الخوف من تغريب المسرح.. ربما هذا هو العنوان الأبرز الذي تواجه به عروض الكوميديا الارتجالية في السعودية، أو ما يسمى ب"ستاند أب كوميدي"، فإضافة إلى المصطلح الأجنبي الذي تعرف به، يأتي اعتماد مقدميها على اللغة الإنجليزية في أداء بعض فقراتها كخطر يكاد يفقد المسرح السعودي هويته، كما يرى الفنان عبدالإله السناني. ويخشى السناني من أن تؤثر هذه العروض على الجهود المبذولة للحفاظ على هوية المسرح السعودي، في حال عدم صقل الشباب لمواهبهم بالدراسة والتخصص. ويقول السناني "هذا الفن يحتاج إلى ثقافة ولياقة ودراية بمخارج الحروف ونفس طويل وقدرة على التعامل مع الجمهور، مطالبا ممثلي هذه العروض بتطويع التقنية وإبراز شخصياتهم والتركيز على الإرث الثقافي الموجود في العالم العربي والإسلامي، دون تقديم صورة مكررة من مشاهير عالميين عرفوا بهذا الفن، حيث يختلف فن النكتة الغربي عن العربي، مشيدا بطاقات الشباب وقدراتهم على التغيير والتأثير وتقديم الإبداع، مشجعا التنوع في العمل الفني، وإدخال فنون هادفة تحرك المسرح السعودي. ويبرر مدير العلاقات العامة والإعلام بشركة "eventsLuxury" الراعية لشباب "ستاند أب كوميدي" معاذ الحلفاوي المسمى الإنجليزي للعروض بأنه لا يوجد معنى عربي مواز لStandup Comedy باللغة العربية، مشيرا إلى أن أسباب ذلك تعود لكونه لم يظهر إلا منذ فترة قريبة جدا، لكن الكوميديا الارتجالية هي المرادف الأقرب للمعنى. وأكد الحلفاوي على وجود مواهب سعودية وطاقات كبيرة تستحق الدعم والظهور والانتشار على المستويين الخليجي والعربي، كالفنان إبراهيم الخير الله، والفنان فهد البتيري، الذي يستطيع حسب الحلفاوي مع تهيئة البيئة المناسبة له الوصول للعالمية، باعتباره يؤدي عروضه باللغتين العربية والإنجليزية. وأشار الحلفاوي إلى عدم التوصل لعرض مناسب بخصوص المشاركة في التلفزيون بشكل يتوافق مع شروط ومبادئ الشركة وأهدافها ما جعلها تعتمد على الإنترنت، مشيرا إلى خطة قريبة لنشر العروض أسبوعيا على "يوتيوب"، مؤكدا على أهمية توفر المسارح المناسبة من أجل القدرة على تقديم العروض، وهو أحد أصعب العقبات التي تقف أمام الشباب. وأضاف الحلفاوي "أن عروض الكوميديا الارتجالية بدأت عام 2007، ولكنها كانت شبه خاصة، بعد ذلك دخلت إحدى الشركات هذا المجال وبدأت بعمل عروض لأعداد كبيرة، ولكن هذه العروض استمرت على خصوصيتها ومحدوديتها لطبقات معينة. ويبدو أن محاولة الحفاظ على الهوية العربية هي ما دعا أحد أشهر السعوديين المقدمين لهذه العروض وهو إبراهيم مسيسبي إلى رفض استخدام اللغة الإنجليزية في أداء عروضه على العكس من بقية زملائه، فعلى الرغم من حمله لاسم إنجليزي، إلا أنه يؤكد اقتناعه بأن العربية هي اللغة الموصلة لهذا الفن والقادرة على نشره بين أفراد المجتمع العربي بطريقة سليمة. ويقول ميسسبي "إن تجاوب الجمهور السعودي مع عروض الكوميديا الارتجالية رائع"، معتبرا أن هذا النوع من الأداء المسرحي يعد ثقافة جديدة غربية مأخوذة من الغرب، لافتا إلى أن الأصل في النكت عربي، وأن الهدف من العروض ليس الإضحاك فحسب بل تقديم رسالة هادفة عبر عرض مواضيع تهم المجتمع. مدير الأنشطة بجمعية الثقافة والفنون بالدمام جبران الجبران يؤيد أن يتم تقديم الدعم لهؤلاء دون تقنين، كونهم يناقشون قضايا محلية تلامس هموم الجمهور ويحملون وعيا كبيرا بما يقدموه من عروض، دون الحاجة لمحاذير ورقابة تفرض عليهم تحد من إبداعهم فيما لو تبنتهم جهة رسمية، مراهنا على ما يقدمه الشباب في هذه العروض. ويؤكد الجبران أن هذا الفن سيلقى رواجا خلال الأربع السنوات المقبلة، وسينتشر أكثر من الغناء. ويجد الجبران أن الكاريزما والمخزون الثقافي والجرأة والوعي بما يقدم هو أهم مواصفات ممثلي هذه العروض التي لقيت في الفترة الأخيرة تجاوبا كبيرا من الجمهور، إذ يتابعهم الآلاف أسبوعيا عبر اليوتيوب.