"إننا نرحب بعولمة التجارة وبعولمة الاستثمار، ولكننا نرفض عولمة الفكر الفاسد، ونرفض عولمة الانحراف الذي يختفي تحت أسماء براقة، وهذا لا يعني الجمود في الحركة فصدورنا وبيوتنا مفتوحة لكل جديد مفيد، ولكنها موصدة في وجه الرياح التي تحاول زعزعة معتقداتنا، وخلخلة مجتمعاتنا، فمنهجنا يستمد قوته من وسطية الإسلام، التي نتخذ بها موقفاً معتدلاً من القديم والجديد". ومع ذلك عاد التطرف الداخلي أشد عنفاً: تكفيرياً، تفجيرياً، يجند شبابنا ويلوث عقولهم، ليفجروا أنفسهم بين إخوانهم المسلمين والمقيمين في ذمتنا، ويهددوا المجتمع ويحطموا مكتسباتهم الحضارية. ومرة أخرى ينتصر منهج الاعتدال السعودي، وتتفوق المواجهات الأمنية الاستباقية على هؤلاء، ويفتح باب المناصحة والكفالة للعائدين منهم عن غيهم، لأنهم في النهاية أبناء الوطن المغرر بهم. ولم يكن مستغربا مع ثورة الاتصالات والمواصلات وانفتاح العالم على بعضه البعض، أن يظهر لدينا على الجانب الآخر ذلك التيار المتطرف المستورد، المتأثر بثقافة الغرب، كردة فعل للتيار الأول التكفيري، وكلا التيارين لا يفتأ يحاول خطف منهج الاعتدال السعودي، لكن المملكة رغم هذه التحديات قد استطاعت، بعون الله تعالى، ثم بحنكة وعزيمة قادتها، وإرادة شعبها، الانتصار على التطرف في جانبيه، والتغلب على كل التحديات بمنهجها المعتدل، الذي حول تلك التحديات إلى فرص إيجابية، وحضور سياسي قوي، واقتصاد مميز على الساحة الدولية. لقد تقدم نظامنا في المملكة بما يفوق كثيراً ما حققته الأنظمة التي ابتعدت عن الدين، وتلك التي جمدت على حالها وتقوقعت في بيات طويل. وأثبتت المملكة أن النظام الإسلامي هو الأكثر صموداً أمام زلزال الاقتصاد العالمي. وغدت المملكة العربية السعودية من أفضل دول العالم تطورا، لا بسبب البترول كما قد يعتقد البعض، لأن غيرنا لديه البترول والمياه والزراعة وتاريخ سابق في الحضارة، ولكنه لم يرق إلى درجة بلادنا. وحقيقة الأمر أن ما وصلت إليه المملكة، كان نتاج فكر ومنهج وقيم وحنكة القيادة وتجاوب المواطن وجهده. وقد فصل خادم الحرمين الشريفين في هذه المسألة بقوله " نحن لدينا أهم من البترول: ديننا الإسلام، والكعبة المشرفة، فالعرب لم تقم لهم قائمة إلا بالإسلام، وهو ثروتنا الحقيقية". وفي الوقت الذي تتهدد العالم توابع الزلزال الاقتصادي وتهتز حكومات الغرب بسببه، وتضج جنبات وطننا العربي بزلازل الثورات التي تراق فيها الدماء، وتدمر المكتسبات، فإننا ولله الحمد والمنة ننعم بالأمن والرخاء، وبالتحالف الفريد بين المواطن وقيادته التي تبادر دائماً بتلبية حاجاته وتوفير العيش الحر الكريم له. ولننظر إلى ما تحقق لنا من تطور حضاري في كل مجالات الحياة حتى انتقلنا بأمان من حال القبائل المتفرقة، إلى بلد متحضر يتربع على قدم المساواة مع أكثر الدول تقدماً في قمة العشرين. جاهد الآباء والأجداد واجتهدوا من أجل ذلك، ونحن اليوم مطالبون بمواصلة مسيرة الخير على ذات النهج، وهي أمانة في عنقنا للجيل الحاضر وأجيال المستقبل. وطرح الأمير خالد رؤيته فيما يتعلقُ بحماية هذا المنهج قائلا: أعتقد ولعلكم توافقونني أن كل هذه النجاحات التي حققتها المملكة العربية السعودية "بمنهج الاعتدال السعودي" والمكانة السامقة التي تبوأتها عالمياً بكل التقدير والاحترام، أهلتها لتكون التجربة الأنموذج المعاصر لنجاح النظام الإسلامي، كيف لا وهي الدولة الوحيدة في العالم التي ربطت دستورها بالكتاب والسنة، وتخضع كل أنظمتها لتعاليم الإسلام وقيمه ؟! رايتها عبارة التوحيد ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) وفيها قبلة المسلمين: الكعبة المشرفة في البيت العتيق، ومسجد رسول الهدى صلى الله عليه وسلم في طيبة الطيبة، وهي من أكثر البلاد العربية والإسلامية أمناً واستقراراً، ولديها مكانة اقتصادية جاوزت حدود الدول النامية، وأهلتها لتكون شريكاً مؤثراً عالمياً، كما أن لديها برنامجاً تنموياً لا أعتقد أن له الآن مثيلاً في المحيط العربي والإسلامي. وهذا في نظري هو ما جعل الهجمة الشرسة تشتد وتستعر، في الوقت الحاضر على المملكة من أعدائها، الذين هم في الواقع أعداء الإسلام، ، ممثلاً في الدولة الوحيدة التي تطبقه على حقيقته، ولهذا فإن كل من يغارون على الإسلام في كل العالم، ويريدون الخير له، ويحرصون على أن يواصل النظام الإسلامي مسيرة نجاحه، وأن يحصَّن في مواجهة هذا الهجوم المتعدد الجهات ضده، عليهم أن يوحدوا صفوفهم مع المملكة العربية السعودية، قيادة وحكومة وشعباً لنصرة الدين ونظامه، لا بالدعوات والتمنيات فحسب بل بالقول والفعل والعمل. كما أن هذه اللحظة الحاكمة توجب علينا في جبهتنا الداخلية، مواصلة مسيرتنا صفاً خلف قائد الإصلاح والتطوير في بلادنا، خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وأن نؤازره بكل ما نملك من فكر وجهد وإخلاص وأمانة، وأن نسد الثغرات التي ينفذ منها أعداؤنا لمواصلة حملتهم علينا، كذباً كانت أم حقيقة. إنها فرصتنا جميعاً لنقدم للعالم الوجه الحقيقي الناصع للإسلام. إسلام الإصلاح .. والتطوير .. والبناء.. إسلام العدل .. والحرية .. والمساواة.. إسلام القيم الإنسانية الأصيلة.. إسلام كل العصور .. ونشهد الدنيا بأن القائد.. والمسؤول.. والمواطن السعودي .. أهل لهذه المهمة الجليلة. الفيصل يزور المسجد النبوي الشريف زار أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل مغرب أمس المسجد النبوي الشريف لأداء الصلاة فيه والتشرف بالسلام على المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى صاحبيه رضوان الله عليهما، ورافقه أمير منطقة المدينةالمنورة الأمير عبدالعزيز بن ماجد. وكان في استقباله نائب الرئيس العام لشؤون المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالعزيز الفالح، وأئمة المسجد النبوي وقائد قوة أمن المسجد النبوي العميد حامد الرحيلي وعدد من المسؤولين من منسوبي الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي الشريف. تطبيقات المنهج في السياسة الخارجية اتسمت سياسة المملكة منذ أنشأ الملك عبد العزيز وزارة الخارجية، وحتى يومنا هذا، بالثبات على منهج واحد عنوانه "الاعتدال"، ومن أهم الدلالات على ذلك: 1- أن المملكة لا تسمحُ لأحد بالتدخل في شؤونها الداخلية، وفي المقابل تلتزم بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير. 2- استطاعت قيادة المملكة منذ تأسيسها تجنيب البلاد ويلات الحرب والمغامرات غير المحسوبة، التي أقدم عليها غيرها من دول المنطقة، على حساب مشروعها التنموي، بل وعلى حساب سيادتها الوطنية. 3- شاركت المملكة في تأسيس هيئة الأممالمتحدة، وجامعة الدول العربية، وكان لها الدور الريادي في قيام مجلس التعاون الخليجي، وهي عضو في عديد الهيئات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية، وقد توجت مؤخراً عضواً في "نادي دول قمة العشرين" العالمية. 4- تتبوأ المملكة موقعاً عالمياً مميزاً، وتؤدي دوراً هاماً في نصرة القضايا الإنسانية العادلة، كما أنها بذلت مساعيها للتوسط بين الفرقاء العرب والمسلمين، تكللت غالبيتها بالنجاح، وقد اكتسبت مصداقيتها في محيطها العربي والإسلامي ببقائها على مسافة واحدة من كل أقطاره. 5- باعتبارها حجر الزاوية في سوق النفط العالمية، انطلقت المملكة في سياستها من رفض الاحتكار، ووازنت دائماً بين مصلحة المنتج وحاجة المستهلك. 6- كانت المملكة ولا تزال رائدة الدعوة إلى الحوار والتسامح والسلام، بدأته محلياً بمركز الحوار الوطني الذي أسهم في نبذ التطرف ومقاومة الإرهاب، ثم تبعته بتنظيم حوار موسع بين علماء الطوائف في البلاد الإسلامية، ومؤخراً تم تأسيس "مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات" في العاصمة النمساوية، ليؤدي المهمة على النطاق الإنساني كله. 7- استطاعت المملكة العربية السعودية منفردة بفضل منهج الاعتدال، أن تثبت أمام كل التيارات الإلحادية اللا دينية، التي اجتاحت المنطقة العربية، منذ مطلع النصف الثاني من القرن الماضي، ولا تزال تطل برأسها حتى يومنا الحاضر، وظلت المملكة وحدها على الساحة قابضة على الكتاب والسنة، بمنهج الاعتدال فيهما، رغم ما كلفها ذلك من اتهامات باطلة، ونعوت استفزازية، ومؤامرات دنيئة من القاصي والداني منذ نشأتها وإلى يومنا هذا.
تطبيقات المنهج في السياسة الداخلية بتوحيد البلاد، استطاعت قيادة المملكة العربية السعودية، أن تحقق أنجح وحدة عربية في التاريخ الحديث، وأن تحافظ على ديمومتها واستقرارها، من خلال عدة أمور أهمها: 1- تحقيق العدل: بتطبيق الشريعة الإسلامية في جميع محاكمها، وإخضاع كل أنظمتها لمقتضى الشرع الحنيف. ويشهد القضاء في الوقت الراهن مشروعاً ضخماً يتبناه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير أدائه. 2- نشر الأمن: بتأمين جميع وسائله وأسبابه للمواطن والمقيم، وللوافدين من ضيوف الرحمن الذين كانوا يعانون شتى أنواع المخاطر قبل قيام الدولة السعودية. ثم إن المملكة واجهت التطرف والإرهاب في الداخل والخارج بكل الحزم، انطلاقاً من موقفها الثابت الذي أعلنه صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، في اجتماع لجنة متابعة تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب في تونس عام 2000م، حين قال: " إننا نأتي في طليعة الأمم والشعوب التي تنبذ العنف والإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه، وندعو إلى التسامح والإخاء والمحبة، انطلاقاً من مبادئنا الإسلامية التي تحرم ترويع الآمنين وسفك دماء الأبرياء، والتعدي على الحقوق والممتلكات، وانتهاك الأعراض والحريات". 3- نشر المعرفة: بتوفير كافة وسائلها وآلياتها، من خلال افتتاح المدارس والجامعات، وابتعاث ما يزيد عن مئة ألف من أبنائها وبناتها إلى أرقى جامعات العالم لكل التخصصات، في أضخم مشروع تعليمي يشهده وطننا العربي في العصر الحديث. كما شهدت البلاد تطوراً هاماً في الكم والكيف بميدان الإعلام، والأندية والمؤسسات الثقافية، التي أصبحت منارات تشع العلم والمعرفة في كل أرجاء البلاد. 4- تمكين المرأة وتعظيم دورها كشريك فاعل في تنمية بلادها، والوصول بها إلى المجالس البلدية ومجلس الشورى، طبقاً للضوابط الشرعية. 5- التوسع في نظام الانتخاب للمجالس البلدية، والأندية الأدبية، والغرف التجارية، وغيرها. 6- التنمية الشاملة والمستدامة: من خلال خطط خمسية بدأت العام 1391ه، ومخططات إقليمية طويلة الأمد أعدت حديثاً لكل منطقة. وتستهدف كل هذه الخطط تطوير شتى المرافق والخدمات الأخرى: الاقتصادية، والصحية، والاجتماعية وغيرها، في واحدة من التجارب التنموية الاستثنائية العالمية، من حيث حجم الثمرة، وزمن النضج والقطاف. وعليها يقوم مشروع طموح يقفز عبره خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله بالبلاد إلى مصاف العالم المتقدم، في حمى قيم الاعتدال الإسلامي الذي انتهجته البلاد منذ تأسيسها.