شغلت مسألة حجب المواقع الإلكترونية الباثة للفكر المتطرف والإرهابي أولى جلسات اليوم الثاني للحلقة النقاشية "دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب"، التي دارت في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية؛ بمشاركة أكثر من 40 مسؤولا حكوميا عن الإعلام في الأجهزة الأمنية والعدلية العربية. ففي حين طالب عدد منهم بالحجب التام كعلاج أمني، أعلن مدير الجلسة خبير الإعلام الإلكتروني الدكتور فايز بن عبدالله الشهري معارضته للحجب من واقع ممارسته العملية ومعرفته العلمية، مطالبا بمزيد من الاستفادة من الإنترنت في مواجهة الفكر الإرهابي، وشاركه معارضة الحجب المستشار الإعلامي بالأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب معتز صلاح الدين، داعيا إلى التوعية عبر تلك المواقع فهو يرى أهمية تسخير العلم لخدمة قضايا المجتمع، كما طالب صلاح الدين الأجهزة الأمنية بتوفير المعلومات الحديثة باستمرار لوسائل الإعلام والأخيرة تضعها في القوالب الصحفية المناسبة من تحقيقات وتقارير وأخبار وغير ذلك، إلا أن صلاح الدين قال إنه مع الحجب في حالة واحدة: عندما يشكل الموقع تهديدا للأمن الوطني لكل دولة، لكن الحجب هنا لا ينجح بنسبة كبيرة - وفقا لصلاح الدين - نتيجة ظهور موقع آخر بعد اختفاء الأول. ونصح أستاذ الإعلام الأمني اللواء الدكتور علي الجحني بانتهاز فرصة المرحلة التاريخية في سهولة التواصل عبر التقنية لبيان حقيقة واقع العرب والمسلمين المتزن مع المدافعة عن كياننا ووجودنا عبر ما وصفه ب"بالبلاغة الإلكترونية". ويأتي ذلك على خلفية استعراض صلاح الدين لاستخدامات الإرهابيين للإنترنت في السنوات الأخيرة التي شهدت تزايدا ملحوظا في استخدام الإرهابيين لشبكة الإنترنت؛ حيث زاد عدد مواقع الإنترنت التي تروج الفكر المتطرف والإرهاب من 12 موقعا عام 1998 إلى 5100 موقع في الوقت الحالي، وذلك وفقا لما رصده الاتحاد الأوروبي. وقال صلاح الدين "من خلال رصدنا في مجلس وزراء الداخلية العرب للمواقع سالفة الذكر بالتعاون مع الدول الأعضاء يمكن القول إن 10% على الأقل من هذه المواقع موجهة للمنطقة العربية، حيث يصل عدد هذه المواقع لأكثر من 500 موقع تستهدف تضليل المواطن العربي والترويج لفكر التطرف والإرهاب وضرب خطط التنمية والتقدم في دولنا العربية". ووفقا لصلاح الدين فإن أبرز استخدامات المنظمات المتطرفة الإرهابية للإنترنت تظهر عبر: بث البيانات الإعلامية، والبحث عن المعلومات، حيث إن 80% من مخزن الإرهابيين المعلوماتي يعتمد أساسا على مواقع إلكترونية متاحة للكافة، مع استخدامه للاتصالات وتجنيد إرهابيين جدد وإصدار التعليمات والتلقين والتخطيط للأعمال الإرهابية، كذلك الحصول على التمويل. فيما يتجه أعضاء الفكر المتطرف والإرهابي إلى استغلال (الإنترنت) - بحسب ما قال صلاح الين - نتيجة لما يتمتع به الإرهاب عبر الإنترنت من خصائص، تتمثل في أنه لا يحتاج في ارتكابه إلى العنف والقوة بل يتطلب وجود حاسب آلي متصل بشبكة الإنترنت ومزود ببعض البرامج اللازمة، مع تمثيله للجريمة الإرهابية المتعددة الحدود وعابرة للدول والقارات وغير خاضعة لنظام إقليمي محدود، كما يتم عادة بتعاون أكثر من شخص. ولتحقيق فاعلية في تصدي الإعلام للإرهاب، نصح صلاح الدين باتباع أسس تخطيط لإعداد برامج إعلامية ضد جرائم إرهاب الإنترنت، من خلال: أسس مهنية تشمل سمات الوسيلة الإعلامية ونوعية الجمهور ومهارات مرسل الرسالة الإعلامية الخاصة بالتوعية الأمنية في مجال الإرهاب الإلكتروني، إلى جانب الضوابط القانونية بالالتزام بالدستور والقانون عند إعداد البرامج الخاصة بالإرهاب بالإضافة لمواثيق الشرف الإعلامية. وأشار صلاح الدين إلى ضوابط خاصة بالتغطية الإعلامية لقضايا الإرهاب وضعها خبراء وتعتمد على عدم التوسع في نشر البيانات أو التهديدات الصادرة عن الإرهابيين عبر شبكة الإنترنت، تفادى التركيز على الجوانب الشخصية وعدم نشر صورهم إلا في حدود معينة وبالتالي عدم اعتبار مثل هذه المعلومات والصور المنشورة على الإنترنت مصدرا إخبارياً لوسائل الإعلام، وعدم تصوير الإعلام للإرهابي كصانع للأحداث مهما حاول بث بيانات مصورة أو مكتوبة عبر (الإنترنت) أو بث أية مقاطع فيديو أحيانا تكون مفبركة، مع التركيز على حالة ضحايا الإرهاب وأسرهم عقب الحادث مباشرة و بعد فترات زمنية طويلة أيضا، وإبراز الإيجابية في العمل الأمني الخاص بمكافحة الإرهاب، كذلك إبراز دور المواطن ومؤسسات المجتمع المدني في مكافحة الإرهاب. إلى ذلك، نبه أستاذ الإعلام الأمني اللواء الدكتور علي الحجني في بحثه أمس "مواجهة الإعلام لظاهرة الإرهاب" من تأثير الأفلام العربية على سلوك الأفراد في المجتمعات العربية، مطالبا بتعزيز تعاون وثقة المواطن برجل الأمن، إلى جانب إخضاع منسوبي الإعلام والأمن للتدريب وتطوير الأداء المهني في المتابعة الإعلامية التي تتصدى لظاهرة الإرهاب، مع إيجاد معالجة إعلامية متوازنة بين التحليل والمقارنة والحوار دون التركيز على السرد فقط. وأكد الجحني ضرورة المعالجة والمواجهة الفكرية للإرهاب واصفا إياها بالمعالجة الحقيقية، ناصحا بعدم اختيار الحل الأمني إلا كعلاج أخير، لكن الحل الأمني ليس الحل الوحيد؛ مستشهدا بنجاح تجربة مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة الفكرية في المملكة، إلى جانب تجارب مناصحة فكرية ومراجعات أثبتت نجاحها في مصر واليمن والجزائر، مقترحا إيجاد مكاتب إعلامية خارجية توضح الصورة في الغرب دون الاكتفاء بالنقل عنهم فقط. بالمقابل طالب المشاركون - خلال المداخلات - بإيجاد آلية قابلة للتنفيذ مع إيجاد البدائل الفكرية السليمة للشباب سواء على القنوات أو المواقع بما يحافظ على كافة الشرائح في الوطن العربي، إلى جانب الحاجة إلى استراتيجية أمنية إعلامية لمواجهة الفكر المنحرف بالفكر السليم، وكذلك طالبوا بإيجاد صناعة للإعلام المتخصص تعمل وفق استراتيجية محددة، إضافة إلى مطالبة بتوحيد المصطلحات التي تطلق على منتسبي الفكر المنحرف. وفي "مقاربات ومفاهيم الإرهاب ودور الإعلام العربي في التصدي له" أشار الخبير الإعلامي في المجال الأمني خضر ماجد إلى (ويكيليكس) كمصطلح جديد على عالم الإعلام الأمني واصفا مصطلح ويكيليكس بالشعرة الفاصلة بين إرهاب المعلومات وحق الاستطلاع والمعرفة لدى الرأى العام. وإلى جانب ذلك أشاد بعدد من الأفلام العربية التي أسهمت في مكافحة الإرهاب، قابله مداخلات أشادت بالإنتاج الدرامي لمواجهة الإرهاب إعلاميا، فيما اعتبر مشارك أن (ويكيليكس) إرهاب إيجابي، لأنه فضح الغرب.