لعل أبرز أحداث الأسبوع الماضي في عالم النفط هو إبداء أرامكو السعودية رغبتها في التوسع بشهية مفتوحة في الصين، ليس لأن الصين هي أكبر سوق للنفط السعودي ولكن لأنها أصبحت الحليف الإستراتيجي القادم للمملكة. فقد أعلنت أرامكو السعودية على لسان رئيسها التنفيذي خالد الفالح الذي قال في خطاب ألقاه في العاصمة بكين إن شركته لا تنظر إلى الصين "كزبون" ولكن "كشريك إستراتيجي" وهذا ما دفعها إلى التخطيط لزيادة استثماراتها ومشروعاتها المشتركة هناك، داعياً في الوقت ذاته الصين إلى زيادة استثماراتها في المملكة وبخاصة في القطاع الصناعي. ولم تكن الصين لتتحول إلى شريك إستراتيجي للمملكة رغم أنها ثاني أكبر الدول المستهلكة للنفط بعد الولاياتالمتحدة، إلا لأنها ما زالت مؤمنة بأهمية الوقود الأحفوري والنفط كمصدر رئيس للطاقة لها إلى جانب الفحم، على عكس الولاياتالمتحدة التي غيرت إستراتيجيتها وأصبحت تفكر بعيداً عن الوقود الأحفوري باتجاه البدائل الأخرى. وقال الفالح إن النظرة الواقعية تحتم بأن تتجه الصين إلى الوقود الأحفوري حتى وإن كانت تسعى في الوقت ذاته لتطوير مصادر طاقة بديلة أخرى حيث إن ما توفره الطاقة البديلة اليوم للصين لا يتجاوز 1% من حاجتها، في الوقت الذي يوفر فيه النفط 20% من حاجة الصين. ولكن الصين ليست الولاياتالمتحدة ، فالشركات الصينية لا تستثمر بشره في الخارج كما تفعل الشركات الأمريكية ، ومن هنا قال الفالح أمام الصينيين إن شركته تنوي توسعة "طريق الطاقة السريع" الذي يربط بين المملكة والصين من خلال زيادة الاستثمارات في الجهتين. وحاول الفالح إقناع الصينيين بزيادة استثماراتهم في المملكة للاستفادة من الخطة الإنفاقية الكبرى التي تشهد المملكة تطبقيها على مدى خمس سنوات بقيمة 450 مليار دولار. وعدد عدة أوجه للتعاون الصيني السعودي، إذ إن العلاقة بين أرامكو والصين ليست علاقة زبون ببائع فحسب، ولكن العلاقة أصبحت شراكة حقيقية، إذ تقوم أرامكو سنوياً بإرسال موظفيها إلى الصين للاستفادة من الخبرات التقنية ولتعلم المزيد عن ثقافة ولغة الشريك الجديد. وقال الفالح إن أرامكو تنظر بتطلع وتفاؤل شديد إلى السوق الصينية التي تشير الدراسات الوطنية هناك إلى أن الطلب فيها على النفط سيزداد إلى 12 مليون برميل من النفط يومياً بنهاية العقد الجاري من 9 ملايين برميل حالياً. وستلعب الصين دوراً مهماً في السنوات القادمة في تعزيز دور المنتجين للنفط، حيث أوضح الفالح أن الطلب الصيني سيعوض التباطؤ في الاستهلاك المتوقع في الدول الصناعية في أوروبا وأميركا، مضيفاً أن زيادة الطلب الصيني ستشجع المنتجين على زيادة استثماراتهم للتنقيب عن وإنتاج المزيد من النفط في السنوات القادمة. وقال إن أرامكو السعودية هي أكبر مورد للنفط تعتمد عليه الصين، حيث تبلغ صادرات أرامكو إليها مليون برميل من النفط يومياً. وتنوي أرامكو التوسع في تكرير النفط والبتروكيماويات من خلال مصاف متكاملة على غرار مصفاتها المشتركة مع شركة ساينوبك في فوجيان، بحسب ما أوضحه الفالح. وأعلنت شركة "أرامكو لما وراء البحار بي في" التابعة لشركة الزيت العربية السعودية "أرامكو السعودية" الأسبوع الجاري أنها وقعت اتفاقا مبدئيا مع شركة "تشاينا ناشيونال بتروليوم كوربوريشن" الصينية من شأنه أن يسمح لأرامكو بإقامة مصفاة تحويل كاملة جديدة في مقاطعة يونان في جمهورية الصين الشعبية، في خطوة ستعزز من تواجد أرامكو في سوق النفط الصينية الأسرع نموا في العالم.