المار أمام بوابة فندق ماريوت بالرياض الآن ربما يستوقفه مشهد توافد العشرات من ذوي الثياب البيض، والعباءات السوداء من المثقفين والمثقفات الذين دعتهم وزارة الثقافة والإعلام للحضور أو المشاركة في( الملتقى الثاني للمثقفين السعوديين) الذي يطلقه وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز خوجة الليلة برعاية خادم الحرمين الشريفين في مركز الملك فهد الثقافي. وإن كان هؤلاء المثقفون والمثقفات الذين سيملؤون بهو الفندق، أو بهو فندق كراون بلازا، إن لزم الأمر بحسب المتحدث الرسمي محمد عابس، لقاءات تفيض حكيا وشوقا بل وربما شكوى وتذمرا كما هي عادة المثقفين بحسب مراقب، فإن عددا كبيرا منهم، ربما لن يغيب عن ذاكرته مشهد مماثل حينما التقى رهط من المثقفين والمثقفات في سبتمبر 2004 في الملتقى الأول الذي أشاع حينها قدرا من التفاؤل المشبع بالأمل في تدشين مرحلة جديدة للثقافة في السعودية، تعيش استحقاقات العصر، ولم يتردد البعض حينها في إطلاق مسمى (ربيع الثقافة السعودية)، حين طغت وقتذاك روح الألفة والأجواء الاحتفالية على أولى جلسات ملتقى المثقفين، وتفاوتت الأوراق المقدمة ما بين الإنشائي العادي، المتورم بغياب المنهجية والمحددات العلمية في بعض الأوراق وغياب الأهداف التي تستهدف الوصول إليها، وما بين المتجاوز والقوي في مضامينه ورؤيته. اليوم وبعد مضي حوالي سبع سنوات على ذلك الملتقى، وفي سياقات وظروف ومناخات مغايرة إلى حد كبير، يعاود المثقفون تجمعهم. ربما تغيرت وجوه، وغابت وجوه، وستحضر وجوه ربما لأول مرة. لكن المؤكد، أن المسؤولين وقت الملتقى الأول بدءا من أعلى الهرم في وزارة الثقافة الوزير(فؤاد الفارسي)، قد تغيروا، ولكن الذي لم يتغير، - بحسب نظر مثقفين - آلية التنظيم، وطبيعة البرنامج، بل إنه حتى التوصيات التي خرج بها الملتقى الأول والتي لم ينفذ معظمها، سيعاد طرح قضاياها مرة أخرى كالمراكز الثقافية، والجوائز، وثقافة الطفل والفن التشكيلي، وتأسيس اتحاد للكتاب والأدباء السعوديين وما إلى ذلك من عناوين اتسمت بالعمومية، ما قد يثير التساؤل عن مخرجات ما سمي ب (ربيع الثقافة السعودية ) وقتها!! وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية الدكتور ناصر الحجيلان قال في بيان صحفي أخيرا: إن الملتقى الذي يستمر لمدة أربعة أيام سيدرس ويناقش الأفكار والآراء التي تُساعد الوزارة في صياغة إستراتيجية شاملة للثقافة في المملكة العربية السعودية لكي تُواكب النهضة التي تعيشها بلادنا في شتى الميادين بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وأوضح الحجيلان، أن المناقشات ستجري من خلال أوراق عمل يُقدّمها نُخبة من المفكرين والأساتذة والمسؤولين والخبراء من داخل المملكة وخارجها، وهي أوراق تتناول عددًا من المجالات الثقافية التي تشمل صناعة الكتاب ونشر الوعي الثقافي واستثمار العلاقات الدولية والتبادل الثقافي بين الشعوب من أجل الانتفاع من التراكم المعرفي لدى الأمم وتسخير الانفتاح العالمي لخدمة الثقافة من جهة وفي تقديم صورة واقعية عن ثقافتنا أمام العالم من جهة أخرى. ولعل اللافت في تصريح الحجيلان هو أن محاور الملتقى ستركز على الاستفادة من الخبرات العربية والدولية في التنمية الثقافية، إلى جانب إجراء حوار ثقافي واسع بين الشعوب والأفراد يُراعى احترام مقوّمات الهوية الثقافية، ويكون معتمدًا على التنوّع والتكامل بين الحضارات من منطلق وحدة القيم البشرية الجوهرية التي تجمع الناس. وهو العنصر الذي يمكن اعتباره مميزا للملتقى الثاني ويشكل بوابة اختلاف له عن الملتقى الأول. وهو ما يتقاطع مع فكرة الحجيلان بأن الثقافة مُعطى إنساني لا يعرف السكون ولا الجمود في مكان أو زمان معين، لكن المكان والزمان يُعطيان أي ثقافة نكهة خاصة تُضفي عليها السمات المحلية الجذّابة. وهناك معطى آخر يستحق التوقف حياله مليا وهو قول الحجيلان إن الوزارة بالشراكة مع القطاعات الأخرى معنية ببناء الإنسان والارتقاء بالموارد البشرية، لتملّس الحاجات الفعلية الواقعية التي يتطلبها العصر وإيجاد الحلول للتغلب على الثغرات وملء الفراغ لهذه المتطلبات خلال فترة زمنية محدودة وبمعدلات موضوعية يُمكن قياسها والتحقّق منها. وذكر أنّ أي خطّة عمل لابد أن تضع بعين الاعتبار البيئة والإنسان والمادة الثقافية، وحينما تكون خطة ثقافية فهذا يتطلّب كذلك دخول مجموعة من العوامل المرتبطة بالهويّة الثقافية التي تُؤدّي دورًا أساسيًا في ربط مكونات الأمة، وهذه العوامل أساسية في أي عمل ثقافي تتوافق عليه مؤسسات المجتمع وجماعاته وأفراده، بهدف ترسيخ الوجه الحقيقي للحياة والسلوك والمنجزات. إشكالية الدعوات وكالعادة في كل المناسبات والفعاليات الثقافية حضرت مسألة الدعوات كزاوية تثير اعتراض عدد من المثقفين وتساؤلاتهم عن آلياتها ومعاييرها غير الواضحة بحسب تفكيرهم، فيما أكد أمين عام الملتقى محمد رضا نصر الله أن الدعوات شملت جميع الأطياف في مختلف المناطق السعودية. إلى ذلك أنهت القناة الثقافية استعداداتها لتغطية الملتقى. وأوضح المشرف العام على القناة الثقافية محمد الماضي أن القناة أعدت خطة التغطية بما يتفق وأهميته, مشيراً إلى أن القناة ستتولى النقل المباشر لحفل الافتتاح والجلسة الختامية, إضافة إلى جدولة نقل جلسات الملتقى. وبين الماضي أن القناة ستخصص برنامجا يوميا مباشرا للحوار مع المثقفين, إلى جانب توظيف برامجها اليومية المباشرة لخدمة المناسبة الثقافية.