أصبحت بعض المراكز التجارية في المملكة إضافة إلى دورها الأساسي في التسوق وترويج السلع مراكز دعم اجتماعي ثقافي وصحي وتوعوي، حيث اتجهت العديد من الهيئات والجمعيات والجهات والإدارات الحكومية إلى نقل فعالياتها المتنوعة إلى هذه المراكز للوصول إلى فئة أكبر من المستهدفين من خلال نقل الفعاليات المختلفة إلى هناك لتقديم الفكر والثقافة لمختلف شرائح المجتمع. يقول الممثل لطلاب الطب في منطقة عسير الدكتور هاشم القرني "أصبحت مراكز التسوق الكبرى أفضل مكان يجمع العديد من شرائح المجتمع بمختلف فئاته كبارا وصغارا ورجالا ونساءً، وهى المكان الأمثل للتوعية الصحية، ففي كل برنامج توعوي يقام بهذه المراكز لا يقل عدد الزوار عن الألف زائر في اليوم الواحد". وأضاف أن "الجمعية الوطنية لطلاب الطب نفذت إلى الآن ما يزيد عن 10 برامج لمسنا فيها إقبالا من المجتمع أكثر من وجودها في قاعة أو ضمن مؤتمر طبي، وقد أثبتت هذه الفعاليات نجاحها حيث تلاقي فعاليات التوعية الصحية والكشف المبكر للسكر أو الضغط أو سرطان الثدي، وغيرها من البرامج التوعوية إقبالا كبيرا، حيث يحاول كافة زائري المولات الاستفادة من الكشف المجاني والتوجيهات الصحية". وأشارت الفنانة التشكيلية علا العاصمي إلى أن إقامة المعارض التشكيلية في المولات ومداخل المطارات والمواقع العامة هي حاله نقل للفن والإبداع إلى ذائقة الإنسان العادي، وطرح ثقافة الفن واللوحة إلى كافة شرائح المجتمع". وأضافت أن "الثقافة التشكيلية أصبحت تروج بشكل كبير في مراكز التسوق والأماكن العامة والمتنزهات، وذلك يعطي فرصة كبيرة لانتشار الفن، والتعريف أكثر بالفنانين والفنانات الموجودين في المنطقة، وهذا الأسلوب من أقرب وأسهل الوسائل للوصول إلى الجمهور في المواقع التي يتواجد فيها، حيث إن ثقافة زيارة معارض الفن التشكيلي الخاصة غير موجودة، ولا تكون إلا ضمن المهرجانات الصيفية، ولذلك تحرص جمعية الثقافة والفنون وغيرها من الجهات المعنية أن تنقل الحدث إلى الناس، وتتيح لهم فرصة الاستفادة إلى جانب الترفية والمتعة والتسوق". وذكر مدير العلاقات العامة بالدفاع المدني محمد العاصمي أن "العديد من الجهات الأمنية عملت على الاستفادة من وجود كافة أفراد الأسرة في تجمعات معينة لتقديم التوعية، مشيرا إلى أن الدفاع المدني وغيره من الإدارات الحكومية غالبا ما يستهدف الشرائح التعليمة في المدارس، لأن بها شريحة كبيرة من المستهدفين، إضافة إلى مراكز التسوق والمولات للوصول إلى الأسرة والطفل. وأضاف أن "المولات في المملكة تحولت إلى مراكز توعوية لا يستهان بها، حيث توفر فرصة كبيرة للوصول إلى ثقافة الأسرة بما يخص المخاطر المنزلية، ومكافحة المخدرات والتوعية الأمنية والمرورية، مع إمكانية تنفيذ عروض على الفيديو، وإتاحة الفرصة للاطلاع على اللوحات الإرشادية التي تحمل صورا معبرة للحوادث، كما يتم توزيع الوسائط المدمجة والهدايا على الصغار لتفعيل برامج السلامة". وقال مدير مركز أصداف مول التجاري حيدر أبو ملحة إن "عدد زوار مراكز التسوق كبير جدا، وهم عبارة عن المتسوقين والباحثين عن الترفيه الذين يقومون بزيارة المعارض، والاستفادة من الفعاليات التي تقام بالمراكز . وأضاف أن الفعاليات التي تقام في مواقعها لا تجد الإقبال الكافي، وأن مراكز التسوق في المملكة اتجهت إلى تفعيل برامج ثقافية ومسابقات علمية وأدبية وبرامج للمواهب والقنوات الفضائية والحرف اليدوية ومعروضات الأسر المنتجة. وأشار إلى أن المولات تستفيد من زيادة عدد الرواد بإقامة برامج توعوية حول الدفاع المدني والمرور ومكافحة المخدرات، والأسابيع الصحية والأيام العالمية، والتعاون مع الإدارات المختلفة لإيصال الفائدة الاجتماعية والطبية والاجتماعية والثقافية والتوعوية . من جهته ذكر استشاري علم الاجتماع بجامعة الملك سعود الدكتور صالح الرميح أن المولات الكبيرة ومراكز التسوق روعي فيها أن تكون من عوامل الترفيه المقدمة للأسرة السعودية، والتي تحرص على التنوع في المعطيات والترفيه، فلم تعد تقنع بالأساليب التقليدية للترفيه، لذلك حرص القائمون على هذه المولات على تصميم هذه المولات بطرق مختلفة وشيقة تضم في محتواها متنزهات وملاهي ومطاعم ومواقع للدعم الاجتماعي والثقافي. وأوضح الرميح أن مزايا المولات من النواحي الجمالية وتوفر البحيرات والأشجار الصناعية بها، جعل مؤسسات المجتمع الحكومية والأهلية تتجه إليها لدعم البرامج الاجتماعية والطبية والاقتصادية والثقافية والتوعوية، كونها تخاطب كافة الفئات العمرية . وأضاف أن تواجد الأسرة لساعات طويلة في هذه الأمكنة ساعد على استهداف شرائح عدة من المجتمع من خلال الفعاليات والبروشورات والمطويات واللوحات الإرشادية والعروض المرئية والبرامج المتنوعة التي تشرف عليها الجهات الحكومية والخاصة، وتكرس من خلالها الرسائل الإعلامية التي بلا شك تحقق أهدافها. واعتبر الرميح أنها ظاهرة اجتماعية إيجابية تستحق الدراسة لمعرفة أثر هذه البرامج في نقل الوعي إلى المجتمع، حيث أصبحت هذه المراكز مراكز دعم اجتماعي وتثقيفي ترفع من معدلات الوعي في المجتمع، وتصله بمصادر المعلومات، مؤكدا أنها لا تقل عن أي من وسائل الإعلام المختلفة التي تبث رسائل توجيهية وتوعوية للمجتمع.