قبل شهرين فقط، كان القلق يساور منظمي بطولة كأس العالم 2010 لكرة القدم في جنوب إفريقيا بسبب وجود نصف مليون تذكرة باقية لمباريات البطولة، مما أثار خشية المنظمين من شبح المقاعد الشاغرة في المدرجات. وتستضيف جنوب إفريقيا مباريات البطولة في عشرة إستادات أقيم بعضها وجدد البعض الآخر لتكون أحد عناصر النجاح للبطولة، لكن مع بقاء كل هذا العدد من التذاكر غير المباعة تحولت المقاعد الشاغرة المحتملة في مباريات البطولة إلى شبح يهدد نجاحها الذي يعتمد في المقام الأول على الحضور الجماهيري. ولكن بعد 24 ساعة فقط من طرح هذه التذاكر للبيع في جنوب إفريقيا في 15 أبريل الماضي، وصل عدد التذاكر المباعة إلى 100 ألف تذكرة وذلك بعدما اصطفت أعداد كبيرة لمدة نحو 20 ساعة أمام مراكز بيع التذاكر المنتشرة في أنحاء البلاد. ولم يستغرق الأمر وقتا طويلا حتى تجاوزت مبيعات التذاكر المطروحة لهذه البطولة والبالغ عددها 2.88 مليون، حاجز ال90 % لاسيما أن مشجعي جنوب إفريقيا اشتروا أكثر من مليون تذكرة منها. وبعد نسبة المبيعات المخيبة للآمال لتذاكر البطولة في أوروبا، شعر المنظمون في جنوب إفريقيا وكذلك الاتحاد الدولي للعبة "فيفا" بقلق شديد من فشل البطولة جماهيريا، لكن وطنية مشجعي جنوب إفريقيا بددت هذه المخاوف حيث لم يكن اهتمامهم بكرة القدم كبيرا بقدر اهتمامهم برفعة شأن بلدهم. وبدأ عشرات الآلاف من مواطني جنوب إفريقيا في جميع أنحاء هذا البلد في ارتداء القميص الأصفر الذي يرتديه لاعبو المنتخب كما يحملون آلات الفوفوزيلا التي تمثل روح التشجيع في كرة القدم بجنوب إفريقيا. وقال الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة للبطولة، داني جوردان "لا نستطيع انتظار 11 يونيو" في إشارة إلى المباراة الافتتاحية للبطولة والتي يلتقي فيها منتخب جنوب إفريقيا نظيره المكسيكي. وعلى النقيض تماما، لا يستطيع سكرتير عام فيفا جيروم فالكه، الانتظار حتى إطلاق صافرة نهاية المباراة النهائية للبطولة، وصرح خلال اجتماع مع اتحاد المراسلين الأجانب في جنوب إفريقيا خلال مايو الماضي، قائلاً "حلمي أن نصل لمنتصف ليلة 11 يوليو"، معترفاً بأن تنظيم هذه البطولة كان معاناة. وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، اضطر الفيفا للتدخل بشكل مباشر في مراقبة تطور الأمور فيما يتعلق باستعدادات الدولة المضيفة في مجالات مثل النقل والمواصلات والاتصالات وهي الأمور التي لم تشغل باله من قبل في مونديال 2006 بألمانيا. ورغم اقتراب ساعة الصفر لانطلاق فعاليات البطولة، ما زال مجال النقل والمواصلات من نقاط الضعف في التنظيم رغم التطويرات الهائلة التي أجرتها جنوب إفريقيا في هذا المجال. وانطلق أول من أمس القطار السريع بين مطار أوليفر تامبو في جنوب إفريقيا وضاحية ساندتون كما وضع المنظمون نظاماً للنقل السريع يربط وسط جوهانسبرج بإستادي "سوكر سيتي" و"إليس بارك". ولكن من المنتظر أن يعتمد المشجعون الأجانب، المتوقع وصولهم إلى جنوب إفريقيا، والبالغ عددهم نحو 300 ألف مشجع، على السيارات وحافلات نقل الركاب للتنقل في أنحاء جنوب إفريقيا مما يؤكد حدوث زحام مروري خلال فترة البطولة. وإذا وصل عدد المشجعين الأجانب إلى 450 ألف مشجع كما كان متوقعاً في البداية، ستتضاعف هذه العقبات والصعاب. وفي النهاية، قرر كثير من المشجعين الأجانب وخاصة مشجعي ألمانيا وإنجلترا البقاء في بلدانهم ومشاهدة فعاليات كأس العالم عبر شاشات التلفزيون بسبب التكاليف الباهظة للسفر وحضور فعاليات البطولة بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الجريمة في جنوب إفريقيا، ومع تراجع أعداد المشجعين الأجانب المنتظر سفرهم إلى جنوب إفريقيا، اضطرت إدارات الفنادق إلى تخفيض أسعار الإقامة بها من أجل شغل الغرف الشاغرة. وألقى " فيفا" باللوم في تراجع أعداد المشجعين الأجانب المتوقع سفرهم لجنوب إفريقيا على الأزمة الاقتصادية العالمية ولكن ما يستحق اللوم أيضاً هو النظام الذي يتبعه الفيفا في عملية توزيع وبيع تذاكر المباريات. ورغم مشاركة القارة الإفريقية بستة منتخبات في مونديال 2010، اقتصر عدد التذاكر المباعة في جميع أنحاء القارة السمراء، بخلاف جنوب إفريقيا، على 40 ألف تذكرة فحسب. وأعرب مشجعو إفريقيا عن شكواهم من صعوبة الوصول للتذاكر التي يتم حجزها عبر الإنترنت. واعترف " فيفا" بالخطأ الذي وقع فيه ووعد بإعادة التفكير في هذه الطريقة قبل مونديال 2014 بالبرازيل. وخصصت جنوب إفريقيا 44 ألف شرطي وآلافا من رجال الأمن الخاص لحماية وتأمين اللاعبين والحكام والمسؤولين والمشجعين والإستادات وفنادق إقامة المنتخبات المشاركة ومتنزهات المشجعين ومناطق المشاهدة العامة في المدن التسع التي تستضيف فعاليات البطولة.