تطورات أحداث الشرق الأوسط يمكن أن تؤدي إلى تبدل جذري في موقف إسرائيل من محاولات التوصل إلى تسوية سلمية مع الفلسطينيين والدول العربية، حسبما أعلن المستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي دانييل ليفي الباحث في شؤون الشرق الأوسط في معهد "نيو أميركا فاونديشن". وأضاف ليفي، الذي تبنى موقف الدفاع عن مبدأ إقامة الدولتين، أن الولاياتالمتحدة بدأت بحثا شاملا لحساب تداعيات أحداث المنطقة على عملية السلام وأن الضغط الذي تمارسه على الفلسطينيين الآن لتأجيل طرح مشروع قرار يهدف إلى إدانة الاستيطان في مجلس الأمن يرمي إلى إفساح قدر من الوقت لتحديد ما ينبغي عمله في المرحلة المقبلة وما يسفر عن عملية مراجعة الموقف التي تجري الآن في إسرائيل. وتابع "وجود حكومات مختلفة في بعض الدول العربية والدورالأكبر الذي سيلعبه الرأي العام في تشكيل السياسات يضيق الهامش الذي كانت تتحرك فيه السياسات القديمة سواء لإسرائيل أو لأميركا. فإذا اتبع النظام الجديد في مصر سياسة أكثر تشددا استجابة للرأي العام فإن ذلك يضع ضغطا على واشنطن والقدس. والمشكلة أن هذا الضغط سيكون ملمحا دائما من ملامح الصورة العامة لجهود إحلال السلام". وألمح ليفي إلى أن الفلسطينيين يفكرون الآن في تأسيس حركة احتجاج سلمي قوية على غرار ما حدث في مصر، مضيفا "لن تكون تلك الحركة موجهة ضد الرئيس محمود عباس في المقام الأول. بل ستكون موجهة ضد الاحتلال الإسرائيلي". واستطرد، ليفي الذي عمل مستشارا لآيهود باراك حين كان الأخير رئيسا للوزراء في نهاية التسعينيات، أنه لا يتوقع إلغاء معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل كما لا يتوقع وصول حكومة إسلامية متشددة للسلطة في مصر حسب قوله. بيد أنه تابع "لكن الموقف مثلا على حدود غزة لن يكون مشابها لما كان عليه. كما أن العلاقة بين أي رئيس للحكومة الإسرائيلية والسلطات المصرية لن تكون كما كانت. إن ما حدث يعني تبدلا في آليات المواقف السياسية في المنطقة. ولا أستطيع حتى الآن أن أحدد حجم هذا التبدل إذ إن التقلبات لا تزال مستمرة حتى في مصر". وأوضح ليفي أنه يعتقد أن على الحكومة الإسرائيلية أن تنظر بجدية في ضرورة التوصل إلى اتفاق سلام بعد أن تهدأ العواصف الحالية. وأضاف "أنها لحظة فارقة بالنسبة للإسرائيليين. فالمسألة الآن لم تعد بحثا في الأوضاع الآنية القائمة لكنها اكتسبت بعدا استراتيجيا أصيلا. المسألة هي ما إذا كانت إسرائيل ستتمكن من مواصلة استخدام الوسائل القديمة في التعامل مع وسط يتبدل على نحو غير موات بمرور الوقت. ولكنني أعتقد أن الإسرائيليين سينتظرون بعض الوقت لتقييم موقفهم الاستراتيجي من عملية السلام حتى تهبط أتربة العاصفة الحالية". من جهة أخرى، أكد مسؤولون فلسطينيون أمس أن الرئيس الأميركي باراك أوباما هدد الفلسطينيين باتخاذ إجراءات ضدهم إذا أصروا على التوجه إلى مجلس الأمن لإدانة الاستيطان الإسرائيلي، محذرا من عواقب الإقدام على هكذا خطوة. وأضاف المسؤولون أن أوباما قال لعباس في اتصال هاتفي "ستكون هناك عواقب على العلاقات الفلسطينية الأميركية إذا واصلتم خطواتكم للتوجه إلى مجلس الأمن وتجاهلتم مطلبنا، لا سيما أن لدينا مقترحات بديلة"، في إشارة إلى اقتراح إصدار بيان رئاسي غير ملزم عن مجلس الأمن يدين الاستيطان ولكنه لا يرغم إسرائيل على وقفه. وأكد المسؤول الفلسطيني أن عباس قال لأوباما "إن وقف الاستيطان مطلب فلسطيني لا رجعة عنه وهذا قرار اتخذته القيادة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني متمسك بهذا المطلب". في غضون ذلك، تلقى عباس أمس اتصالا من وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون تطرقت فيه إلى موضوع التوجه إلى مجلس الأمن.