عادت القضية الفلسطينية مرة أخرى كي تحتل صدارة الاهتمام العربي، ومعها بدا كما لو أن القضية الفلسطينية تستيقظ من نوم عميق. وبالطبع، فإن هناك فارقاً كبيراً بين الموقف الذي تعلن به الدول رفضها أو قبولها لتلك القضية، وقد جاءت المملكة بسواعد كتابها ومؤلفيها وشعرائها بالصدارة لتعلن أن المملكة العربية السعودية تقف بالصف الفلسطيني. لقد استوحى المؤلفون العرب والكتاب شعرهم من نكبة فلسطين منذ وعد بلفور حتى اليوم. فنظم الكتاب والمؤلفون أبهى القصائد والكتب في التغني بها، والدفاع عنها، وتأكيد الأمل في خلاصها من أذى العدوان الصهيوني. كلنا بطبيعة الحال نملك أمزجة مختلفة نتعامل بها مع النصوص، وأستطيع أن أقول إن أفضل مزاج للكاتب يجب أن يحظى به ويطوره هو خليط من الحس الفني والعلمي، وهذا ما جاء به الكاتب «عبدالله رمضان الرسلاني» من خلاله كتابه الجديد (فلسطين في شعر القصيبي والصالح)، ذلك الكتاب الذي وضح حقاً مأساة فلسطين وأثرها في الشعر المعاصر، وتعامل الرسلاني بموضوعية حادة في سلوكه مع الكتاب. بدأ الكتاب بتمهيد تاريخي حول الأبعاد الحقيقية للمأساة الفلسطينية، وتحدث في لمحة تاريخية عن فلسطين، وفي الحقيقة، فإن هذا الاهتمام السعودي بالقضية كان أمرًا طبيعيًا بالنظر إلى عمق الوجدان الديني في المملكة، وانفتاح الثقافة السعودية على العروبة والوطنية بصورة عامة. وقد رصد الكاتب أعمال عدد كبير جدًا من الشعراء، الذين كتبوا عن القضية الفلسطينية، ليعد هذا الكتاب بمثابة رصد لحالة الشعر السعودي، بل والعربي، إزاء القضية الفلسطينية، معبرًا عن أن قيمة الشعر الفنية لا تقل عن الأعمال السياسية في فاعليتها وأهميتها. القضية الفلسطينية شغلت العقل العربي وألهمت شعراءه وكتابه، وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على الأهمية البالغة التي تمتلكها هذه الأرض المقدسة في قلب الأمة العربية والإسلامية. فاغتصاب أرض فلسطين من قبل الكيان الصهيوني لمأساة عظيمة متعددة الجوانب، وكل جانب منها يستحق أن يكون موضوعاً لعشرات القصائد والقصص والمقالات.