع أن يكون تشكيل الشوط الثاني أمام الأهلي إضافة لوجود الفريدي الأفضل "لفك" تكتل وسط النصر، خصوصاً أن سرعة الدوسري ومهاراته، ستكون مؤثرة في خلخله ترابط لاعبي وسط ودفاع النصر، وتبقى أدوار محوري الارتكاز ذات أهمية قصوى في حفظ وترابط صفوف الفريقين، فغالب وعزيز لديهما تكامل .. الخبرة في عزيز الذي سيدفع به المدرب من البداية رغم غيابه عن حساسية المباريات في المرحلة الماضية، أما السرعة والمخزون اللياقي المثالي، فيوجدان في غالب، وهو ما يميزهما عن الغنام والشلهوب في هذا المركز. الهجوم في "عزلة" وجود السهلاوي وبينو في خط المقدمة النصراوية، لن يكون مؤثراً إلا بالمساندة الفعلية من الزيلعي وعبدالغني، وفي الهلال تبدو مشاركة الكوري بيونج واردة إلى جانب المحياني، وهذه المشاركة لها حسابات تعتمد في نجاح سرعة تفاعل هذا الثنائي مع بعضهما، وتركيزهما على استغلال أي مساحة يفاجآن بها الحارس خالد راضي، بشرط أن يكون للاعبي الوسط أدوار ملموسة في إرباك منافسيهم، حتى يزداد الخطر على دفاعات المنافس، ولضمان الاقتراب من هز الشباك في أي دقيقة من المباراة.