تتجه المشاورات والاتصالات حول تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي إلى مرحلة حساسة ومعقدة خصوصا بعد احتدام الحملات السياسية من قبل الأكثرية الجديدة والمعارضة التي لم تتوقف عن التشديد على أن أي مشاركة لها في التشكيلة الوزارية لا بد أن تأخذ بثوابتها وفي طليعتها المحكمة الدولية ومعالجة انتشار السلاح بما فيه سلاح حزب الله. وقالت مصادر مطلعة على حركة المشاورات إن هناك اتجاهين داخل المعارضة الأول يقول بوجوب إعطاء الرئيس المكلف فرصة جدية لمعالجة مطالبها، والثاني يدعو إلى التخلي عن أوهام المشاركة في حكومة هي في حقيقة الأمر حكومة حزب الله وسورية. وفيما يلتزم رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الصمت إزاء ما يجري من مشاورات من قبل ميقاتي مع بعض قياديي 14 آذار، دون أن يعني ذلك عدم موافقته الضمنية عليها، أعلن ميقاتي أن حكومته المقبلة لن تقوم بمراجعة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان دون اجماع اللبنانيين ودعم عربي لذلك. وقال في مقابلة مع صحيفة "لو فيجارو" الفرنسية إن "موقفي واضح: طالما لم يجمع اللبنانيون على مراجعتها بالإجماع وبدعم عربي، فإن الحكومة تبقى ملتزمة احترام الاتفاقية التي تربطها مع الأممالمتحدة في موضوع المحكمة". وحول تشكيل الحكومة قال ميقاتي "لا أستطيع الالتزام بموعد لكن لدي أمل كبير في تشكيل حكومتي بمشاركة فريق الحريري"، موضحاً أن "هذا الفريق لم يبد يوماً تحفظات على قناعاتي أو مواقفي السياسية، والانتقادات التي تم توجيهها تتناول الطريقة التي جرى من خلالها تكليفي". وأضاف "خلافاً للإشاعات لم يحصل تفاهم دولي مسبق على تسميتي"، نافياً مجدداً أن يكون "مرشح حزب الله"، ومشدداً على "هاجس الوسطية" لديه، وقال "في جميع الأحوال لا أريد أن أكون رهينة لأي فريق". من جهته أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد لقائه الرئيس اللبناني ميشال سليمان أنه "مع المشاركة، وقلت حكومة إنقاذ وطني دون الدخول في مواضيع الحسابات باعتبار أن هذا الموقف أيضاً سمعته على لسان الرئيس ميقاتي، الذي يتحدث عن مشاركة حقيقية وليس عن حصص". وأوضح أنه "مع التعجيل في تشكيل الحكومة في ظل الأحداث المتسارعة في المنطقة"، مستدركاً أنه "لا يجوز أن نتسرع ولكن يجب أن نسرع، وأعتقد أن الرئيس ميقاتي يقوم بدوره بكل جد وبكل نشاط في سبيل الوصول إلى حكومة إنقاذ وطني وهذا الأمر يتطلب بعض الوقت ولكن ليس الوقت الكبير". وشدد بري على أن "الرئيس المكلف له كل التعاون من جميع أركان المعارضة ومن جميع أطرافها في سبيل تأليف الحكومة"، مضيفاً "فعلاً قيّد الله للبنان هذه الفرصة بأن أقدم على ما أقدم عليه ضمن هذه المتغيرات القائمة في المنطقة، تخيلوا لو كان الأمر عكس ذلك لكنا الآن في ورطة كبيرة على ما أعتقد". وحول مطالب المعارضة الجديدة من المحكمة والسلاح والبقاء على البيان الوزاري السابق قال بري "لماذا السؤال عن هذين الموضوعين فقط، لماذا لا يسأل عن شهود الزور وأمور أخرى؟". في المقابل أكد رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ردّاً على ما أعلنه بري أن "الرئيس بري "كل عمرو لبق"، وأتمنى أن تكون له كلمة وازنة في الطرف الآخر. ولكن أتصور أن من يحمل كلمة السر لدى 8 آذار هو العماد عون، وكان واضحاً أمس لجهة أن أي فريق سيشترك في الحكومة يجب أن يتبنى مبادئ وقناعات 8 آذار ليتمكن من الاشتراك في الحكومة. هنا يكمن صراعنا كله". وأكّدت الأمانة العامة لقوى الرابع عشر من آذار "الثوابت التي طرحها ممثلو قوى "14 آذار" على الرئيس ميقاتي خصوصاً لناحية الالتزام بالتمسك بالمحكمة الخاصة بلبنان. وذكّرت بأن المحكمة "هي جزء من التزامات لبنان الدولية"، مشدّدة في الوقت عينه على "أهمية الالتزام بالتمسك بمعالجة انتشار سلاح "حزب الله" على الأراضي اللبنانية".