في الوقت الذي يعجز فيه بعض الأشخاص الأصحاء عن إتمام مراحلهم التعليمية، حقق شاب معاق في العشرين من عمره المركز الأول في السنة النهائية بكلية الحاسب الآلي في جامعة أم القرى، حيث حصل على تقدير ممتاز مع مرتبة الشرف. فلم تقف إعاقة محمد كمال الحلواني، التي حدثت له أثناء الولادة نتيجة خطأ طبي، وتسببت في فقد القدرة على استخدام ذراعيه، عائقا أمامه في إتمام دراسته، حيث لجأ والداه إلى تدريبه على استخدام قدميه، بعد ملاحظتهما أنه يميل لاستخدامهما منذ أن بلغ ستة أشهر. وبدأت والدته فعلا في تعليمه استخدام قدميه في كتابة جمل قصيرة، ورسم بعض الأشكال البسيطة، وذلك في الثالثة من عمره، وحينما وصل السن القانونية للالتحاق بالمدرسة لم يجد أبوه مدرسة مخصصة لهذا النوع من الإعاقة، مما دفعه للبحث عن معلمة متخصصة لتساعده على التعلم. ويروي والد محمد، الدكتور كمال حلواني قصة إعاقة ابنه، قائلا "في الخامس عشر من شهر ربيع الآخر عام 1409، ولد محمد بعد عملية ولادة طبيعية متعثرة أولى للأم "شهناز سعيد بكر"، وعانت فيها من صعوبات، حيث كان المولود بالمقعد ولتفادي اختناق المولود أثناء الولادة، اضطر الطبيب إلى السحب بشدة مما تسبب في استطالة العصبين الخاصين باليدين من تحت الكتفين، وحصول تلف شديد فيهما". وأضاف أنهم استشاروا أطباء عدة لمعالجة حالة الطفل، لكن دون جدوى، وأنهم عرضوه على الجراح النمساوي العالمي هانو مالَيزي، حينما قدم زائرا لأحد المستشفيات بجدة، فأكد لهم أن إجراء أي عملية له تعد مغامرة، مضيفا:" رضينا كل الرضا بقضاء الله و قدره". وذكر الأب أنه عرض حالة طفله على مدير التعليم بمكة المكرمة، آنذاك، عضو مجلس الشورى حاليا سليمان بن عواض الزايدي، الذي وافق على إدراجه في المدارس الحكومية، كما رحب مدير مدرسة الملك خالد الابتدائية، المعلم خالد الحسيني بانضمامه للمدرسة كطالب منتظم، مشيرا إلى أن ذلك اليوم كان من أسعد أيامه. وقال والده إنه ابتكر طاولة مكنت ابنه من الكتابة بقدميه، ملمحا إلى دور صديق ابنه نايف أحمد الفقيه، الذي وافته المنية وهو في الصف الثالث الثانوي بعد معاناة مع مرض السرطان، مشيرا إلى أنه كان له فضل كبير في رحلة تعلم محمد، حيث كان يساعده في قضاء أمور حياته. وبالنسبة لمرحلة الجامعة، أوضح الوالد أن محمد تمكن من استخدام الحاسب الآلي بقدميه، وقد دفعهم ذلك ليختاروا له تخصص علوم الحاسب، الذي تخرج منه العام الماضي بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف. ويحلم محمد بالابتعاث، ويوافقه في الرأي أبوه، الذي يرى أن طموح ابنه كفيل بمساعدته على تخطي الصعاب التي ستعترضه أثناء الابتعاث، مستشهدا بأن رئيس الجامعة التي كان يدرس فيها ببريطانيا في الثمانينات كان من ذوي الاحتياجات الخاصة، مشيرا إلى أن محمد يستعد حاليا لاختبار التوفل. من جهته، يشير محمد إلى أن وجود التقنيات الحديثة لأنظمة الحاسوب كفيل بفتح آفاق المعرفة لذوي الاحتياجات الخاصة، مؤكدا أن طموحه لا يقف عند هذا الحد، وأن كله أمل في أن يتقدم لوظيفة معيد بقسم علوم الحاسب الآلي، ومن ثم ابتعاثه من قبل جامعة أم القرى لإكمال دراسته العليا لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه.