يسدل الستار اليوم على المشهد الأخير من صراع المنافسة على لقب أغلى الكؤوس المحلية (كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال) عندما يحتضن ملعب الأمير عبدالله الفيصل في جدة المباراة النهائية للمسابقة التي ستجمع الاتحاد والأهلي في نهائي ملتهب فنياً وجماهيرياً، يشعله التنافس التقليدي بين الفريقين، وهو ما ينتظر أن يلهب الأكف لأن محصلة اللقاء تختلف عن أي مباراة سابقة جمعت الفريقين، فالفوز سيكون ثمنه ذهباً، والهزيمة ستجعل الصيف أكثر سخونة بالنسبة للفريق الخاسر. ومع اليقين التام أن لقاءات الفريقين لا تحتكم للمعايير الفنية، حيث إن لمباريات الديربي حسابات خاصة لا يمكن التنبؤ بها، إلا أن كلا الفريقين يتطلع إلى انقاذ موسمه في آخر البطولات المحلية، فالاتحاد الذي تجاوز الهلال في نصف النهائي بالفوز عليه ذهابا 3 /صفر والتعادل معه إياباً 1/1 يسعى لتأكيد الصحوة منذ تولي المدرب البلجيكي ديمتري مهمة الإشراف الفني عليه والاحتفاظ باللقب. ويعيش الفريق الاتحادي حالياً توهجاً فنياً تحت قيادة ديمتري الذي أثبت أنه يمتلك مفاتيح خزائن تفوق الفريق، بعد أن استطاع في زمن قياسي تحويل الاتحاد من بقايا أشلاء مبعثرة - تسببت فيها المدرسة البرتغالية التي مثلها المدربان مانويل جوزيه وتوني أوليفيرا خلال الفترة المنصرمة من الموسم والتي عصفت بالفريق - إلى فريق متماسك قادر على صنع الإنجاز وتحقيق التفوق. ويعتمد العجوز البلجيكي في فكره التدريبي على طريقة (كاسر الأمواج)، فأول ما يركز عليه هو تأمين مناطقه الخلفية، ومحاولة استدراج المنافس لمهاجمته، وبعد استخلاص الكرة يتحول الفريق للهجوم الخاطف السريع بعدد قليل من اللاعبين، وهذه الطريقة أثبتت نجاحاً منقطع النظير، ووصلت بالاتحاد إلى دور الثمانية في مسابقة دوري أبطال آسيا وجعلته يلعب اليوم على نهائي أغلى المسابقات. وأهم الأدوات التي يستعين بها ديمتري لتطبيق هذا الفكر هما لاعبي المحور الدفاعي سعود كريري وأحمد حديد، اللذين يعدان مركز عمليات الفريق دفاعاً وهجوماً، في حين يعد خط الإمداد الأول وترمومتر الأداء هو البرتغالي باولو جورج الذي بات مع ديمتري أهم لاعبي الفريق، ومصدر خطورته للمجهود الكبير الذي يبذله دفاعاً وهجوماً، وتظل اللمسة الفاصلة في قدم القائد محمد نور مفتاح الأهداف الاتحادية بتمريراته القاتلة لرأس الحربة الذي من المتوقع أن يقوم بأدواره الجزائري عبدالملك زيايه. وإجمالاً فإن ديمتري يتمنى أن يكون أول أهداف اللقاء من نصيب فريقه، لأن ذلك سيخدم نهجه الفني كثيراً، وسيدفع لاعبي الأهلي للهجوم ما سيفتح المساحات في المنطقة الخلفية لدفاعهم، وهو ما يحتاجه لاعبو الاتحاد ويجيدون التعامل معه. في المقابل، يتطلع الأهلي إلى تحقيق الفوز على حساب الاتحاد لإحراز لقبه الأول في المسابقة، وشهد أداء الفريق تصاعداً في المستوى بشكل تدريجي من مباراة إلى أخرى في هذه المسابقة، حيث كانت البداية بخسارة ذهاباً وإياباً أمام فريق الشباب إلا أنه استفاد من الاحتجاج الشهير على مشاركة اللاعب عبدالعزيز السعران ما أوصله إلى نصف النهائي، وبعد مستوى غير مقنع وتعادل في الزمن القاتل من اللقاء، عاد الأهلي ليضرب بقوة في الإياب، ويقصي الوحدة برباعية طار على إثرها للنهائي للمرة الأولى في تاريخه. والأهلي من الفرق التي تجيد التعامل بذكاء مع مثل هذه البطولات ذات النفس القصير، وهو ما ظهر في تجارب سابقة، كما أن الفريق كان قريباً هذا الموسم من الوصول إلى نهائي كأس ولي العهد لكنه خرج من نصف النهائي. ونجح مدرب الفريق، الصربي أليكس إلى حد كبير في قيادة الأهلي إلى نهائي هذه المسابقة رغم الظروف الصعبة التي مرت بالفريق، وهناك تقارب كبير بين نهجه الفني ونهج المدرب ديمتري مع اختلاف أدوات التنفيذ في الفريقين. ومن المنتظر أن يعمد أليكس في لقاء اليوم إلى إغلاق مناطقه الخلفية وفرض رقابة لصيقة على محور الهجمات الاتحادية محمد نور مع عدم إعطاء اللاعب البرتغالي باولو جورج فرصة الانطلاق من المساحات التي يجيد فيها بناء الهجمات. ويتميز الأهلي في منطقة الهجوم بتواجد الثنائي العماني عماد الحوسني الذي تحوم الشكوك حول مشاركته وقد يعوضه حسن الراهب، والبرازيلي فيكتور سيموز، ومن خلفهما رئة الفريق تسيير الجاسم أنشط لاعبي الأهلي بحركته المتواصلة التي تزعج دفاعات الفرق المنافسة. اللقاء بشكل عام يتوقع أن يكون سمته التحفظ، وسيرجح كفة أي فريق التعامل الإيجابي مع الفرص التي تسنح له والتي قد لا تتكرر كثيراً.