"الوطن"/ ألو. . الشاعر قاسم حداد؟ قاسم/ نعم. ما هو مشروع قاسم حداد؟ تعبير مشروع بالنسبة لي هو تعبير مربك كثيرا, ربما لا ينسجم مع طبيعتي في الكتابة. ألم تكن عضوا في حركة القوميين العرب؟ نعم، وعاصرت تحولات تلك الحركة. هل أنت نادم على ذلك؟ على الإطلاق؛ لأنها الموقد الذي صهرني والتجارب التي خضتها هي أحجار كريمة في حياتي. ولا تشعر بحسرة؟ ولا أشعر بحسرة، لكن بطبيعة الحال أن ترى أحلامك تتعرض إلى الخذلان والمصادرات وهنا يحضرني قول الشاعر ناظم حكمت: وضع الشاعر في الجنة. . فقال آه على وطني. هناك من يقول عندما أسمع على سبيل المثال بقاسم حداد وأدونيس وقباني والربعي وهيكل ومشروع الوحدة العربية أتذكر هزيمة 67. هذا عندما ينظر للأشياء نظرة حتمية وإعلامية لكن يبقى الإبداع حلما إنسانيا وكونيا لا يهدأ ولا يهزم. أنت لا تقر بالهزيمة إلى هذه اللحظة؟ طبعا طبعا، أنا غير مهزوم، أنا كائن منتصر لأن عندي الحلم، تجاربي في النضال هزمت لكن أحلامي لم تهزم. ما قيمة الأحلام عندما تبقى أحلاما لا تؤسس لشيء؟ وهل تعتقد أن الشعراء والكتاب مسؤولون عن فشل المرحلة؟. لكنكم راهنتم كثيرا؟ ومازلنا نراهن على أحلامنا لأن هذا ليس نهاية العالم. كنتَ متمردا ؟ لا أملك توصيفا دقيقا للتمرد. ما يخصك أنت؟ كيف؟. على ماذا كنت تتمرد؟ هو عدم القبول أو الخضوع لأي شكل من السلطات التي تصادر حريتي في التفكير وحريتي في طرح رؤيتي للأشياء وطرحي للأسئلة واعتراضي على الأشياء المريرة. هل تقصد بالمريرة أيام السجن؟ لا لكن الأيام المريرة ليست حكرا على السجن. في الحياة سجون كثيرة. متى دخلت السجن أول مرة بحياتك؟ دخلت السجن في مطلع السبعينات. هل تذكر شكل اليوم الذي دخلت فيه السجن. . صباحاً أم مساء؟ نسيت التفاصيل. هل كنت ساخطا لحظة دخولك السجن؟ لم أكن ساخطا وقتها لأن السجن أحيانا أرحم من سجون الحياة العادية. قيل إنك كتبت أغلب قصائدك من داخل السجن؟ تقريبا كتبت أربع دواوين من داخل السجن بعضها نشرته وبعضها لم ينشر. وأنت تخرج من السجن ما الذي تركته خلفك على جدران السجن من شعر؟ تعلمت كيف أكتب الشعر على الصعيد الفني متحررا من القيود فكتبت قصيدة متحررة وحررتني من السجن. ما هي أصعب مراحل حياة قاسم حداد؟ عندما أبتعد عن الكتابة تكون حياتي صعبة ولا معنى لها. هل حدث أن مزقت أوراقك وكسرت أقلامك؟ أوراقي لم تمزق على الإطلاق لأن الكتابة تحميني وتعطيني القوة والأمل والحب والاتصال بالعالم. الكتابة هي المخلص لك؟ نعم الكتابة والشعر هما أجنحتي وجذوري بنفس الوقت. من هو عدوك؟ عدوي كل قوة وكل سلطة تكبح حريات الناس. متى اكتشفت نفسك؟ تقصد البداية؟. نعم في أي مدرسة في أي مدينة شعرت بهذا النزوع؟ أنا بدأت من مدينة المحرق بالبحرين ومن مدرسة الهداية. من أثر فيك؟ الأستاذ عبدالحميد المحادين مدرس اللغة العربية. مدرس بحريني؟ نعم مدرس بحريني والذي ما أزال على اتصال معه ويقرأ بعض نصوصي. هل تلاحظ تحول أدونيس؟ ماذا تقصد بالتحول؟. كأن أدونيس ينسحب من عباءة أدونيس. مازال أدونيس يناقش ويطرح أسئلته المحتدمة ويصطدم بالواقع العربي، أدونيس ما يزال، لم ينسحب. يقولون إن محاضرته عن بيروت توحي بهذا الانسحاب وأن طرح أدونيس لم يعد كما هو؟ أدونيس متحول وهذا لا يشير إلى الانسحاب، والتحول عامل حيوي في تجربة أدونيس. هل أنت على اتصال مع أدونيس؟ باستمرار. هل ترصد تحولات الجيل الحالي؟ من أي ناحية؟. جيل الإنترنت والجينز والهمبرجر والأغنية السريعة إذا جاز التعبير هل تؤيده؟ هذا إيقاع الحياة العصرية. أنت لا تنظر له بريبة مثلا؟ لا أنظر له بريبة لأن هذا كما قلت لك إيقاع الحياة العصرية ومكتشفاتها وهي ظاهرة طبيعية في الحياة العصرية. أبناؤك من أي الثقافتين؟ ماذا تقصد بالثقافتين؟. هل أثرت فيهم أم أنهم متأثرون بإيقاع الحياة العصرية؟ أولادي لهم اهتمامات فنية وموسيقية ومسرحية وتعجبني اهتماماتهم. هل تدين أمريكا وتصفها بالإمبريالية؟ لماذا أدين أمريكا؟. لأنها أسقطت المشروع الاشتراكي الذي أنت من مؤيديه؟ هذه الأسئلة لا تطرح علي. لماذا لا تطرح عليك؟ هذه الأسئلة تطرح على السياسيين لأنها خارجة عن النص بالنسبة لي، أنا أحلامي أكبر منها ويجب أن نسأل هل هذا العداء حقيقي أم مصطنع؟. قصدك بين العرب وأمريكا؟ نعم هل هو عداء حقيقي أم مصطنع؟. أنت ما هو رأيك؟ أي عداء يكمن في توجيه أنظار الشعب العربي عما حاصل بالداخل يجب تفويته وعدم تصديقه لأنه كله موجه ضد الكائن العربي. كان المجتمع البحريني مثاليا في تصنيفه المدني لكن ظهور تسميات مذهبية بين سني وشيعي بماذا يشعرك؟ أشعر بهزيمة يومية مضاعفة وساحقة لأحلامي وهذا نتيجة تفسخ الوعي العربي وإبعاد الثقافة عن دورها الحقيقي. من هو صديقك ونديمك؟ عندي الصديق الحبيب أمين صالح الروائي والسينمائي والشاعر الذي ألتقي به يوميا. كنت جادا وقاسيا على نفسك؟ الحياة تستدعي أن يكون الشخص جادا في حياته. هذه الجدية والقسوة هي التي تجعلك ترفض الإذعان بالهزيمة؟ كما قلت لك أنا هزمت سياسيا وفكريا وحزبيا لكن داخلي غير مهزوم لأن الحلم لا يهزم. برأيك هل ستقع حرب بين أمريكا وإيران؟ أنا لست محللا سياسيا حتى أعطيك الإجابة الشافية. أستاذ قاسم حوارنا انتهى شكرا. عفوا.