تعلم المهنة منذ نعومة أظفاره على أيدي اختصاصيين، واكتسب لقبه منها، فغلب لقب "الساعاتي على اسمه، فرغم بلوغه ال75 من العمر، إلا أنه يثبت وجوده في الميدان بقوة، يحب مهنته، ويستمتع بأدائها، وأثناء عمله يردد بعض الأمثال الشعبية والعبارات القديمة الموروثة والمعروفة لدى أهالي جدة القديمة. عاداته لم تتغير، يفتح محله، الذي لم تتجاوز مساحته مترا مربعا في شارع قابل بمنطقة البلد بجدة، منذ الساعات الأولى من الصباح، يقابل زبائنه ببشاشة، طرأت تطورات عدة على المكان، إلا أنه مُصر على مهنته التي أوشكت أن تتلاشى بتراجع الاعتماد على الساعة في معرفة الوقت والاستعاضة عنها بالجوالات. إنه العم سالم المري الذي دفعته هواية جمع الساعات في شبابه إلى فتح محل لبيعها وإصلاحها، وأخذ يتردد عليه عدد من الشخصيات البارزة، حيث أشار إلى أنه تعلم صيانة الساعات منذ عام 1970 على يد أحد المهندسين العرب ممن كانوا يزورون جدة، ويعطون دورات لمن يرغب في تعلم إصلاح الساعات، مشيرا إلى أنه كان يدفع 16 ريالا في اليوم الواحد للحصول على أسرار الحرفة، لافتا إلى إتقانه المهنة خلال 20 يوما من التعلم. وأوضح المري أن الساعة كانت جزءا من اللباس الجداوي القديم المكون من العمامة والصدرية، حيث كانت توضع داخل صندوق صغير دائري، ويسمي "كتينة" له غطاء، يوضع داخل جيب السديرية عبر سلسلة أو خيط، مضيفا أن أول ساعة أصلحها كانت من ماركة رادو، واستمر بعد ذلك في إصلاح الساعات من ماركات متنوعة مثل اندريكار وساعات لوفر ورولكس. وأضاف أنه عاش في شارع قابل أجمل لحظات حياته، مسترجعا بعض الشخصيات التي كانت موجودة، ومنهم الخواجة "ينو" صاحب أول محل لبيع الأجبان والزيتون والحلاوة الطحينية، مبينا أنه كان يقطن وأسرته في الدور الثاني من العمارة التي يوجد بها محله. وقال المري إن الملقاط والسكينة والمصباح الصغير والعدسة والمفك من الأدوات التي تشكل له أهمية كبرى في عمله، ولا يستطيع الاستغناء عنها داخل المحل، إلى جانب المكبس لفك الزجاج، وجهاز لتلميع الزجاج المخدوش أحضره من خارج جدة. وعن مدى الإقبال على محله الآن يقول"لا يزال يتردد على محلي الشباب بحثا عن ساعات الجيب، وذلك لإحياء هذا التراث الجداوي القديم، حيث يحرص كثير عليها وإصلاحها، ويدفعون ما يقرب من مائة ريال مقابل صيانتها".