أكد مدير عام معهد الإدارة العامة الدكتور عبد الرحمن بن عبدالله الشقاوي أن منظومة القرارات السامية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - تتسم بشموليتها وامتدادها وقدرتها على بعث روح التنمية والبناء في شتى ميادين الدولة، فاستحق خادم الحرمين الشريفين بتلك القرارات أن يوصف ب "رائد التنمية الحديثة ورجل القرارات الفاعلة ". وقال الشقاوي في مقدمته لكتاب "خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز: الرؤية الشاملة لإدارة التنمية ، الذي أصدره معهد الإدارة العامة بمناسبة الاحتفال بمرور خمسين عاماً على إنشائه " إن الكتاب يستجلي رؤية خادم الحرمين التنموية ذات الأبعاد المختلفة لنتمثلها في جميع ممارساتنا الإدارية ونحن نصطف خلف قيادته الحكيمة لبناء الوطن واستشراف المستقبل الزاهر". لافتاً إلى أنه تم التركيز في الكتاب على الجانب الإداري، الذي يمثل أحد الملامح البارزة في شخصية الملك عبد الله بن عبد العزيز القيادية، في ظل اهتمام الحكومة بالإنجاز في الجانب التنظيمي للنهوض بما تقدمه من خدمات من خلال التطوير المستمر للتنظيم الإداري بغية تحسين نوعية الخدمات العامة وإنشاء الوسائل المناسبة للإسهام في ترشيد اتخاذ القرارات وتسريعها . رؤية إسلامية والكتاب يبدأ بالحديث عن الرؤية التنظيمية للملك عبد الله التي تتشكل من مجموع القيم الفكرية الخلاقة التي تؤسس لقرارات رائدة وفاعلة في جميع المجالات ، ويقرر أن لكل رؤية قيادية مقومات وأسساً عقلية وقيادية وإيمانية وحنكة متمرسة بمعطيات التاريخ، مدركة لمتغيرات العصر، مستشرفة لتوقعات المستقبل، وهي كلها سمات حاسمة تشكل معالم شخصية القائد، وقد اجتمعت في شخصية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ، حفظه الله، هذه الشخصية الفذة التي يجمع المفكرون والكتاب والباحثون والعلماء على أنها تمتلك زمام الريادة ، وفاعلية القرار، وشمولية الرؤية ووضوح البصيرة. وليس ثمة غرابة أو عجب في ذلك، لأن ملكاً يتمثل الرؤية الإسلامية في كل مواقفه، ويجسدها قولاً وعملاً لا شك أنه سيؤتى حكمة القرار وصواب الرأي وملكة الفعل وغاية التأييد . ويشرح الكتاب كيف أن الرؤية الإسلامية تمثل ركيزة أساسية في خطاب الملك عبد الله السياسي بأبعاده الثلاثة، الدولي والإسلامي والعربي، كما تتجسد في خطابه الوطني بسياقاته المتعددة وأبعاده الإدارية والتنظيمية والاقتصادية والتعليمية والتنموية والإصلاحية، وأنه انطلاقاً من تلك الرؤية ومعالمها الواضحة أضحت المملكة العربية السعودية رمزاً للدولة العصرية التي تتمسك بثوابتها وموروثها الديني والثقافي، ولا تتنازل عن خصوصيتها، في حين أنها تتعامل برؤية عصرية تجعلها محط احترام كل الدول والشعوب. ويستعرض الكتاب بعض ملامح تلك الرؤية التنظيمية لخادم الحرمين الشريفين، حيث يستهلها بخطاب خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، أمام قادة مجموعة العشرين في قمتهم التي عقدت في واشنطن ومقاله المنشور في مجلة "فيرست" البريطانية واللذين جسدا دور المملكة وإسهامها الفاعل في دعم الاقتصاد العالمي وتحسينه، وهو ما ينعكس بدوره على استقرار اقتصاد المملكة، ويحميه من أي انكماش على المستوى المحلي. وهذا التفاعل مع قضايا الاقتصاد العالمي ما هو إلا بلورة لمنهجية اتخذها خادم الحرمين الشريفين، وإستراتيجية عمل انتهجها لتعزيز بنية الاقتصاد الوطني. تعزيز الحوار وينتقل الكتاب إلى ملمح آخر من ملامح الرؤية التنظيمية لخادم الحرمين الشريفين ويتمثل في إطلاقه، حفظه الله، الدعوة إلى حوار الأديان، إدراكاً منه لسماحة الإسلام وشموليته، وأنه دين للناس كافة، ثم الدعوة للمصالحة العربية مجسداً بذلك معنى الزعامة وحكمة القيادة، ضارباً، يحفظه الله، المثل في الشموخ والترفع عن الصغائر. وتتوالى مبادرات وقرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يحفظه الله، الإصلاحية، محدثة ذلك الحراك الاجتماعي والتفاعل الثقافي بين فئات المجتمع بمختلف أطيافه، وهو ما تمخضت عنه دعوة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للحوار الوطني وإعلانه تأسيس مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني. واتساقاً مع إدراك خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، أن إرساء قواعد الحكم وإحاطته بالدعامات اللازمة إنما يكون وفق نظام يتمثل الرؤية الإسلامية ولا يغفل المتطلبات التنظيمية العصرية، فقد جاء قراره، أيده الله، بإصدار نظام هيئة البيعة الذي نص في مادته الثالثة على أن "تلتزم الهيئة بكتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، والمحافظة على كيان الدولة، وعلى وحدة الأسرة المالكة وتعاونها وعدم تفرقها، وعلى الوحدة الوطنية ومصالح الشعب". (تطوير) ولأن التعليم هو الأداة الفاعلة في بناء الإنسان، فقد أولى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز، أيده الله، جانب التعليم جل اهتمامه ودعمه ورعايته، انطلاقاً من رؤيته، يحفظه الله، للتعليم في المملكة أنه" نموذج متميز وركيزة رئيسية للاستثمار والتنمية، والأجيال القادمة هم الثروة الحقيقية، والاهتمام بهم هدف أساسي". وفي هذا الإطار، ومن أجل تحقيق هدف أسمى يتعلق ببناء الموارد البشرية، وتأهيلها تأهيلاً عالياً يمكنها من تحقيق الابتكارات والإنجازات في شتى المناحي والمجالات، فقد أطلق، يحفظه الله، مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم ليشمل مرحلة التعليم ما قبل الجامعي، ثم يمتد إلى التعليم العالي وينتهي بالابتعاث الخارجي. ويتسق مع رؤية خادم الحرمين الشريفين للتعليم ، رؤيته ، رعاه الله، للمعلومة وفاعليتها في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتي ترى أن العصر هو عصر التنوير المعلوماتي، بما يحمله هذا المصطلح من مضامين حضارية جديدة وحديثة، ومن أجل ذلك جعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من قضية التقنية قضية حتمية في مسيرة التنمية، وأدرجها في طليعة القضايا الجوهرية، وتحققت تلك الرؤية من خلال إنشاء جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية التي جسدت اهتمامه، يحفظه الله، بالعلم والتقنية باعتبارهما عاملين أساسيين في دفع عجلة التنمية . وفي السياق ذاته ، وانطلاقاً من رؤيته، حفظه الله، المستقبلية السباقة التي تدرك متغيرات العصر ومتطلبات الثورة المعلوماتية ، فقد شدد، أيده الله، على أهمية تفعيل التعاملات الإلكترونية في الأعمال الحكومية، لما يحققه ذلك من تقدم كبير في توفير الخدمات للمستخدم بسهولة ويسر، ويرتقي بمستوى الإنتاجية والكفاءة للمنشأة، كما عمل، يحفظه الله، على بناء مجتمع رقمي متكامل وآمن، يسمح للمجتمع بجميع أفراده بالتفاعل وتحقيق مبدأ الشراكة في بناء الوطن، وذلك عبر توفير خدمات إلكترونية مبسطة ومتكاملة، ومن أجل ذلك جاءت موافقته، يحفظه الله، على دعم مشاريع الخطة التنفيذية للتعاملات الإلكترونية التي تبلغ مدتها خمس سنوات بأكثر من ثلاثة مليارات ريال. شفافية وضمن إطار رؤية الملك عبدالله الشاملة لإدارة التنمية تحتل الشفافية مكانها بوصفها إحدى الركائز الأساسية التي تقوم عليها هذه الرؤية، إذ إن هذه الخاصية الجوهرية في حياة المجتمعات وحراكها الحضاري لم تزل مبدأ حيوياً في مسيرة خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، وقاعدة أساسية في جميع المناصب التي تولاها، وقد عمل على تفعيلها بين فئات الشعب كافة، حيث وسع مبدأ الشفافية من هامش حرية التعبير المسئولة، واستجلاء الآراء الوطنية المتزنة؛ الأمر الذي شكل دعامة قوية لمنهج الإصلاح الذي انتهجه خادم الحرمين الشريفين، يحفظه الله، كما أن هذه الرؤية أسفرت عن حماية مبدأ النزاهة وطمأنة المواطن ومحاسبة المسئول.