استغل عدد من أصحاب صهاريج المياه كعادتهم الموسمية انقطاع المياه المحلاة عن عدد من أحياء الرياض، ورفعوا سعر الصهريج الواحد إلى 250 ريالاً، فيما أسماه الأهالي المضطرون للشراء بال"سوق السوداء" التي اعتبروها الحل الأخير لمشاكلهم مع المياه، ويضطر بعض السكان إلى الذهاب إليهم في أماكن تواجدهم للشراء تجنباً للانتظار الطويل أمام محطات التوزيع. فما إن بدأت حرارة صيف الرياض في الصعود مسجلة درجات فوق ال42 درجة، حتى عادت معاناة السكان "الصيفية" للظهور من جديد، ليعود انقطاع المياه، والكهرباء في عدد من أحياء الرياض. وكشفت جولة "الوطن" على هذه الأحياء، أنه في الوقت الذي يشكو فيه سكان شرق الرياض من الانقطاع المتكرر للكهرباء طوال الشهر الماضي، يعاني سكان الغرب من انقطاعات المياه خلال الأسبوعين الماضيين؛ الأمر الذي بررته شركة المياه الوطنية في ردها على تساؤلات "الوطن" بتأثر بعض مصادر التغذية بالتقلبات المناخيّة والتقلبات الجويّة، إضافة إلى بعض الظروف التشغيليّة للمحطات، مؤكدة أنه يتم تعويض السكان بصهاريج مجانية لسد احتياجاتهم في حال انقطعت المياه عن منازلهم. زارت "الوطن" عدداً من محطات توزيع المياه، منها محطة حي العريجاء غرب الرياض، حيث تواجد عشرات المواطنين والمقيمين يرابطون أمام المحطة للحصول على المياه مقابل 72 ريالاً للصهريج الواحد، كما رصدت حركة لافتة لصهاريج المياه وهي تقف في طوابير أمام محطات التوزيع "الأشياب" الموزعة في بعض الأحياء، مما يؤكد زيادة الطلب على المياه مع دخول الصيف، لكن ذلك بصورة أقل من المعتاد خلال الأعوام الماضية. انخفاض كمية المياه وقال أحمد الحبابي "منذ 10 أيام انخفضت كميات المياه التي تضخ في حي البديعة غرب الرياض، تحديداً شارع محمد العبادي، مما أدى إلى انقطاع المياه عن السكان، واضطرهم لارتياد محطات التوزيع والسوق السوداء لشرء الصهاريج، مطالباً الجهات المعنية بالنظر في معاناتهم التي تتكرر سنوياً، كما اقترح زيادة محطات التوزيع، وعدد الصهاريج التي تنقل المياه للأحياء لمواجهة الطلب على المياه في فصل الصيف، حيث لا يكاد يكفي الصهريج بعض العوائل بضعة أيام". وأكد بدر سعد العقيلي أن المياه تضخ في حي العريجاء غرب الرياض بشكل ضعيف للغاية، وحينما يستمر الضخ ليومين ينقطع في ال 10 أيام التي تليها، لافتا أنه خلال الأيام الماضية عوّضتهم شركة "المياه الوطنيّة" بصهريج مجاني بعد أن طالهم الانقطاع، لكن الصهريج لم يكف سوى بضعة أيام، فاضطر لارتياد محطة التوزيع لشراء الصهاريج، حيث وجد قبله 70 رقماً على قائمة الانتظار، وأخبره الموظفون في المحطة بالانتظار إلى حين وصول دوره، بعد أن يتم الاتصال به أو ترسل إليه رسالة نصيّة تخبره باقتراب الدور الذي غالباً ما لا يأتي إلا في اليوم التالي من الطلب. سر الانقطاع وبسؤاله عن دور السكان في خلق الأزمة السنويّة عبر التبذير في الاستهلاك وعدم الترشيد، أجاب العقيلي "في مثل هذه الأجواء الحارّة يحتاج السكّان للاستحمام وتنظيف الملابس والأفنية بشكل مستمر، وهو ما يستهلك كمية كبيرة من المياه، إلا أن ذلك ليس مبرراً لانقطاع المياه، حيث إنهم يدفعون فواتير شهرية، ومن حقهم توفير الكميات التي يحتاجونها، طالما هم يستهلكونها بمقابل. وتساءل العقيلي عن سر انقطاع المياه بداية كل صيف، مشيراً إلى أنه قد يكون هناك مستفيد من هذا الانقطاع لبيع المياه التي في حوزة أصحاب الصهاريج والمتعهدين الذين يخترعون أزمة مياه للكسب المادي مع بداية كل صيف في سوق سوداء نرفضها جميعاً. وعن رد شركة المياه الوطنية ل"الوطن" تعليقاً على هذه الأزمة، أكدت الشركة "أن ليس لها علاقة بصهاريج المياه التجارية التي قد يشتريها بعض العملاء من خارج محطات التعبئة التابعة لها، حيث توفر الشركة لعملائها الصهاريج المجانية في حال حدوث أي إنقطاع أو نقص في المياه، وفي المقابل توفر الشركة لعملائها الصهاريج مدفوعة الثمن في حال رغبتهم بذلك، وبسعر ثابت لا يتغير، حيث يبلغ السعر الرسمي للمتر المكعب 6 ريالات فقط". انقطاعات مؤقتة وعن سبب الانقطاعات المتكررة للمياه، ووجود ازدحام كبير أمام الأشياب للحصول على الصهاريج، وما الحلول المتخذة في هذا الشأن، قالت الشركة "نظراً للظروف التشغيلية وتأثر بعض مصادر التغذية بالتقلبات المناخية الحاصلة في هذا الوقت؛ فإن هذا الأمر قد يسبب أحياناً انقطاعات مؤقتة، أو نقصاً في بعض أجزاء من مدينة الرياض ومن ضمنها حي العريجاء، وفي حال حدوث مثل تلك الظروف تقوم الشركة بتوفير الصهاريج المجانية لعملائها لسد احتياجاتهم". أزمة الكهرباء إذا كانت هذه معاناة بعض السكان مع المياه في غرب العاصمة، فإن سكان شرقها يعانون الانقطاع المتكرر للكهرباء، خصوصاً أحياء الروضة وأشبيلية التي تعاني من الانقطاعات على فترات متقطّعة. وبحسب المواطن عبدالله العمري، فمنذ شهرين والتيار الكهربائي ينقطع جزئياً عن الحي الذي يسكن فيه "أشبيليا"، وعن بعض المحلات التجارية في الحي، ويتم إبلاغ طوارئ الكهرباء على الرقم 933، وتنتقل الفرقة بعد عدة ساعات من الانتظار وتقوم بالفحص والمعاينة لوقت طويل، وبعد الصيانة يعاود الانقطاع في اليوم التالي دون وجود حل جذري للمشكلة، لافتاً إلى أنهم كسكان متذمرون كثيراً من الانقطاعات التي أدخلتهم في ظلام دامس، وأوقفت التكييف في ظل ارتفاع درجات الحرارة الكبيرة، مما يضطرهم إلى الخروج من منازلهم، واللجوء إلى الشقق المفروشة، كما سبب لهم خسائر مادية كبيرة، خصوصاً أصحاب المحلات التجارية، حيث تعطب المواد التي تحتاج إلى تبريد. وتساءل العمري "إذا كان ذلك يحدث في بداية الصيف، فكيف سيكون الحال حينما تصل الحرارة إلى ذروتها؟"، لافتا إلى أنه رغم الاتصالات المتكررة ومراجعة السكان وأصحاب المحلات التجارية للمسؤولين بشركة الكهرباء لحل المشكلة، إلا أنهم لم يتلقوا سوى الوعود والتسويف، وما زال الوضع كما هو بشكل متكرر وشبه يومي، مطالباً بإيجاد حل جذري سريع لهذه المشكلة، ومحاسبة المقصرين في الخدمات المقدمة للسكان. خاطبت "الوطن" شركة الكهرباء حول هذا الأمر وسألناهم عن أسباب الانقطاع المتكرر للكهرباء في بعض الأحياء، وما الحلول والإجراءات المتخذة في هذا الشأن، وجاء الرد على لسان نائب الرئيس التنفيذي للشؤون العامة بالشركة عبدالسلام عبدالعزيز اليمني الذي قال "انقطاعات الخدمة الكهربائية في فصل الصيف تعود لعدة أسباب من بينها تعرض شبكات الشركة لأضرار من طرف آخر أو بسبب الظروف الجوية أو نتيجة لارتفاع الأحمال الكهربائية على بعض الكابلات بسبب قيام المشتركين بإضافة أحمال خلال العام دون الرجوع للشركة، مما يؤدى إلى تحميل هذه الكابلات فوق طاقتها الفعلية، وبالتالي يتسبب في انقطاع الكهرباء، لافتاً إلى أن هدف الشركة السعودية للكهرباء هو العمل بكل إمكاناتها وطاقاتها على استمرار الخدمة الكهربائية لجميع المشتركين بكفاءة عالية ودون حدوث أية انقطاعات، حيث ينتشر المشتركون في 12 ألف مدينة وقرية وهجرة ومزرعة بالمملكة، وتتم تغذيتهم بواسطة عشرات الآلاف من الكيلومترات من الشبكات، وهذه الشبكات قد تتعرض لظروف جوية أو غيرها، لكنها في الغالب محدودة، ولا تؤثر إلا على عدد محدود من المشتركين وتتم إعادة الخدمة في وقت قياسي. حلول لمعالجة الانقطاعات وعن الحلول والإجراءات المتخذة للحد من الانقطاعات التي تحدث دائما مع بداية فصل الصيف، قال اليمني "الشركة تعمل على معالجة جميع أنواع الانقطاعات من خلال فرق طوارئ تتواجد في أماكن مناسبة بالمدن والقرى، مهمتها المبادرة في سرعة إعادة الخدمة للمناطق المتأثرة، حيث إن الشركة من خلال مراكز التحكم التابعة لها تدرك المواقع التي تحدث فيها الانقطاعات، كما أن فرق الطوارئ تتلقى بلاغات من المشتركين المتأثرين بانقطاعات تعود أسبابها إلى أعطال في التمديدات الخاصة بهم، فتبادر بإعادتها على وجه السرعة، موضحاً أن الشركة وضعت عدداً من الأهداف لتحسين الخدمة للمشترك، من أهمها تقليل فرص انقطاع الخدمة وسرعة الإعادة في حالة حدوث ذلك، وعدم تكرارها لنفس الأسباب ومقارنة مؤشرات أداء فرقها الفنية بالمستويات العالمية، كما عملت وتعمل الشركة على رفع كفاءة أداء جميع أعمالها، وبالأخص الفرق الفنية، من خلال التدريب المستمر، ووضع البرامج الكفيلة بتطوير الأداء والقدرات وتوفير الإمكانيات الفنية والبشرية التي تضمن حسن الأداء. هاجس الصيف ولفت اليمني إلى أن انقطاعات الصيف تمثل للشركة هاجسًا وتحدياً كبيراً لا بد من مواجهته، ووضع الحلول اللازمة المتمثلة في تعزيز البنية الكهربائية للنظام الكهربائي، وهذا يتطلب صرف مبالغ مالية طائلة، ونحن نعمل بكل طاقاتنا البشرية والفنية والمالية، والشركة على استعداد تام لمواجهة أية انقطاعات قد تحدث ومعالجتها في أقل فترة ممكنة. وبسؤاله عن إمكانية أن تكون هناك انقطاعات للكهرباء خلال الصيف، أجاب اليمني "تعمل الشركة السعودية للكهرباء بكل إمكاناتها على ألا تنقطع الكهرباء عن أي مشترك، وتنفذ من أجل ذلك سنوياً العديد من المشاريع الجديدة في مجالات توليد ونقل وتوزيع الكهرباء، إضافة لتعزيز وتوسعة المحطات والشبكات القائمة مع تنفيذ برامج الصيانة الدورية على كافة معدات وشبكات الكهرباء، وقد عززت الشركة قدرات التوليد المتاحة لتصل إلى 50 ألف ميجاوات بزيادة نسبتها 100% عن قدرات التوليد عند تأسيس الشركة عام 2000، ورغم ذلك قد تحدث انقطاعات "قسرية" لا تتعدى في مجملها المعدلات العالمية المتعارف عليها، وتؤكد الشركة السعودية للكهرباء في ذات الشأن أن تلك الانقطاعات لا علاقة لها بقدرات التوليد، مما يعني أن المملكة لن تشهد هذا الصيف انقطاعات تعود لنقص في التوليد، لكنها قد تنجم عن حوادث تؤثر على شبكات النقل أو التوزيع، وقد تحدث انقطاعات "محدودة" في بعض الأحياء بسبب قيام بعض المقاولين المكلفين من جهات أخرى بتنفيذ بعض المشاريع بعمل حفريات دون تنسيق مسبق مع الشركة فيسبب ذلك قطع كيابل الكهرباء، أو يؤدي لاحتراق بعض الكيابل الأرضية، أو لارتفاع الأحمال على محولات التوزيع والكيابل نتيجة لزيادة الطلب على الكهرباء خلال موسم الصيف وأن الشركة تبادر إلى معالجة مثل هذه الانقطاعات وتعيد الخدمة الكهربائية في أسرع وقت ممكن حيث إن الشركة تعيد الكهرباء للمتضررين في كل الظروف في غضون 30 دقيقة من انقطاعها. وعن أهمية توعية المواطنين والمقيمين بترشيد الكهرباء، قال اليمني "إننا نرى أن للمواطنين والمقيمين دوراً كبيراً في ترشيد الكهرباء وتخفيف الضغط خلال ساعات الذروة "من1 ظهراً إلى 5 عصراً" وذلك من خلال تجاوبهم مع حملة التوعية وإطفاء ما لا يحتاجونه من الإضاءة والتكييف، واستعمال بعض الأجهزة ذات الاستعمال المؤقت كالمكنسة الكهربائية ومضخة الماء ومكواة الملابس وغسالة الملابس خارج أوقات الذروة أي في المساء والصباح الباكر".