سجل التاريخ السعودي قبل خمس سنوات، بحروف من نور، بيعة حب وولاء من الشعب السعودي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يحفظه الله، ليستكمل مسيرة البناء والتنمية التي عاشها هذا الوطن. واليوم 26 جمادى الآخرة تحل الذكرى الخامسة لهذه البيعة المباركة. وقد شهدت السنوات الخمس التي تربع فيها الملك عبدالله على عرش الحكم إنجازات لا يمكن حصرها، حتى حق للمواطن السعودي أن يفخر بأنه يحيا في عهد عبدالله بن عبدالعزيز. وبهذه المناسبة العظيمة، تلقي "الوطن" عبر هذا الإصدار الخاص مزيدا من الضوء على مسيرة الانفتاح الإصلاحي التي قادها قائد سفينة الوطن. وإذا كانت الإنجازات عديدة وهامة، فإننا يمكننا تلخيص أبرزها في السياسة الحكيمة والنهج العقلاني لإدارة أمور الدولة والتعامل مع الآخرين بشفافية ووضوح، حيث تجاوز بحكمته وحنكته السياسية الكثير من المخاطر التي أحاطت بالمجتمع السعودي، فتحقق على يده نصر مبين على قوى الشر والبغي التي اقتحمت حدودنا الجنوبية محاولة العبث بأمن الوطن والمواطن، متصديا بقوة وحزم وعزم لقوى إقليمية سعت إلى زعزعة استقرار المنطقة. ولم يغفل حفظه الله عن ذلك الخطر المحدق بالمجتمع السعودي والذي تمثل في الإرهاب المتمسح برداء الدين، فتعامل مع هذا الملف برؤية ثاقبة وأفق نير، بدءا بمد يد العفو لمن يعودون إلى رشدهم، مرورا بالمواجهات الأمنية لتلك الفئة الضالة التي حاولت النيل من استقرار الوطن، وانتهاء ببرنامج المناصحة والتسامح مع من تراجعوا عن توجهاتهم الهدامة. وفي الجانب الدولي والعربي، سعى خادم الحرمين الشريفين إلى تصحيح صورة الإسلام والمسلمين أمام دول العالم، مؤكدا أن الإسلام دين سلام ومحبة وتراحم، وليس دين قتل وتدمير وإرهاب، داعيا في هذا الصدد إلى حوار الأديان وتقارب الثقافات، معززا العلاقات الثنائية مع معظم دول العالم، رافعا راية السلام والتعاون، ومطالبا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ومعالجة قضية العراق وفقا لقرارات الشرعية الدولية والقمم العربية. واهتم الملك عبدالله على ذات الصعيد برأب الصدع بين الإخوة العرب، وحل الخلافات العربية- العربية في إطار البيت الواحد "بيت العرب". وامتدت اهتماماته رعاه الله بحقوق الإنسان، فأصدر قراره بإنشاء هيئة حقوق الإنسان، كما انضمت المملكة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. ومحليا.. سعى خادم الحرمين إلى بناء الإنسان السعودي باعتباره ركيزة التنمية، وتعزيز الإنجازات الداخلية، فأصدر نظامي القضاء وديوان المظالم ورصد سبعة مليارات ريال لمشروع تطوير مرفق القضاء، وأتاح للمرأة السعودية المزيد من المشاركة في مسيرة التنمية فتبوأت مناصب هامة ورفيعة على الصعيد المحلي والدولي. كما اهتم بالتعليم العام والعالي ورصد المليارات من أجل النهوض بهذين القطاعين فشهدا توسعا كميا ونوعيا، وأمر ببرنامجه للابتعاث الخارجي لتوفير الكوادر الوطنية المؤهلة علميا للمشاركة في تنمية الوطن، ويأتي هنا تدشين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في ثول كأبرز مثال على هذا الاهتمام. وفي مجالات التنمية المختلفة، شهد هذا العهد خلال السنوات الماضية تطورا نوعيا وقفزات كبيرة في المجال الصناعي والزراعي وتنويع مصادر الدخل. واستطاعت سياسته الحكيمة المتوازنة أن تجنب البلاد ويلات أزمات اقتصادية عصفت بالعديد من دول العالم وطالت بعض الدول المجاورة. وفي مجالات الشباب، حرص الملك عبدالله على النهوض بالشباب وتوفير فرص العمل لهم وتهيئتهم لسوق العمل من خلال معاهد وكليات تقنية ومهنية. وفي قطاع الصحة، شهدت المملكة تطورا ملحوظا في الخدمات الصحية والتأمين الصحي وإنشاء العديد من المستشفيات والمراكز الصحية لتوفير الخدمات التي يحتاجها المواطن والمقيم. وامتدت أياديه البيضاء إلى مشاريع الطرق والموانئ والمطارات، التي أصبحت شاهدا على عصر الانفتاح الإصلاحي، الذي اتسم به هذا العهد الزاهر. كما امتدت أياديه البيضاء إلى أسر شهداء الواجب رعاية ودعما واهتماما تقديرا لما قدموه للوطن من تضحية وفداء. ولم يقل اهتمامه أيده الله بذوي الاحتياجات الخاصة عن غيرهم من الأصحاء، وطالت رعايته أيضا أبناء الشعوب الأخرى بتقديم يد المساعدة والعون لهم وإغاثتهم في الملمات، بل إن التاريخ لا ينسى لخادم الحرمين الشريفين مواقفه الإنسانية النبيلة والعديدة ولعل من أبرزها تبنيه- يحفظه الله- نفقات عمليات فصل التوائم السياميين، وتعويض المتضررين من الكوارث الطبيعية مثلما حدث في سيول جدة.