كان آخر درب من حياة رفيقات "الدرب" باتجاه الموت، إذ لقين مصير كل أولئك الذين ذهبوا ضحية طرق الإهمال والخوف؛ لكن المفارقة في هذه الفاجعة أن القدر جاء من خلفهن هذه المرة، ولم تكن تعلم كلية التربية للأقسام الأدبية بصبيا أنها ستودع بانتهاء أمسها الدراسي ثلاث من طالباتها خرجن متحفزات ليوم دراسي جديد، لكن القدر كان قد كتب ألا عودة لهن لمقاعد النور، فرحلن قبيل مغيب الشمس التي لم تبخل بنورها حين رحلوا عن الدنيا. على بعد حوالي 10 كم من مدينة بيش باتجاه الدرب، وفي طريق عودتهن لأسرهن كانت النهاية ل "سجى وفنون وهيفاء" وسائق المركبة "حسن". وافترقن على الدرب عن حادثي حريق مدرسة جدة وفاجعة زميلاتهن في جامعة حائل قرائن وفواجع، كانت كلها بمداد من الحزن الذي يشبه لون عباءاتهن، لم يمهلنا الزمن بل لم يمهلهن لنتعرف على مشاعرهن وهن يطالعن صور الآلم والفقد ولم يعلمن بأنهن بعد ثلاثة أيام سيكتبن من الراحلات. رفيقات الدرب افترقن على الدرب، يقول محمد نافع "منذ التحاقهن بكلية صبيا وعلى الرغم من وجود كلية في محافظة الدرب إلا أنهن اخترن التعب من أجل العلم النافع". وتعبر إحدى قريبات الراحلة "هيفاء" عن صدمتها وألمها حين تحدثت عن حياة "هيفاء" الجامعية بأنها كانت تستيقظ باكرا لتبدأ رحلة الاستعداد لخوض الحياة بصلاة الفجر وقبل اقتراب موعد مغادرتها تكون قد رتبت كل مستلزمات الحياة الجامعية لتنطلق مع باقي زميلاتها عند الساعة السابعة موعد حضور صاحب الباص تقطع أكثر من 160 كم يوميا، وأضافت باكية: كان موعد رجوعها - رحمها الله - من كليتها بعد العصر عند الخامسة عصرا وكانت لا تحضر وجبة الغداء مع أهلها إلا في النادر. وفاة 3 وإصابة 10 طالبات وأوضح الناطق الإعلامي لصحة منطقة جازان جبريل بن يحيى القبي "الوطن" أمس أن الحادث نجم عنه وفاة 3 طالبات وسائقهن "سعودي" وإصابة 10 طالبات إذ تم نقل مصابتين إلى مستشفى الملك فهد المركزي بجازان، وتنويم 6 حالات في قسم الملاحظة بمستشفى بيش العام، وتم تنويم حالتين في طوارئ مستشفى الدرب العام، مؤكدا تسليم المتوفين لذويهم. من جهته، بين الناطق الإعلامي لمديرية الدفاع المدني النقيب يحيى القحطاني أن فرق الدفاع المدني بمحافظة بيش والدرب تلقت بلاغاً للمساهمة في نقل الحالات من موقع الحادثة وتم الانتقال لموقع الحادثة والمساهمة في نقل الحالات إلى مستشفى الدرب وبيش. الحوار الأخير يقول والد "هيفاء" المكلوم قبل أيام كنت في حوار مع ابنتي عن معاناتها مع الطريق: يا ابنتي نحن نعيش في منزل واحد ولا نجتمع إلا في إجازة نهاية الأسبوع، فكان ردها "هانت يا أبي لقد ذهب الكثير ولم يبق إلا القليل لم يبق لي إلا الفصل القادم وأتخرج في الجامعة"، لتنهمر أمامنا دموع والدها وهو يجهش بالبكاء ناظرا إلى ابنته المسجاة في المقبرة. مواراة الثرى لم تكن الدرب تتوقع أن يحين دورها في الحزن الذي لا يستأذن أحدا حين يأتي على هذا القدر من السرعة، يقول محمد الشعبي الدرب حزنت وبكت وأهلها هم الصابرون على فراق بناتهم، وحين غابت الشمس اجتمعوا في مراسم دفن الطالبات لأنهن بنات الجميع، كان المشهد في مقبرة الدرب حزينا مفرطا في الألم. تعازٍ ومواساة من جهته أعرب مدير جامعة جازان الدكتور محمد آل هيازع عن بالغ حزنه الشديد على هذا الحادث المروع. وقال" إن المصاب هو مصاب جميع أبناء المنطقة ومنسوبي الجامعة".