أصبح انخفاض مستوى مواضيع خطب الجمعة في الكثير من مساجد المدينةالمنورة يشكل هاجسا عند كثير من المصلين، فعلاوة على ضعف الموضوعات المطروحة والسطحية في المعلومات افتقر الكثير من الخطباء في الوقت الحالي بالطريقة المميزة في الإلقاء والأسلوب الجذاب للمصلين والبعد عن التحدث في مواضيع تمس المجتمع بشكل كبير، إضافة إلى التقليدية في أداء الكثير من هؤلاء الخطباء وهو الأمر الذي يشتت ذهن المصلين ويجعلهم ينشغلون أثناء الخطبة بالتفكير في أمور دنيوية أخرى مما يبين ضعف هذه الخطب والتي لم تستطع جذب انتباه هؤلاء المصلين إليها. ويؤكد معلم التربية الإسلامية بثانوية الأنصار بالمدينةالمنورة فهد السليمي أن هناك أمورا مهمة أغفلها كثير من الخطباء في الوقت الحالي كالاجتهاد في انتقاء الموضوعات ، مشيرا إلى وجود الكثير من الموضوعات التي استجدت والتي يلزم بيان الرأي الشرعي فيها وتثقيف الناس حولها دينيا ،مؤكدا أهمية استفادة هؤلاء الخطباء من البرامج التدريبية الجديدة كفن الإلقاء والتأثير في الناس. وأوضح السليمي أن الناس قد ملوا من تكرار بعض الموضوعات والتي تتحدث عن تحريم الزنا والربا وغيرها مبينا إلى أنه من المهم أن يلامس الخطيب حياة المسلم في تعاملاته بالإضافة إلى عدم إطالة الخطب ومحاولة طرح الأسئلة أثناء الخطب وصياغة مفردات الخطبة بلغة المصلين حيث إن المصلين مختلفو الشرائح فمنهم المثقف ومنهم غير المتعلم. ولفت السليمي إلى ضرورة الاجتهاد من قبل الخطباء لصنع مواضيع جديدة للخطبة كالمظاهر الخاطئة في المجتمع. وأوضح المواطن سعد العوفي وجود ضعف في الجانب اللغوي عند بعض الخطباء علاوة على ضعف المادة العلمية المطروحة، مشيرا إلى ضرورة الاهتمام بطريقة الإلقاء والتنوع في الصوت من الضعف إلى القوة ومن الإشارة إلى الحركة. فيما يرى إبراهيم العليان أهمية احتواء الخطبة على الأسلوب القصصي مؤكدا أن هذا الأسلوب أكثر الأساليب جذبا لانتباه المصلين بالإضافة إلى توفر المعلومات الجديدة الدائمة في الخطبة. ويعتبر محمد الغفاري أن ابتعاد بعض الخطباء عن الحدث والتشتت في الفكرة وعدم التوثيق الكبير من القرآن والسنة أسباب لانخفاض مستواهم ، مطالبا بأن تهتم الخطبة بالكيف وليس بالكم. ويؤكد معلم اللغة العربية فهد بن علي القحطاني أن الخطابة كوسيلة إقناع وقيادة تاريخها هو تاريخ البشرية منذ أن وجد البشر والخطابة معهم تسير بشكل متطور عبر التاريخ ، والعجيب أنها ستستمر حتى يوم القيامة ولقد جاءت آيات بذلك كما يقوم إبليس والعياذ بالله منه خطيبا في أهل النار عندما يتبرأ منهم ، ولهذا كان لزاما على خطباء الإسلام التطوير والبحث عن أساليب تشد الانتباه وتغري السامع بالإنصات والحضور الذهني قبل الجسدي ، وإنني أهيب بالمسؤولين عن الخطباء والوعاظ في مملكتنا الغالية إلى إقامة الدورات والتأهيل النفسي وتنمية الذات والاستفادة مما هو موجود في العالم من علوم ومعاهد وأكاديميات تدرب الخطباء والسياسيين وقادة الفكر على قيادة الجمهور ومعرفة نفسيات المتلقين فإن كانوا هم يستخدمون هذه العلوم والفنون من أجل إنشاء خطباء منبريين يقودون الجماهير فإن خطبة الجمعة أولى بهذا الاهتمام لما لها من أثر في الناس ولأنها من الدين. ويرى إمام وخطيب جامع البسام بحي الكردي بالمدينة موسى ميان أهمية ملامسة الخطبة لواقع الناس وأن تعايش جراحهم التي يعانون منها سواء كان هذا الواقع سعيدا أم واقعا حزينا مذكرا بأهمية خطبة الجمعة في الإسلام والتي تعتبر اللسان الناطق والذي يقع على أسماع الناس أسبوعيا يذكرهم بأمر دينهم ودنياهم. ويشير ميان لأهمية تحضير الخطيب بشكل جيد لخطبته وعدم التقيد بالورقة كثيرا وأن يحاول الارتجال والاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم وذلك برفع الصوت في الأماكن التي تحتاج الرفع وخفضه في الأماكن التي تحتاج الخفض والبعد عن التحدث في العموميات. من جهته أكد مدير فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمدينةالمنورة الدكتور محمد الأمين الخطري أن اختيار خطباء وأئمة المساجد بالمدينة يتم عن طريق لجنة استشارية مكونة بأمر من وزير الشؤون الإسلامية، حيث تضم هذه اللجنة بعض طلبة العلم المعروفين بالعلم والصلاح وتقوم باختيار الأكفأ من جميع المتقدمين، مشيرا إلى أن اختيار مواضع خطبة الجمعة عائد للخطباء أنفسهم وفي بعض الحالات تقوم الوزارة بتعميد الفروع لتكليف الخطباء بالتطرق لمواضيع معينة. وأشار الخطري إلى أن الفرع يحث دائما الخطباء على مراعاة وقت الخطبة بحيث لا يزيد وقتها عن الحد المعقول والذي يتراوح بين 10 إلى 15 دقيقة، مؤكدا وجود لجنة خاصة بمتابعة أداء الخطباء والأئمة وتسمى اللجنة الشرعية ومهمتها الشخوص إلى المساجد لمتابعة مستوى الأئمة والخطباء والمؤذنين.