تلقى الزميل الكاتب الروائي عدنان فرزات خبر الاعتداء على شقيقه رسام الكاريكاتير السوري علي فرزات بمزيج من مشاعر الألم والصدمة والتحدي في الوقت ذاته. وسرد عدنان بنفسه الروائي ل "الوطن" ما اعتبره مفصلا مهما في حكاية أخيه قائلا: لأصابع علي فرزات التي حاولوا كسرها في دمشق قبل أيام، حكاية قديمة مع الأنظمة القمعية في العالم، فطالما كانت تعريهم وتزيل عن كاهلهم الغطاء الذي يدارون تحته تلال الفساد، وكانت هذه الأصابع تمتد أيضا في حلكة الظلام لتشعل شموع الطريق للبائسين والمعذبين والمضطهدين. واسترجع عدنان شيئا من من تاريخ أخيه ذاكرا أنه قبل هذا الحراك السياسي الذي يحدث الآن بفترة تمتد إلى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، كانت أصابع علي تمسك بقلم الحقيقة، وترسم بكل جرأة بالحبر"الأسود" خطا "أبيض"..وتنقش على الجدران القاتمة نوافذ زرقاء يطل منها التواقون إلى الضوء. وتابع: بهذه الأصابع دخل علي معركته مع الطغاة، صار هؤلاء هم خصومه. ومطاردته لهم هي هوايته المفضلة، فراح يتعقبهم في كل بقاع الأرض، وصار الإنسان هو قضيته الأهم بغض النظر عن جنسيته أو لونه أو عرقه. وبعد مشوار من الرسم، أصبحت الأصابع هي نفسها السبب المشرف في رفع علم بلاد الفنان علي في المحافل الدولية عبر جوائز عالمية حصل عليها، وهنا بدأ الناس البسطاء الذين رسم لأجلهم، والذين حمل همومهم إلى فضاءات العالم الخارجي يلتفون حوله، ويجدون في أصابعه يد الأب الحنون التي تمتد للأبناء عند عبور الشارع. ولأجل هذا الشعور الحنون، نما في أعماق الفنان علي شعور أكبر بالمسؤولية، وأصبح يجد نفسه مدافعا عن الإنسان في أكثر من موقع، تارة في حرب ظالمة يضمد بها جراح الأجساد المسجاة على قارعة الآثام..وتارة يحمل بهذه الأصابع ملعقة فيها جرعة من غذاء أو دواء..إلى أن وجد نفسه معنيا بشكل أكبر بقضايا الناس، ومنها الحريات، فآلمه مشهد المكبلين بأغلال الصمت، فامتدت الأصابع تبحث لهذه الأغلال عن مفاتيح إنسانية، وكانت وسيلة البحث بشكل مدني، حيث سلك صاحبها طريق الإبداع كخيار متحضر ومسالم. لكن ما مدى وحجم ما تحقق من أحلام وطموحات علي وهو لا يملك إلا أصابعه؟ يقول عدنان: نجح مسعاه فعلا، ووصلت لوحاته إلى شتى أصقاع العالم، وأقيمت له المعارض الدولية في الصالات، بل إن بعض الغربيين من شدة إعجابهم به كانوا يعلقون لوحاته في الساحات العامة، وطبعوا له الكتب بمبادرات منهم ككتاب"علي فرزات قلم سورية الفولاذي"، وأصبحوا يتناقلون رسوماته في صحف عالمية كثيرة جدا، أبرزها الليموند الفرنسية التي واظبت على نشر لوحاته مع رسامها بلونتو..وأصبحت لوحات الكاريكاتير التي يرسمها، بمثابة قناة فضائية تجتاز الحدود وتسبح في أجواء العالم لا يحدها شيء..ونبتت لهذه اللوحات أيضا أجنحة نوارس تجوب الكون حاملة في ريشها الأمل بأن الصامتين صرخوا..وهنا بدأت المشكلة..مشكلة الطغاة الذين أزعجهم كل ذلك، فأعطوا الإشارة للبدء في ملاحقة أصابع علي فرزات.