أمر أشبه ب"حلم" تحقق لمحبي نادٍ عالمي عريق، وللمواهب من ناشئي كرة القدم في المملكة، وخصوصاً في المنطقة الشرقية، وتحديداً أطفال "الظهران" ممن تعلقوا بمعشوقتهم "المستديرة" وهاموا في انتصارات من يشجعون من فرقها العالمية، وحلموا بأن تطأ أقدامهم ميدانها "الأخضر المستطيل" كمحترفين كبار يعيشون "لذة" الانتصارات الكروية، وكنجوم مشاهير يشار إليهم بالبنان من قبل جمهور يمتد من موقعهم حيث يكونون إلى أقصى مكان في العالم، في شهرة خرافية لا تحققها لهم إلا معشوقتهم، كما هو حال نجوم نادي برشلونة الإسباني الذين كانوا في يوم من الأيام يعيشون -في سن الطفولة- مشاعر الحلم نفسه، الذي تحقق لهم بعد انخراطهم في أكاديمية النادي "لاماسيا". مستقبل المواهب وها هي ال"لاماسيا" تغادر إقليم "كاتالونيا" بإسبانيا محلقة بعيداً، لتلقي بأثقالها في "ظهران" المنطقة الشرقية من المملكة، لتعانقها آمال وأحلام وشغف مواهب "صغيرة" تتطلع بكل حواسها لمستقبل يفتح أبوابه بشهرة واسعة ونجومية كبيرة. إنه الحلم الذي تحقق على أرض الواقع، وهو ما يحلم به كل ناشئ رياضي في أرجاء المعمورة، ولم يكن ناشئو رياضة كرة القدم في المملكة بمعزل عن ذلك الحلم. فرصة نادرة ولإدراكهم أنها فرصة "نادرة" قد لا تتكرر لهم مرة أخرى، تهافت الأطفال من موهوبي لعبة كرة القدم ومحبيها من داخل حاضرة الدمام وخارجها على موقع أكاديمية "لاماسيا" بالظهران للاشتراك في برنامجها الصيفي، في صورة لم يتوقعها المسؤولون الذين أتوا بتلك الفرصة، حيث أعدت لها فعالية خاصة ضمن فعاليات مهرجان صيف شركة أرامكو السعودية 2011 بالظهران. وعلى أحر من الجمر، تمر دقائق وساعات الانتظار يومياً بالنسبة للهواة الصغار من المشتركين في برنامج الأكاديمية الصيفي، الذين ما أن يستيقظوا من نومهم صباح كل يوم حتى يهموا بارتداء الزي الرياضي من شدة تعلقهم بالمشاركة، واستعداداً لبلوغ الساعة الرابعة عصراً، وهي الساعة التي تفتح فيها فعالية أكاديمية "لاماسيا" الإسبانية أبوابها أمام المواهب السعودية. السعوديون والأسطورة ووسط النجاحات التي يقدمها نادي برشلونة ومن خلفه أكاديميته "لاماسيا" أو ما تسمى ب"الأسطورة"، يجد السعوديون أنفسهم في مواجهة جميلة أمام هذين العملاقين اللذين يتخذان لهما موقعاً ضمن فعاليات مهرجان صيف شركة أرامكو السعودية 2011 بالظهران، الأمر الذي يشكل مفاجأة رائعة لكل محبي هذا النادي والمهتمين به، وهو ما جعل المئات من المشاركين يتوافدون لنيل فرصة المشاركة في الأكاديمية خلال فترة الصيف والانخراط في برنامجها الصيفي. و"الأسطورة" اسم أطلق على هذه الأكاديمية، لما حققته من إنجازات خلال سنوات عملها، وكذلك لما يحيط بها من أسرار وغموض، فإدارة الأكاديمية ترفض دخول أي آلة تصوير إلى داخلها، وتمتنع عن منح وسائل الإعلام أي تفاصيل "واسعة" عن طريقة عملها وعما يدورون في أروقتها. لاماسيا الظهران وفي موقع الأكاديمية بالظهران، اتبع المنظمون طريقة منظمة لتسجيل أسماء المشاركين رغم كثرتهم في كشوفات خاصة قبل التمارين، مما جذب اهتمام الراغبين بالاشتراك. وأجبرت الأعداد الكبيرة للمشتركين بالإضافة إلى محدودية الفريق التدريبي، المنظمين على تقسيم المشاركين إلى مجموعات وتوزيعهم على الملعب المغطى والمكيف على شكل حلقات، يبدأ بعدها البرنامج التدريبي بمحاضرة تثقيفية يقدمها مدربون إسبان، حيث وفرت شركة أرامكو السعودية المنظمة للمهرجان مترجمين مع كل مدرب إسباني. وخلال المحاضرات التثقيفية، يركز المدربون في شرحهم للمشتركين على إيضاح أساسيات مهمة في عالم كرة القدم والرياضة بشكل عام، ومنها ما يتعلق بضرورة المحافظة على روح الفريق، واللعب الجماعي، والابتعاد عن الفردية، وزرع هذه الثقافة في نفوس النشء منذ البداية، مع إتاحة المدربين لكل لاعب ناشئ فرصة اختيار مركزه في الملعب دون أي ضغوط، ليدخل اللاعبون بعد ذلك في تمارين تكتيكية ويخوضون تدريباتهم على لعب الكرة. مشرف سعودي المشرف على فعالية أكاديمية "لاماسيا" الإسبانية في فعاليات مهرجان صيف أرامكو، تركي الغامدي، تحدث إلى "الوطن" عن تفاصيل قدوم نادي برشلونة الإسباني ممثلاً بأكاديميته "لاماسيا" إلى الظهران، وقال: كان لدينا حرص من البداية على استقطاب مؤسسة رياضية ذات إمكانات كبيرة إضافة إلى الجانب المهم الذي يتمثل في ضرورة وجود شعبية لهذه المؤسسة أو الجهة، فمثلاً جلبنا في مناسبات سابقة أكاديميات مرموقة مثل أكاديمية نادي الأرسنال الإنجليزي، والأكاديمية التابعة لنادي روما الإيطالي، بينما وقع الاختيار هذا العام على أكاديمية نادي برشلونة الإسباني "لاماسيا". وتابع الغامدي قائلاً "على الرغم من إدراكنا الشعبية التي يتمتع بها الفريق الإسباني حالياً في العالم أجمع عامةً، وفي المملكة خاصة، إلا أننا لم نتوقع الإقبال الكبير على فعالية الأكاديمية من قبل محبي النادي وكرة القدم، إذ يأتي إلى موقع الفعالية أطفال من الدمام والخبر وحتى من مدينة الجبيل التي تبعد 100 كيلومتر عن المكان، كما أن بعض أولياء الأمور يطالبون بفتح أبواب الفعالية من الصباح لأن أبناءهم يرتدون زيهم الرياضي منذ الصباح من شدة تعلقهم بالمشاركة، ولإدراكهم لقيمة وجود الأكاديمية في فرصة قد لا تتكرر كثيراً". حلم طفل ومن بين أحد الأطفال المشاركين بالتدريبات، يسدد "يزن" ذو التسع سنوات الكرة بكل ما أوتيت قدماه الغضتان من قوة، وما أن تعانق تسديدته الشباك حتى يعدو فرحاً باتجاه المدرجات موجهاً التحية للجمهور على طريقته الخاصة، ولوالديه اللذين كانا يتابعانه في المدرجات بشغف كبير. "يزن" هو أحد الأطفال السعوديين الذين حرصوا على المشاركة في الفعالية الرياضية، وعن تجربته يقول والده أمجد ل"الوطن": ابني حرص منذ بداية الفعاليات على المشاركة وتسجيل اسمه حيث إنه من المعجبين بنادي برشلونة الإسباني، ولا أستطيع أن أصف لكم مقدار الفرحة التي تتملكه بمجرد ارتدائه شعار الفريق في التدريبات، وقد انتظم في برنامج تدريبي يومي لمدة أسبوع، وكنت أرافقه ووالدته لتشجيعه ومشاركته اهتماماته، والحقيقة أننا وقبل وصولنا إلى هنا كنا نظن أن البرنامج مجرد أفكار بسيطة، إلا أن ما شاهدناه شجعنا كثيراً على الاستمرار في متابعة البرنامج حتى نهايته برفقة ابننا يزن، فالأكاديمية تقدم عملاً رائعاً ومنظماً لا يوجد له مثيل حتى في أنديتنا المحلية، وأعتقد أن الفعالية منحتنا أفكارا جديدة لتطوير مهارة ابننا يزن بشكل أفضل في الفترة المقبلة". مشيراً إلى احتفاظ الطفل يزن بالهدايا التذكارية التي حصل عليها من فعالية صيف أرامكو، ومنها كرة عليها شعار برشلونة وطاقم الفريق، بالإضافة إلى الصور الخاصة به، مضيفاً أن الأهم من ذلك كله هو الذكريات الجميلة التي ستحتفظ بها ذاكرة يزن لسنوات طويلة. ملعب الأكاديمية وفي خيمة كبيرة ومكيفة، احتُضِنَت فعالية الأكاديمية شأنها شأن بقية الفعاليات التي يحفل بها مهرجان صيف أرامكو السعودية، وبمجرد دخول الأشخاص الخيمة يستقبلهم أحد المتطوعين، حيث يتصدى لمهمة تسجيل أسماء الراغبين في المشاركة ويسلمهم الزي الرياضي الرسمي الذي يوزع مجاناً، في حين وضعت مدرجات في الجانب الأيمن من الملعب لجلوس العائلات لمتابعة أبنائها، بينما زرع الملعب بنوعية عالية المستوى من "النجيلة الصناعية" التي تناسب لعب الفرق الأولى المحترفة وليس للعب البراعم والناشئين فقط، فيما وضع مرميان بمقاسات تناسب أعمار الصغار المشاركين، كما حاكى القائمون على الفعالية عقلية المشاركين الناشئة بوضع صور كبيرة لأشهر نجوم الفريق الكاتالوني مثل "ليونيل ميسي" و"أنييستا" و"بيكيه" و"تشافي"، إضافة لصور جماعية لفريق برشلونة، مما منح الخيمة زخماً مميزاً لتطلق العنان لخيال الأطفال في منافسة هؤلاء النجوم. "جوزيه جوليان" المدرب الإسباني جوزيه جوليان - من الجهاز التدريبي لأكاديمية نادي برشلونة - استوقفته "الوطن" لمعرفة انطباعات أعضاء الجهاز التدريبي في النادي عن التجربة الحالية، فقال إن: "هذه الزيارة الثانية للملكة بالنسبة لي، وأستطيع القول إنني سأحمل كثيرا من الأمور الإيجابية عن تجربتي الحالية، فالأمور هنا منظمة بعناية، وتم توفير كل ما نحتاجه، أما المشاركون الصغار فأعتقد أننا وجدنا كثيرا من الخامات الجيدة التي تحتاج لاهتمام أكبر، ولكن لا بد من انخراطهم في أكاديميات متخصصة وعدم تركهم للممارسات العشوائية خشية ضياع أي مواهب محتملة، ويجب زرع ثقافة الأكاديميات في المملكة، ليتم الاهتمام بالطفل بشكل متكامل وليس رياضياً فقط، ليكون الأمر مرضياً لأسرته في الدرجة الأولى التي يهمها مستقبل أفضل لابنها، وهو ما سيخرج لنا في النهاية نجوماً في المستقبل، وهذا أحد أسرار نجاح "لاماسيا" عالمياً، ونحن نعمل على تقديم فرد مؤهل أكاديمياً ورياضياً بمستوى كبير من النضج الفكري والرياضي قبل تخريجه للعالم وهكذا للبقية".