تساءلت الفنانة التشكيلية فاطمة النمر خلال حوارها مع "الوطن" عن تجربتها التشكيلية وتعايشها كفانة مع المجتمع قائلة: هل كان على المرأة أن تكره جسدها أو تلعنه لأن إثارته أخفت روعة عقلها؟. الفنانة التي اعتمدت على العنصر الإنساني كأنثى، في أعمالها، تختلس الضوء كي تنشره على من حولها، ويتجلى ذلك في معرضها الشخصي الثاني "كيان"، المقام حالياً في قاعة أكوستك في الخبر. أعمال النمر تنوعت بين الرمزية والتجريدية، وسعت من خلال هذه الممارسة إلى إضفاء صيغة أخرى للإنسان في كل تجلياته وخاصة الحب والسلام، ذلك الإنسان الذي دائما ما يكون حاضرا في كل أعمالها. وتعتبر النمر أن الفن قضية يمكن من خلالها تمرير ما يحمله الفنان من مشاعر وأحاسيس بوسائل متعددة، وأن يكون لها الدور في هذا التواصل وفي هذا اللغة المشتركة بين كل أطياف البشرية، فلا لغة نحتاجها أمام الفن. النمر قدمت 34 عملاً من لوحات ومجسمات استخدمت فيها التراب، والمعادن، والأحجار الكريمة، والذهب والورق في معالجة الألوان. الفنانة الحاصلة على جائزة الفن السعودي المعاصر تحدثت إلى "الوطن" عن تجربتها وقالت إنها حاولت التعايش مع المجتمع العربي بشكل عام برجاله ونسائه، وقالت: لا أحد يجهل أن ثقافة الذكورة والأنوثة اعتمدت على ذهنية لم تبدأ من وأد النساء ولم تتوقف عند تشكل درجات تقبل صوت المرأة من خلال محاكمة النوايا، فكان على حرارة اللون أن تتفرس عقدة الذكورة العربية، مضيفة أنه على جغرافية الأدوات الفنية أن تتساءل بجدية: هل كان على المرأة أن تكره جسدها أو تلعنه لأن إثارته أخفت روعة عقلها عن هذه الفئة الذكورية التي لا تعترف سوى بتضاريس جسد المرأة؟، ولأن هذا الجسد أدهش نزوات هذه الفئة حد تجاهلها لمشاعرها وأنهار حنانها؟. تقول النمر إن بعض النقاد يجيرون الكتابة لأسماء معروفة ويتجاهلون أسماء أثبتت خطواتها بقوة في الساحة وهذا ما يدور بالعادة في الفلك التشكيلي حيث المجاملات وتهميش قيمة أي مبدع شاب، فيتجاهلون جميع عناصر العملية الإبداعية في جيل الشباب ويبحثون عن أسماء مقربين لهم، لذلك أقولها وبكل صراحة: بالمملكة "ليس لدينا الناقد الواعي الذي يناقش نواحي التشكيل وجميع عناصره المؤثرة كي تؤدي دوراً جوهرياً في بناء العمل الفني، فيجب أن يتمتع الناقد الحقيقي بثقافة موسوعية ورؤية شاملة تمنحه القدرة على الحكم على مكنون العمل وروح الفنان، ويكون مؤهلا لقراءة العمل والمنتج الفني باعتباره عنصراً فاعلاً في العملية الإبداعية". في هذا السياق يقول الناقد العراقي الدكتور فاخر محمد عن أعمال التشكيلية النمر: في أعمالها رغبة جامحة للتخلص من الشكل الواقعي سواء كان جسداً أم تكويناً.. مكاناً، وكأنها تحاول إشراك أشكالها وتكويناتها في شعرية التجريد المفتوح على تأويلات مطلقة، فالفنانة تعيش زمناً يشتبك فيه كل شيء وتضيع فيه الروح الإنسانية وسط دوامة المكننة والأرقام، مما دفع بالفنانة إلى الاحتماء بالروح الداخلية من خلال حرية تتعايش معها بصمت مع خاماتها وأدواتها وأساليب تفاعلها مع السطح التصويري، فتارة تضع أشكالها وسط فضاء غامق يتجانس فيه الجسد الأزرق مع الرمادي أو الأسود وتارة تترك حرية يدها وفرشاتها تعبث بغموض بمسطح اللوحة تاركة خطوطها وعلامتها وسيولة اللون تتحدث عن نفسها، فهي مغرمة بالكثافات والتضاريس، لأنها توحي أكثر مما تصف، وهذا ديدن الفن والجمال فقيمته تكمن في السر الذي يدفعنا إلى التأويل ومعايشة الخيال. يذكر أن النمر حاصلة على العديد من الجوائز المحلية، وشاركت في بعض الملتقيات الفنية داخل المملكة وخارجها، أهمها معرض "لوحة وقصيدة" بدعوة من رابطة الفنون التشكيلية بالأردن، وبينالي الخرافي بالكويت، ولها مشاركات قادمة في كل من كينيا وألمانيا والسويد ودبي والأردن، وأقامت معرضاً شخصياً في الأردن بعنوان "الحب الأزلي (2009).