في مثل هذا اليوم من العام الماضي، خسر 6 معلمين من أصل 12 معلما، حياتهم في حادث مشهود وقع في طريق "النعيرية الجبيل" أثناء عودتهم من محافظة حفر الباطن في أول يوم من استكمال تعيينهم "معلمين" قبل بداية العام الدراسي الماضي.. وقد أفرزت القضية الكثير من التعقيدات للمعلمين ال6 الناجين من تلك الحادثة، وأصبحت تشكل لهم معاناة يرجون حلها بعد أن امتدت لتطال مصيرهم ومستقبلهم وعملهم، إلى جانب معاناتهم "النفسية" مما حل بزملائهم ال6، إذ حاول الناجون النقل من تعليم حفر الباطن إلى تعليم المنطقة الشرقية، خصوصا مع رفض آبائهم فكرة ذهابهم مجددا إلى حفر الباطن، إلا أنهم فشلوا في ذلك. وأحدهم فقد ذاكرته، ولم يتعاف بعد من كسور في الحوض وإصابة في الرأس، أقعدته بالمنزل في إجازة مرضية لمدة عام. ولا يزال الجرح النفسي حيا في النفوس، فعجلة الذاكرة دائما ما تدور بهم للوراء، كلما سلكوا طريق العمل ذهابا أو عودة. كما أن المعلم رضا الصغير "الذي كان يقود الحافلة" مهدد حاليا بالسجن لمدة عام، رغم تنازل جميع أهالي المعلمين عن حقهم الخاص تجاهه. "الوطن" زارت المعلمين الناجين في محافظة القطيف، وكان اللقاء في منزل أحدهم وقد اجتمعوا به بناء على موعد مسبق للالتقاء ب"الوطن" لنقل مأساة أخرى تتناول معاناتهم التي لم تنته منذ "رحلة الحادث المؤلم". لا تفاعل "لم نجد تفاعلا مع معاناتنا ولا إحساسا بما أصابنا"، هي العبارة التي اختارها كل من المعلمين، علي محيميد، وعبدالله المعلم ومحمد الحداد، وأحمد الهاشم، للدخول في الحديث عن المعاناة التي يعيشونها بعد ذلك الحادث "الأليم"، وأضافوا قائلين ل"الوطن": لم نجد التقدير عند مراجعتنا لوزارة التربية والتعليم على الرغم من أننا ذهبنا لمحافظة حفر الباطن بناء على طلب منها، ومحاولات طلب نقل بالقرب من مقر سكننا صدت في وجوهنا، وعن هذا اللقاء غاب المعلمان رضا الصغير ووافي المطر لسفرهما خارج المملكة. وفي استرجاعهم لشريط الذكريات، قال الناجون "كنا 12 معلما متجهين إلى منطقة حفر الباطن التعليمية، نحث السير في بداية مشوارنا العملي لخدمة وطننا الغالي، لكن القدر المحتوم نزل علينا، ففي طريق عودتنا إلى القطيف انقلبت السيارة التي تقلنا، وتناثرت أجسامنا على جانب الطريق، فكانت الفاجعة المؤلمة، 6 شبان فارقوا الحياة و6 ينزفون الدم ويتجرعون الألم وهم يشاهدون أجساد إخوانهم ملقاة على الأرض، نقلونا إلى مستشفيات لتلقي العلاج، ولا يزال البعض منا متأثرا". وتابعوا قائلين "إن أملنا في الله تعالى ثم في المسؤولين يتقدمهم وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله، لنقلنا إلى منطقة الدمام التعليمية، كي يشعر أهلنا بالاطمئنان ونقدم عطاءنا للوطن ونحن في حالة من الاستقرار النفسي". فقد الذاكرة أما المعلم أحمد الهاشم "فاقد الذاكرة" الذي ظل في غيبوبة لمدة شهرين ولم يخرج من مستشفى القطيف المركزي الذي كان يتلقى فيه العلاج إلا بعد الشهر الثالث من وقوع الحادث، فقال والده ل"الوطن": إن ابني أحمد خرج فاقدا الذاكرة، وقد تعافى في الوقت الراهن بشكل ملحوظ، إلا أن ما يؤسفني أنه لم يسأل عن ابني أحد من إدارة التربية والتعليم عندما كان يرقد في المستشفى، كما لم يزره أحد، فقط جاءتنا مكالمة واحدة من إدارة التربية والتعليم بحفر الباطن، من قبل سعود الشمري، ونحن حاليا لا نعرف هل هو على "بند المتعاقدين" بعد القرارات الملكية الخاصة بتثبيت جميع موظفي الدولة أم تم تثبيته، رغم محاولاته العديدة للاستفسار من إدارة التربية والتعليم حول الأمر، وكلما استفسر عن الترسيم عبر موقع الوزارة، تظهر له رسالة "عفوا لا يوجد موظف بهذا السجل حاليا". وفي محاولة منهم لمقابلة وزير التربية والتعليم، أوضح المعلمون، أنهم طلبوا الوزير، قائلين: إن مدير مكتب الوزير حولنا إلى وكيل الوزارة، ولم نحظ بمقابلته كذلك، وتم تحويلنا إلى مكتب شؤون المعلمين، ثم مدير حركة النقل، ولم يتجاوب معنا أي شخص، وكأن أمرا لم يكن، ونسوا أمر المعاملة، وفي إدارة نقل المعلمين، استقبلونا ببرود". وأكدوا أن أهاليهم لم يوافقوا على عملهم في حفر الباطن بعد الحادث الذي وقع لهم، وقالوا: "إن آباءنا وأمهاتنا رفضوا ذهابنا إلى حفر الباطن مجددا، وعارضوا رغبتنا في العمل هناك، ولكننا وضعناهم أمام الأمر الواقع، بعد أن تم رفض طلب النقل الذي تقدمنا به". ليس من صلاحيتنا وحول طلب المعلمين النقل إلى تعليم الشرقية، قال مدير إدارة الإعلام التربوي بتعليم محافظة حفر الباطن زبن الشمري ل"الوطن"، إن عملية طلب المعلمين النقل الاستثنائي إلى تعليم الشرقية تقديرا لظروفهم، ليس من صلاحية تعليم حفر الباطن، حيث يخضع لضوابط وشروط منظمة من قبل الإدارة العامة لشؤون المعلمين بوزارة التربية والتعليم وهي معلنة لجميع منسوبي الوزارة من المعلمين، أما فيما يخص الإجازة المرضية للمعلم أحمد الهاشم فمساعدة وتعاون من إدارة الشؤون الإدارية والمالية تم الاتصال بالمعلم وطلب صورة من نموذج إجازته المرضية لرفعها للجهات المعنية ليتم اتخاذ اللازم طبقا للوائح والأنظمة المعمول بها في وزارة التربية والتعليم، علما بأن إدارة تعليم حفر الباطن أجابت على جميع الاستفسارات التي تلقتها من أهالي المعلمين في وقتها. وكان الحادث المروري، شهد وفاة المعلمين: جاسم الشيخ "24 سنة"، وناصر الناصر "25 سنة"، وعلي الموسى "24 سنة"، وحسن آل مبارك "25 سنة"، وحسين الخميس "25 سنة"، وعلي المخلوق "26 سنة"، فيما أصيب السائق رضا الصغير، والمعلمون: عبدالله المعلم، وأحمد الهاشم، ووافي مطر، وعلي آل محيميد، ومحمد علي الحداد. وتوزّعت المأساة على خمس بلدات في محافظة القطيف هي: التوبي والخويلدية والأوجام والجش وسيهات وتاروت، إضافة إلى القطيفالمدينة.