خالد عمر منذ معرفتنا بالإنترنت وحتى وصولنا إلى «سوشل ميديا»، تم استغلال هذه التقنية من كثيرين، بطرق متعددة ومتنوعة لإرضاء هوسهم بالشهرة فقط. ولقد ساعدت الطرق التي استعملوها والعوامل التي استغلوها في إرضاء هوسهم بالشهرة، وتصدرهم مواقع «سوشل ميديا» وزيادة عدد متابعيهم فيها «وإن كانوا مفلسين ودون محتوى أو باحثين عن لقب داعية». ومن الطرق التي اعتمد بعضهم عليها بشكل كبير، الكوميديا المبتذلة، مع الظهور بشكل مختلف عن جميع الأعراف، أو السخرية من بعض المتصدرين للساحة الفنية، ولو وصل الأمر إلى انتهاك منظومة القيم والأخلاق! حتى ولو أثار ذلك السخرية منهم، فهم لا يبالون بسبب استحواذ هوس الشهرة عليهم، مع القناعة الكاملة بأنها طموح يستحق العناء، مع سعيهم إلى جذب أكبر عدد ممكن من المتابعين. ونجد آخرين غير هؤلاء أرادوا الشهرة، ولكن بطريقة أخرى تعتمد على استثارة العواطف عن طريق لبس ثوب الوعظ، والحرص على الحصول على لقب شيخ دون تقديم أي محتوى سوى ترديد أذكار الصباح والمساء والتسبيح والتهليل، وهلم جرا، أو التركيز على ذكر الموت وما يجهض أي نظرة للحياة بوجه مشرق، وأخشى أن كل ذلك للحصول على لقب شيخ أو داعية. من الأفضل أن نحلل ونبحث عن الأسباب التي وضعت لهم هذه القاعدة من المريدين، وهذا العمق الكبير من الجماهير. إن أهم سبب أصّل لهؤلاء الحضور ومكّن لهم السيطرة على الجماهير، هو انحدار الذائقة الجمالية التي تحدد ما يترك أثرا رائعا في نفس المتلقي وكذلك تحديد نظرة المتلقي للحياة التي يعيشها، وتعلمون أن الذائقة الجمالية هنا مرتبطة ارتباطا مطلقا بثقافة المتلقي التي اكتسبها من الثقافة العامة من جهة ومن الثقافة المبدعة من جهة ثانية، ومن مستوى الوعي الفردي، وكذلك التي ينتجها الفن والأدب بكل أنواعه مع الموسيقى والأغنية. يمكن اختصار القول بحكم مفيد واحد: إن الذائقة الجمالية هي ثمرة التربية الجمالية. حيث يولد الإنسان في حقل ثقافي جمالي محدد ثم يتلقى ثقافة جمالية منظمة ثم ينفرد بتطوير ذائقته الجمالية. وتعلمون أن جميع ما سبق تم فقدانه وقتله بسبب الصحوة المشؤومة، فصار الناس ينظرون إلى الحياة نظرة لا تخلو من التوجس من بعض الأمور البسيطة، مع الحرص على خوض الحياة دون أية متاعب، وعندما نرى الناس يركزون على بعض التافهين ندرك تماما أنهم فقدوا التركيز على الأمور الأكثر أهمية أو حتى التي تفيد في حياتهم، ولقد سبَّب ذلك تشويها لصورة المثقف في وطننا بطرق متعددة لا يسعنا ذكرها، وكانت هناك عوامل أخرى مثل استعمال التجار للمشاهير المفلسين لافتتاح مشاريعهم ومحلاتهم، وولّد هذا التصرف بروز بعض المشاهير في معرض الكتاب. أرى أن الشخص الذي أراد الشهرة وحصل عليها وحملها على عاتقه، أنه يحمل مسؤولية مضاعفة تجاه ما يقدمه، ومن الأفضل أن يتم التركيز على المحتوى المقدم للجماهير، بحيث يكون مقدما للأمور المفيدة للمتابعين، حتى لا ترتد الشهرة وبالا على الحاصل عليها، أو حتى المجتمع الذي صنعه بسبب سوء ذائقته.