"العمل على إحياء المهن الحرفية القديمة ونقلها للأجيال القادمة للمحافظة عليها من الاندثار" هو ما يصبو إليه النوخذة محمد السادة "65 عاماً" الذي يمتهن حرفة صناعة السفن – كما يقول-، وذلك من خلال مشاركاته المتعددة في المهرجانات والفعاليات التراثية التي تنظم في المناسبات المختلفة. ويضيف: أعتز بحرفة "صناعة السفن" وممارسة صنع "السنبوك" الصغير في الوقت الحالي، لأنها تذكرني بالماضي الجميل الذي يرمز إلى الحضارة التي بناها آباؤنا وأجدادنا على ساحل الخليج العربي. وقال السادة خلال مشاركته في مهرجان عيد أرامكو الثقافي ل"الوطن": تعلمت مهنة صناعة السفن التي ارتبطت بالمدن الساحلية في المنطقة الشرقية خاصة في جزيرة تاروت على ساحل قرى سنابس ودارين والزور، وذلك من خلال متابعتي للصناع المهرة في ذلك الوقت، وقد زاولت المهنة وكان عمري حينها 12 عاماً حتى أتقنت صناعة السفن بعد عام واحد فقط، وبدأت بعدها بصنع سفن الصيد في ميناء رأس تنورة والتي سكنت فيها أكثر من 15 عاماً بعيداً عن قريتي في تاروت، نظراً لبعد المسافة في ذلك الوقت وعدم توفرالمواصلات لدينا. وتابع: صناعة السفينة تحتاج إلى دقة عالية وتركيز كبير وذكاء حتى يتمكن "الأستاذ" والذي يكون عادة من أمهرالصانعين في حساب النسب الصحيحة للسفينة من إتمام عمله الذي يساعده فيه صناع السفن "القلاليف". وقد بدأت هذه المهنة بصناعة مراكب من نوع "البانوش" وذلك قبل 40 عاما، وبعدها انتقلت لصناعة سفينة "السنبوك" وهي أنواع منها سفن الغوص للبحث عن اللؤلؤ، وسفن نقل البضائع وتسمى "السفّار"، وسفن صيد الأسماك. وعن طريقة صناعة السفن والأدوات المستخدمة فيها، قال النوخذة "أبو حسن": يصنع "السنبوك" من خشب "الساج" والذي يأتينا من الهند، ونستعمله لهيكل السفينة، كما نستخدم خشب "الجنقلي" لقاعدة السفينة، وأنواعا أخرى من الخشب لبقية أجزاء السفينة، وتكون مقدمة السفينة على شكل زاوية حادة ومؤخرتها شبه مربعة، وتتم زخرفتها لتظهر بصورة جميلة، ومن ضمن الأدوات التي نستخدمها لصناعة السفن المجداع والرنده والقدوم والمبرد والنقار، ونحتاج كذلك للقطن والمسامير والشونة. وعن مراحل بناء السفينة، يقول: نأتي أولاً بقاعدة السفينة التي نضعها فوق قطعة خشبية قريبة من البحر، ونضع فوقها ميزان الماء للتأكد من استقامتها على سطح الأرض، ونحتاج إلى حسابات خاصة من أجل توازن العمود الأمامي والخلفي للقاعدة، وتتم بعدها عملية ربط ألواح هيكل السفينة بالأعمدة والقاعدة، ونبدأ بتركيب ألواح "المالج" بعضها فوق بعض، ونضع بعد ذلك الأضلاع في الثلث الأمامي للقاعدة ونربطها بالألواح، ونفعل كذلك مع الثلث الخلفي للسفينة حتى يكتمل ربطها بالأضلاع لحين الانتهاء من بناء هيكل السفينة من الخارج، عند ذلك يتم تركيب بقية أجزاء السفينة قبل أن تكون جاهزة لإنزالها في البحر. ويؤكد السادة أن الطلب يتزايد على "السنبوك الصغير" في المهرجانات والفعاليات التراثية التي يحرص المنظمون لها على مشاركتنا معهم في المناسبات المختلفة، قائلاً : أشارك في مهرجان الجنادرية منذ 4 سنوات مضت، كما لي مشاركات كثيرة في الفعاليات التي تنظمها الجمعيات الخيرية في محافظة القطيف، ومشاركات أخرى في مهرجانات في مدينتي الظهران والخبر، كما وجهت لي دعوة للمشاركة خلال الأيام المقبلة في أحد المهرجانات في محافظة الطائف. وقال: أصنع السنبوك الصغير من خشب الصنوبر، ويصل سعره إلى 800 ريال، وأنجز من 10 الى 12 سنبوك خلال العام الواحد وذلك حسب الطلب، ويحرص على اقتنائه عادة المهتمون بالتراث البحري.