تشهد منطقة الشرق الأوسط تغيرات مفاجئة تحدث على وقع الصراع في سورية والعراق، والتي دفعت خصوم الأمس إلى التجمع في صف واحد ليكونوا حلفاء اليوم. هذا ما ينطبق على التقارب الثلاثي «التركي- الروسي- الإيراني» الذي بدأت إرهاصاته قبل عدة أشهر تحت شعار إرساء دعائم الاستقرار في الشرق الأوسط عبر التعاون بين البلدان الثلاثة. 3 أهداف مشتركة تنطلق أطر التقارب الثلاثي بين هذه البلدان من 3 أهداف، أولها مواجهة الصعود الكردي على الحدود «التركية- العراقية- الإيرانية»، خصوصا أن هذا الثلاثي دخل في مواجهات ونزاعات وحروب طويلة الأمد مع الأكراد الذين يسعون الى إقامة دولتهم عبر مناطق الحكم الذاتي، فيما يتعلق الهدف الثاني بمستقبل سورية العسكري والسياسي والاقتصادي الذي تعتقد البلدان الثلاثة أن تعاونها فيه سيكون له انعكاس إيجابي عليها وعلى المنطقة، رغم الخلاف بين تركيا من ناحية وروسياوإيران من ناحية أخرى بسبب إصرار تركيا على وجود بشار الأسد خارج معادلة الحل للأزمة في سورية، الشيء الذي ترفضه كل من إيرانوروسيا بشكل قطعي. أما الهدف الثالث فهو لتكريس التعاون الاقتصادي الإقليمي بين روسياوتركياوإيران، بعد أن وقعت مؤسسة «غدير» الاستثمارية القابضة، التابعة للحرس الثوري الإيراني، صفقة قيمتها 7 مليارات دولار مع شركة «زاروبيجنيفت» النفطية المملوكة للحكومة الروسية، وشركة «يونيت إنترناشيونال» التركية القابضة لتطوير حقول النفط والغاز الطبيعي الجديدة في إيران من أجل التصدير إلى الأسواق العالمية. كما دخلت إيرانوتركيا في محادثات لمضاعفة العبور والنقل التركي عبر إيران، وتأمل تركيا التي تملك أكبر شركات البناء في المنطقة الحصول على حصة وافرة في مشاريع إعادة اعمار سورية والعراق بدعم من روسياوإيران. كذلك أجريت محادثات «تركية- روسية» لتطوير خطوط إمدادات صادرات الطاقة من حوض بحر قزوين عبر الموانئ التركية، فيما تم وضع حجر أساس مشروع «روسي- تركي» مشترك قيمته 20 مليار دولار لإطلاق المحطة النووية التركية «أك كويو». صفقات متبادلة يرى مراقبون أن هذه الأهداف الثالثة تنطلق من المصالح الاقتصادية التي تجمع المثلث التركي «الروسي- الإيراني»، فتركيا ترتبط بشراكات اقتصادية واسعة مع إيران كالتخلي عن الدولار في المعاملات الثنائية بينهما، كما أن حجم التجارة بين الجانبين ازداد مؤخراً، ويعد النفط الإيراني أحد مصادر الطاقة في تركيا. أما بالنسبة للعلاقات «الروسية- الإيرانية»، فهي اليوم في أقوى مراحلها التاريخية، فبالإضافة إلى تعاونهما العسكري والسياسي في العراق وسورية، قاما بإنشاء ممر شمال جنوب الذي وقعاه عام 2002 إلى جانب الهند الذي يعدّ أحد أهم الممرات التجارية في العالم، فضلاً عن تفاهماتهما الأمنية في آسيا الصغرى، ووقوفهما معاً في وجه الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي والدول العربية. تحالف هش
يرفض المحلل السياسي، أنيس محسن، خلال حديثه ل«الوطن» قيام كذا حلف سواء كان معلنا أو مبطنا، مبينا أنه لايمكن وصف مثلث العلاقات «الروسية- التركية- الإيرانية» بالتحالف. وأبان محسن أن هذا اللقاء لايعدو كونه مصالح متبادلة بين الدول الثلاث دون أن يتعلق الأمر بما يجري في الشرق الأوسط، فهناك مصالح جيوسياسية تربط الدول الثلاث مثل الجمهوريات المحاذية لبحر قزوين والتأثير التركي على الدول الإسلامية في الاتحاد السوفياتي السابق، وتحديدا التركمانية ذي الأصول التركية وتأثير تركيا على أذربيجان. وأضاف: «تسعى تركيا لتنويع مصادر حصولها على الطاقة حتى لا تعتمد فقط على غاز إيران الرخيص لذلك استعانت بالغاز الروسي ومن بعده القطري». ونفى محسن إمكانية تشكيل جبهة «روسية- إيرانية- تركية» في وجه الولاياتالمتحدة الأميركية، بدليل وجود التنسيق «الأميركي- الروسي» في أعلى مستوياته، خصوصا بعد لقاء الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب مؤخرا، واتفاقهما على نقطة أساسية وهي الحفاظ على أمن إسرائيل خلال السعي لحل الأزمة في سورية. أبرز الملفات الجدلية مصير رئيس النظام بشار الأسد التحالفات مع الأكراد التعاون الاستراتيجي مع المعسكر الغربي انعكاسات العقوبات المرهقة على إيران تقاسم ثروات المنطقة الأهداف الثلاثة للمثلث 01 مواجهة الصعود الكردي 02 التصارع على مستقبل سورية العسكري والسياسي والاقتصادي 03 تكريس التعاون الإقليمي بعيدا عن المعسكر الغربي