تشهد الطائف حاليا تراجعا شديدا للاستثمار في مجال تربية الإبل لحساب الأبقار الأجنبية ذات السلالات النادرة، بعدما تدهورت مبيعات حليب الإبل في الأشهر الأخيرة بعد فترة رواج ناتجة من دراسات أظهرت شفاء لبن الإبل العديد من الأمراض وقضائه على بعض الفيروسات في الدم. ووصف عبدالعزيز السفياني، أحد بائعي حليب الأبقار أنه اضطر إلى تغيير نشاطه من الاستثمار في الإبل إلى الأبقار، وبرر ذلك التحول بأنه لم يلحظ إقبالا على حليب الإبل في الأشهر الأخيرة مقارنة بحليب الأبقار، وقال «واجهت بعض الانتقادات عند مزاولتي بيع حليب الأبقار لكني وجدت عائدا ماليا وفيرا من هذه المهنة جعلني لا ألتفت إلى انتقادات زملائي في الأسواق». وأكد أن بيع حليب الأبقار يدر عليه دخلا جيدا، وأن «الطاسة» مقاس 60 لترا كانت تباع في السابق ب 50 ريالا، أما الآن ومع موجة الإقبال على الحليب البقري الطازج ارتفعت إلى 80 ريالا «دائما ما يشهد حوش الأبقار لدي في الصباح والمساء حالات اشتباكات بين ملاك محال بيع الحليب الطازج والزبائن، لحجز الحليب»، مشيرا إلى أن ملاك الإبل أغضبهم رواج لبن الأبقار. ولفت السفياني إلى أنه في طور فتح مصنع مخصص لبيع الحليب الطازج، لكنه أشار إلى أن أسعار البقر مرتفعة جدا مقارنة بالإبل. وكشف أحمد عبده اليماني، مستثمر في محال توزيع الحليب الطازج أنه يشتري ما يوازي 500 لتر يوميا من حليب الأبقار لبيعها على المشترين «حجم كوب الشاي يباع لدينا ب 3 ريالات» مضيفا أن من بين المقبلين على شرائه يوميا أطباء وشخصيات كبيرة، في دلالة واضحة على أن حليب الأبقار صحيا أفضل من حليب الإبل. وعلى جانب آخر يصر بعض ملاك الإبل على بيع حليبه مهما تراجعت أرباح المهنة مقابل الأبقار، لكنهم أشاروا إلى أن ارتفاع أسعار الشعير والعلف أصابهم بحالة إحباط من تربية الإبل. يشار إلى أن الإبل من المصادر الهامة في المملكة لسد الاحتياجات من البروتين الحيواني، لكن حسب تقدير المنظمة العربية للتنمية، تراجع الاهتمام بتربية الإبل بين السعوديين والخليجيين بشكل عام نتيجة للتغيرات في العادات الاجتماعية للمواطن العربي، وتغير الأنماط الاستهلاكية، ما جعل من الإبل حيوانات ثانوية. وأرجعت المنظمة العربية تراجع أعدادها إلى اكتشاف النفط، حيث ترك مربو الإبل الصحراء، وركنوا للتمتع بهذه الثروة داخل المدن، بجانب انتشار الأمراض وارتفاع نسبة الهلاك وقلة الأدوية المستعملة وضعف الخدمات البيطرية المقدمة لمربي الإبل كما ونوعا، واتجاه وزارات الزراعة في الوطن العربي إلى استيراد الأبقار الأوروبية ذات الإنتاج العالي من الحليب، وإنشاء محطات لتربية الأبقار، ما شجع مربي الإبل على زيادة الذبح الجائر، خصوصا النوق، وبالتالي انخفضت أعداد الإبل. بالإضافة إلى أن التطور الصناعي الهائل في تصنيع السيارات والناقلات والطائرات تسبب في تقليل أهمية الإبل لأمور النقل والتجارة .