لا يتجاوز عددهم المئة، لكنهم يعرفون كيف يلفتون نظر المارة ويسمعونهم آراءهم. فمنذ أسبوع يحتل متظاهرون ساحة في وسط نيويورك، للاحتجاج على المناخ الاقتصادي الراهن. وحول المتظاهرون شارع وول ستريت في نيويورك إلى "ميدان تحرير أميركي" على غرار ميدان التحرير في القاهرة، احتجاجاً على الجشع والفساد والاقتطاعات في الميزانيات الاجتماعية الأميركية. وكان منظمو التحرك يأملون في اجتذاب آلاف المتعاطفين في البداية. لكن عددهم لم يتجاوز المئة. ولأنهم أقل مما كانوا يأملون، فإنهم يتنافسون منذ أسبوع في ابتكار الأساليب لإسماع أصواتهم، وتهيئة أجواء أقل ما يقال فيها إنها غير مألوفة في وسط أحد أكثر أحياء الأعمال شهرة وخضوعاً للرقابة الأمنية في العالم. ففي أجواء تنعشها أصوات الطبول، يشرح شاب واقف على لوحة تزحلق، وبحماسة تلفت الأنظار، مبادىء هذا التحرك لاثنين من عناصر شرطة نيويورك. ودب الذعر الخميس في الأسواق المالية، وأقفل داو جونز، المؤشر المالي المرجعي للعاصمة الاقتصادية الأميركية، على تراجع بلغ 3.5%، مما أمد المتظاهرين بأسباب إضافية تبرر تحركهم. وانتشرت قوات الشرطة الخميس بأعداد كبيرة فاقت المتظاهرين وراقبت بهدوء قارعي الطبول والخطباء الآخرين. وكُتب على بعض اليافطات التي أعدت بسرعة في الساحة "فرص العمل الأميركية موجودة في الصين". ووضعت اليافطات على الأرصفة فاضطر المارة إلى الالتفاف عليها. وبدا جون هامل الموظف في واحدة من مؤسسات الخدمات المالية العديدة القريبة من ساحة الاعتصام أكثر رأفة بالمتظاهرين، وقال "يحق لهم أن يتظاهروا. وأنا أوافق على كثير من مطالبهم ولو أن بعضاً منها غير محق". وتعرب المتظاهرة غينغر هيتر عن اعتقادها بأن المشكلة ليست في الفقر المدقع في الولاياتالمتحدة بل في تأثير الأزمة المالية لعام 2008 على الحلم الأميركي. ففي 2010، فقدت وظيفتها أستاذة في جامعة كورنل بولاية نيويورك بعدما حمل تراجع أسعار البورصة الجامعة على تقليص موازنتها بشكل كبير. وباتت عاطلة عن العمل في السادسة والثلاثين من عمرها، مع قرض دراسي قيمته 100 ألف دولار يتعين عليها تسديده. وقالت "في أميركا، يقولون لنا إنكم تستطيعون الخروج من الأزمة بجهودكم. ولقد أدركت أن هذا الأمر غير صحيح". وأضافت وهي تنظر إلى وول ستريت "ثمة أعداد كبيرة من الناس الذين يستثمرون أموالهم حتى من دون أن يعملوا".