دافع الشاعر السوري أدونيس عن نفسه موضحاً موقفه من الثورة السورية المشتعلة الآن. وقال في حوار مع قناة ألمانية، عن بشار الأسد "لا تسقط عنه الشرعية حتى يسقط فعلاً، فليسقطوه". وفي الحوار الذي أجرته القناة الألمانية دويتشه فيلله مع أدونيس بمناسبة تسلمه أخيراً جائزة غوته في مدينة فرانكفورت، مسقط رأس الشاعر الألماني، ذكرت المحاورة المتابعين بقول أدونيس "لا أعرف أن أبكي/ لو أنني أعرف لكنت حولت عيني إلى ينبوعين من الدمع/ جنوبي في درعا، وشمالي في بانياس وجبلة". فعقب أدونيس بقوله "شكراً أنك أتيت بهذه الجملة لأنهم لم يقرؤوها. هؤلاء الذين يعترضون، لو قرؤوها لما اعترضوا". فزادت وقرأت مقطعاً من قصيدة "عزف منفرد على قيثار دمشقي"، الذي يقول فيه: "ليس للياسمين الدمشقي ناب/ ولا خوذة/ اتركوه لأحلامه ولأشواقه وللعاشقين". وفي مقطع آخر: "أسوار/ منذ خمسين عاماً/ أتقصى المتاريس، أقرأ أسوارها وأنفاقها/ وأرى كيف يقذف بالناس فيها". ورداً عن السؤال "ما هي في نظر أدونيس الوسيلة المثلى للشاعر لمواكبة شعبه الثائر على الاستعباد؟"، أجاب "أحد أمرين، إما أن يشارك عملياً وينزل إلى الشارع، أو أن يقف بأفكاره وبآرائه وكتابته إلى جانبه. وبالنسبة للشاعر، إجمالاً، لا يقوم بالجانب العملي، إنما عليه أن يقوم بالجانب النظري". ورد أدونيس عن سؤال "أحد أسباب منحك جائزة غوته هو نقلك لمفهوم الحداثة الأوروبية إلى الثقافة العربية؛ خلال أعمالك ومشاريعك القادمة على أي وجه من وجوه الحداثة الأوروبية تريد التركيز، لاسيما في خضم التحولات التي تعيشها المنطقة في الوقت الحاضر؟"قائلاً : "أول شيء هو نقد للحداثة الغربية في ضوء الممارسة الغربية النظرية والعملية، وفي ضوء السياسة الغربية أيضاً التي أصبحت الحداثة فيها مجرد أداة للهيمنة. هذا أول شيء، أي نقد الحداثة كما أسس لها الغرب. والشيء الثاني هو نقد الثقافة العربية، أي الذهاب أبعد فأبعد في نقد الرؤية العربية للذات وللآخر ولمفهوم القديم الحديث. والنقطة الثالثة هي التوكيد على المستقبل وعلى الشراكة الإنسانية. الفرد العربي لكي يكون عربياً يجب أن يكون إنسانياً، يجب أن يكون ألمانياً وفرنسياً وأميركياً. ما يعني أن الذات صارت محلاً لاحتضان الآخر. وبقدر ما نحتضن الآخر نصبح أنفسنا. لا وجود للذات بدون الآخر. وفي هذا الإطار سيكون عملي النقدي في ما يتعلق بالحداثة". وقالت عمدة مدينة فرانكفورت بيترا روت، الأحد الماضي في احتفالية منح الجائزة التي شهدتها كنيسة القديس بولس، وهي كنيسة تاريخية لم تعد تستخدم لأغراض دينية، وفيها عُقدت أول جلسة للبرلمان الألماني عام 1848م : "تكريم أدونيس هو تكريم لشاعر عالمي بحق". أما الشاعر الألماني يواخيم زارتوريوس، فأكد على مكانة أدونيس في الثقافة العربية الحديثة، وإسهاماته الكوزموبوليتية في الشعر العالمي. وأضاف: "إن أدونيس مواطن عالمي، عرف مبكراً أن تراثه الثقافي لا يقتصر على الإسلام فحسب"، ولذلك كافح أدونيس من أجل إسلام متحرر، ومن أجل مجتمعات حرة ومتحررة. كما استطلعت القناة الألمانية آراء عدد من الشعراء العرب، منهم الشاعر المصري عبد المنعم رمضان، الذي أكد على استحقاق أدونيس لجائزة نوبل "التي تأخرت عليه كثيراً"، معتبراً أن العرب "وبسبب عدم قدرتهم في الخروج من عصورهم الوسطى، وبسبب الاستعمار الذي طال أمده، وبسبب الصراع العربي الإسرائيلي، لكل هذه الأسباب منح العرب القيمة أغلب الوقت للشعراء الذين يعبرون عن تلك الهموم السياسية، حتى لو كانت قيمتهم الفنية أقل بكثير". أما الشاعر المغربي حسن نجمي فقال "الجائزة تُشرّف أدونيس، ولكن أدونيس، دونما مبالغة أو إسراف، يشرّف هذه الجائزة"، مشيراً إلى "إنجاز أدونيس الشعري وخطابه النظري والمعرفي" في الثقافة العربية. يشار إلى أن القيمة المادية للجائزة التي تمنح كل ثلاثة أعوام في عيد ميلاد غوته في مدينة فرانكفورت.تبلغ 50 ألف يورو.