لا يزال المواطن علي آل حيدر يتذكر بمرارة أحداث العام الماضي عندما حاصرت السيول قريته "القرن" بنجران وتسببت في انقطاع التيار الكهربائي عن منازلهم وعزلتهم لعدة أيام عن مراكز النمو، كما لا يزال مشهد الطلاب يرتسم أمامه وهم يتسلقون الجبال هرباً من طوفان المياه للذهاب إلى مدارسهم. ويخشى آل حيدر هو وأهالي قريته من تكرار المأساة خصوصاً في ظل نقص الكوادر الطبية والخدمات المساندة في مركز الرعاية الصحية الأولية، وعدم وجود سيارة إسعاف حديثة لنقل الحالات الطارئة إلى مستشفيات نجران وحبونا، وسرعة إنجاز المبنى الحكومي للمركز الصحي الذي مضى على تنفيذه عدة سنوات دون أن يكتمل حتى الآن. الخدمات الصحية ويقول علي آل حيدر تعاني قرية القرن بنجران من النقص الحاد في الكوادر الطبية والخدمات المساندة في مركز الرعاية الصحية الأولية، وتابع "لا توجد سيارة إسعاف حديثة لنقل الحالات الطارئة إلى مستشفيات نجران وحبونا بالرغم من الحاجة القائمة والماسة لها،" مطالباً صحة نجران بسرعة إنجاز المبنى الحكومي الذي مضت على تنفيذه عدة سنوات دون أن يكتمل حتى الآن، وقال "إن مقاول المشروع يماطل في عملية تنفيذ المبنى،" كما طالب آل حيدر بأهمية توفير جميع الخدمات الهامة والضرورية بالمركز الصحي كطبيبة نساء وقسم أشعة ومختبر متكامل. فيما طالب عدد من الأهالي عبر"الوطن" بتشكيل لجنة للوقوف على أسباب توقف استكمال المشاريع التنموية بقريتهم، وذلك بعد اختفاء عدد من المقاولين منذ سنوات دون متابعة من الجهات المعنية وتبقى آخرون يعملون بين فترة وأخرى دون إنجاز ملحوظ يفك معاناة الأسر والأطفال الذين يسلكون الطرق الوعرة ويلزمون منازلهم وقت هطول الأمطار وتدفق السيول في الأودية لينتظروا من يغيثهم. حلم التعليم وأوضح المواطن حسين آل حيدر أن عددا كبيرا من سكان قرية القرن نزحوا إلى المدن والقرى المجاورة رغبة في إكمال تعليم أبنائهم وبناتهم في المرحلتين المتوسطة والثانوية وذلك لعدم وجود مدارس للبنين والبنات وقال "إنه يوجد في القرية العديد من الأسر التي منعت بناتها من إكمال التعليم، بسبب وعورة الطرق والظروف المالية وعدم توفر وسائل النقل المجهزة والخوف عليهن من مخاطر الطرق الممتدة في بطون الأودية، وطالب بافتتاح مدارس متوسطة وثانوية لمراعاة الظروف الصعبة للطبيعة الجغرافية لقرية القرن، التي أصبح يطلق عليها القرية المعزولة." عزلة القرية وأكد المواطن حيدر قناص أنه عندما تحاصر السيول القرية يصبح سكانها معزولين عن العالم الخارجي لعدة أيام، وقال "ننعزل عن العالم حيث تتسبب الأمطار في قطع التيار الكهربائي فتجد الأهالي يعيشون في ظلام دامس، الأمر الذي يدفعهم للجوء لممارسة حياتهم على الطرق البدائية القديمة باستخدام الفوانيس وطهو الطعام على النار،" وأشار إلى أنه في وقت هطول الأمطار الغزيرة تجرف العديد من الأراضي الزراعية وتتلف المحاصيل لعدم وجود مشاريع لدرء أخطار السيول، وتابع "تحتاج القرية لإنشاء مصدات حماية على المزارع من السيول الجارفة التي تدمر الطرق الترابية المؤدية إلى المنازل الأمر الذي يزيد من معاناة التنقل بالمركبات، حيث يضطرون إلى تسلق الجبال للذهاب إلى المراكز القريبة منهم لتوفير الاحتياجات الضرورية." مشاريع متعثرة من جانبه قال المواطن وعلان آل قناص "استبشرنا خيرا بصدور قرار تنفيذ طريق الشعبة – القرن بطول 13 كيلومترا تقريبا وبدء المقاول في التنفيذ عام 1425 إلا أن الشركة المنفذة للمشروع تسحب آلياتها ومعداتها من حين إلى آخر وما تلبث حتى تختفي ثم تبدأ في العودة، وهكذا منذ 8 سنوات"، وطالب بإنجاز المسافة المتبقية من الطريق البالغة نحو 4 كيلومترات، مضيفا "تقدمنا بعدة طلبات لإدارة الطرق بنجران بصفتها الجهة المعنية لاستكمال الطريق ولكنها لم تحرك ساكنا"، وتابع "في حالة السيول والأمطار يتسلق أبناؤنا الجبال مشيا على الأقدام للوصول إلى مدارسهم بمركز الخانق وخصوصا في أيام الاختبارات الفصلية والنهائية." غياب الاتصال نعيش في عزلة تامة بسبب عدم توفر وسائل الاتصال كالهاتف الثابت والجوال، هكذا وصف الحال مدير مدرسة القرن الابتدائية حمد كندان حيث أشار إلى أنهم يقطعون مسافات طويلة عبر الطرق الوعرة للاتصال بأقاربهم وبعض سكان القرية، وأضاف "اشتريت جوال الثريا للاتصال رغم تكلفته التي زادت من أعبائي الاقتصادية لأتمكن من التواصل مع العالم الخارجي." شح المياه واستغرب المواطن مسفر آل فاران من عدم وجود خدمات بلدية ضرورية في قريتهم وقال "لا توجد خدمات بلدية كالمقابرالتي لم تسور منذ زمن وشوارع القرية مازالت ترابية ومصدر إزعاج لأبنائنا خصوصا المصابين منهم بالربو، بالإضافة إلى شح المياه بسبب تلك الطرق الوعرة التي تسببت في عدم وصول صهاريج المياه وتعطل البئر الحكومية الوحيدة منذ سنوات، حيث أصبحت مهملة وتمثل خطرا على الأطفال، عطفا على موقعها البعيد من القرية في وسط الوادي الذي يشهد سنويا سيولا جارفة قد تتسبب في طمرها وإخفاء معالمها مما جعلنا نعتمد على الآبار الزراعية غير الصالحة للاستخدام الآدمي"، وتابع "والأدهى من ذلك أن بعض السكان يلجؤون إلى المياه الملوثة والمتبقية في وسط الأودية وذلك بوضع مضخات لإيصال المياه لمنازلهم ومواشيهم وهو ما يشكل خطورة على صحتهم"، مضيفا أن التوقف عن العمل في مشروع سد وادي مطاره الذي بدأ العمل فيه قبل عدة سنوات ولكن الشركة المنفذة اختفت. توفر الأراضي ويضيف المواطن حسين مهدي فاران أنه يوجد أرض مخصصة لبناء المشاريع المدرسية للبنات وتم تخطيطها وتحديد موقعها منذ سنوات من قبل الإدارة العامة للتربية والتعليم بنجران ولكنها لم تستثمر حتى الآن، إضافة إلى أن مسافة نقل بناتهم إلى أقرب مدرسة متوسطة وثانوية تتجاوز 20 كيلومترا ذهابا وإيابا عبر طرق وعرة حيث اضطر عدد من الأهالي لاستئجار سكن بالقرب من المدارس ليتمكن أبناؤهم من مواصلة تعليمهم دون معاناة أو مشقة. معايشة المعاناة ويروي المواطن مرجع عيسى موقفا لعدد من أفراد اللجان التي تم تشكيلها للوقوف على احتياجات القرية التي حاصرتها السيول قبل عام بعد ركوبهم في طائرات الدفاع المدني من مركز الخانق للإشراف على نقل مواد الإغاثة حيث قال "نزلوا من الطائرة لرصد احتياجات المواطنين والوقوف على المشاريع ميدانيا وكان من بينهم وكيل محافظة بدر الجنوب ورئيس مركز إمارة الخانق بالنيابة وضابط من الدفاع المدني وبدأ كل منهم بكتابة تقرير حول وضع القرية وما يعيشه السكان من ظروف صعبة، إلا أن الطائرة أقلعت قبل المغرب إلى مدينة نجران قبل أن تقلهم الأمر الذي أجبرهم على قضاء ليلتهم في القرية وسط لسعات الناموس والخوف من لدغات العقارب والثعابين بسبب الظلام الدامس جراء انقطاع الكهرباء ليروا بأم أعينهم معاناة المواطنين المحاصرين طيلة هذه الفترة وقد حاول أعضاء اللجنة الفرار من المأزق ولم يستطيعوا المبيت في القرية تلك الليلة وأصروا على مغادرة القرية مشيا على الأقدام حتى تسلقوا الجبال عن طريق الشعبة واستقبلهم عدد من زملائهم الذين قاموا بإنقاذهم فيما بات سكان القرية في منازلهم يعانون من سوء الظروف المعيشية." دراسة الاحتياجات من جهته أوضح رئيس المجلس البلدي بمحافظة بدر الجنوب طلال آل عباس أن قرية القرن ستحظى بجميع الخدمات البلدية ومنها تسوير المقابر التي سيبدأ العمل فيه قريبا، وأشار إلى أن فريقا من المجلس البلدي سيقوم بزيارة قرية القرن للوقوف على أهم احتياجاتها الخدمية وستتم مناقشتها مع رئيس البلدية ضمن الأولويات المطروحة في الخطط التنفيذية والعملية للمجلس البلدي. نسبة الإنجاز كما أوضح الناطق الإعلامي بصحة نجران صالح آل ذيبة أن نسبة الإنجاز الشهرية للمقاول المنفذ لمشروع مبنى مركز الرعاية الصحية بالقرن 5%، وقال :لدينا تقرير من قبل الاستشاري نهاية شهر 10/2011 يفيد أن نسبة الإنجاز في هذا التاريخ وصلت 21%، وبلغت النسبة المقدمة لنا بتاريخ 29/11/2011 26%"، وقال "إن الاستشاري أفاد بإنهاء المقاول لسقف الدور الأول وسوف تتم مخاطبة الوزارة بهذا الشأن." تحفظ المسؤول وخاطبت "الوطن" مدير عام الطرق بمنطقة نجران بخطاب رسمي عن طريق الفاكس منذ شهر حول تعثر مشروع طريق القرن منذ 8 سنوات لكن لم يتم الرد، كما تم إرسال رسالة نصية لمدير عام الطرق بالنيابة المهندس ناصر بجاش ولم يتم الرد أيضاً.