قصتي مع أصحاب المعاطف البيضاء الذين كنا نصورهم ملائكة يمكن أن نشاهدهم ونتخاطب معهم لما نقرأ عن مدى إنسانيتهم وتعاطفهم ولكن ليس من (لمس) كمن قرأ .. لقد رأيت تعاملهم مع (ابني) الصغير ذي الأيام المعدودة عندما أدخلته ما يسمى قسم (الحضانة) فرأيت التعامل السيئ جدا من الممرضات ولم أجد كلاما طيبا وجوابا عن أي سؤال يختص بابني الذي كنت أجزم بأنني وضعته بين أيدي الملائكة من البشر بينما كانت أمه في القسم الآخر تقيم في غرفة وتأتي عند وقت الرضاعة الطبيعية ولا يمكن أن تعود إلى غرفتها حتى تحمل كمّاً من المطالب حفائظ، حليب، شراشف عدا ذلك لا يمكن أن تناقش حالة طفلها أو السؤال عن مدى حالته وتحسنها وعندما تلح في البحث عن إجابة تكون الإجابة (كويس). إذا لماذا أتينا به إلى هنا ولماذا تم تمديد بقائه بعد أن كان من المفترض أن يخرج بعد ثلاثة أيام هل لأنه (كويس). للأم عاطفة قوية أظهرتها عندما رأت احمرارا في أعلى رأس الطفل فسألت الممرضة التي كانت للأسف الشديد إحدى بنات هذا الوطن فكانت إجابة الممرضة ربما أثناء (انقلابه) ضرب رأسه بالسرير وهذه معلومة جديدة (لأول مرة يتمكن طفل لا يتجاوز عمره أياما من القدرة على الانقلاب!) .. لم تقتنع الأم بكلام الممرضة فكان أن قابلت الطبيب بعد أن أحالتها الممرضة إليه وأنها ستستدعيها عندما يصل الطبيب فلما وصل وسألته الأم عن ما جرى لابنها قال لها الطبيب بغضب (سأقوم بإخراجه من الحضانة حتى تهتمي به أنت) وعندما حاولت الأم أن تتناقش معه كانت إجابته (أنا عاوز أجيب أولادي من المدرسة ومش فاضي) وبالفعل نفذ الطبيب ما قال ونفذت الممرضة بأسرع مما يستقبل المريض في طوارئ مستشفياتنا قرار الطبيب فأخرجته خارج الحضانة في الممر وفي وضع مزر ليس عليه إلا رداء بينما ذهبت الأم لترتب غرفتها في المستشفى حتى تهتم بالطفل الذي عجزت حضانة المستشفى عن الاهتمام به وعندما عادت الأم لأخذ ابنها وجدته في تلك الحالة وقالت الممرضة إن عليها أن تعيد (الشرشف) لأنه ملك للمستشفى ويجب أن تعيده في أسرع وقت وإلا الويل والثبور وتحت هذا التهديد والوعيد وبرعاية (ملائكة الرحمة) من البشر الذين استخدموا عملية الضغط النفسي وأسلوب (التطفيش) لم يكن هناك بد من أن يتم إخراج الطفل تحت مسؤولية (من ليس المسؤول عن إخراج الطفل) وهو ولي الأمر بينما المسؤول الحقيقي عن إخراج الطفل ظل خارج دائرة المسؤولية بذكاء وبالنظام. "ما أجمل أن تمتلك النقود وتذهب إلى مستشفى خاص".