أبدأ مقالتي برفع أجل آيات التهاني، وأنبل عبارات المباركة للأمير تركي بن طلال بن عبدالعزيز بمناسبة تعيينه أميرا لمنطقة عسير، ولا شك أننا جميعا في المنطقة مستبشرون بهذا التعيين، لا سيما أنه صاحب شخصية طموحة، وإرادة جموحة جسدها من خلال تصريحه الأول حين ذكر أن المنطقة «ستشهد وبتوجيه ولي الأمر تحولا غير مسبوق، يتحقق من خلال العمل بروح الفريق الصادقة، وأبوابنا وعقولنا مفتوحة للجميع». وما أريد الحديث عنه، والمشاركة فيه بأفكاري المتواضعة هو ما قرأته عن رعاية سموه الكريم لورشة خطة تحسين المشهد الحضري بأمانة عسير والبلديات المرتبطة بها. وقبل أن أعرض بعض الأفكار، فإن من المؤمل أن تحظى هذه المنطقة بمركز ثقافي حضاري كبير يليق بتاريخ المنطقة وعراقتها، ولعل في إنشاء مركز عالمي للفنون كالعمارة، والخط العربي، والزخرفة الإسلامية مشتمل على فنون المنطقة الأصيلة، فيكون مقصدا للمهتمين من داخل الوطن، وكل بلدان العالم حامل لاسم أمير المنطقة هو أمل المثقف، ورجاء المتطلع. ومع ما حبا الله هذه المنطقة من طبيعة خلابة، وتضاريس جميلة، وأجواء بديعة، إلا أن هناك بعض الأخطاء التي يقع فيها البشر، والتي تضر بالمشهد الحضري الجمالي للمنطقة من ذلك، انتشار غرف التحلية، أو الكهرباء المتناثرة والمنتشرة على جنبات الطرق، وأشنعها تلك الموجودة في بعض الدوارات، وهذه الغرف لو تم تحويلها لمجسمات فنية تراثية كبيوت عسير القديمة الزاهية، لأظهرت لنا أشكالا جمالية جذابة بعيدا عن هذا التلوث البصري. وفيما يخص الجسور، فهي بحاجة إلى توظيف الزخرفة الحديدية الجمالية على أكتاف الجسور، لإضفاء نوع من الجمال، ونحن إن نظرنا في الجسور الجميلة في كثير من الدول، لوجدنا أن مثل هذه الفكرة لم تغب عن كبار المصممين في العالم. ويبقى التشجير من الأمور المهمة الجمالية والحضارية التي لها دور كبير في إضفاء الجمال والحيوية والراحة للجميع، ومدينة كالجبيل الصناعية استهوت كل من رآها، هي مدينة حرصت على التشجير، ففيها 355 ألف شجرة، و856 ألف شجيرة، و216 ألف نخلة. وتبقى الألوان من الأمور المهمة التي تنتقل بالإنسان إلى عوالم جديدة ملهمة ودافئة بعيدا عن ضغوطات الحياة، وإرهاقات العمل، وماذا لو ابتعدنا في اختيار ألوان المنازل عن لون (البيج) الذي يكاد يمثل اللون الرئيس لكل المنازل في المنطقة، وهو لون يوحي بالتصحر، واستبدل بالألوان المتنوعة الداكنة بحكم طبيعة المنطقة وأجوائها، أظنها ستظهر في أبهى حلة، وأجمل طلة. إضافة إلى الاهتمام بجانب النظافة العامة، وإزالة كل المعيقات التي تكدر صفو الجمال، وتعكر الحسن، والإفادة من المساحات الشاسعة المتناثرة حول المدن في إنشاء الحدائق العالمية المتكاملة، والبحيرات الصناعية، والحرص على تنظيم المخططات الحديثة. الأفكار كثيرة ومتنوعة، ولا يمكن أن تستوعبها مقالة محدودة، ولكن يبقى الأمل في أفكار المحبين، وأقلام المخلصين التي ستضفي لمستقبل المنطقة خيرا كثيرا، وتحقق تطلعات ولاة أمرنا في بلادنا الغالية.