يقال عن المسرح «أبو الفنون». فهو الفن الوحيد الذي يمتلك القدرة على المؤالفة السحرية بين مجموعة من العناصر الفنية، حتى اكتسب قيمته الحضارية. ولا شك لدى الجمهور السعودي المتذوق والمتعطش للفنون، أنه سيحظى بالاهتمام اللائق لدى هيئة الترفيه، فهل سيعود المسرح السعودي إلى سابق عهده وازدهاره؟! المسرح يمثل قيمة راقية، فهو تعبير فني عن كل النوازع النفسية والرؤى الفكرية، ولديه القدرة على استيعاب الأحداث اليومية، فهو الترجمة الحقيقية لواقع الفن في المجتمعات، وبعض النقاد يعدونه فن البسطاء، لما يعبر عنهم من الهموم المجتمعية، وما يمتلكه من القدرات في إمتاع الجماهير. وإن كانت خطوة الألف ميل في المسرح قد ابتدأت بالتوقيع مع فنان بحجم عادل إمام، وتأصيل المسرح العالمي في ثقافتنا المحلية بمسرحية شكسبير «الملك لير» مع الفنان يحيى الفخراني، فإن لذلك دلالة على بقية الخطوات التي ستتحفنا بها هيئة الترفية السعودية، وكل هذا ينعكس على المجتمع الذي بدأ يبتهج بمفاجآت الرؤية الوطنية والتحولات النوعية التي يشهدها الوطن. لقد أثبتت وسائل التواصل الاجتماعي أن في مجتمعنا قوة فنية إبداعية لا يستهان بها بين أوساط الشباب والشابات. فهؤلاء يمثلون قيمة فنية رائعة لو تم الالتفات إلى مواهبهم وإبداعاتهم والاستفادة منهم في عالم المسرح. ولعل الأرقام الفلكية لمتابعيهم ومشاهدات أعمالهم والكوميديا التي يقدمونها على منصاتهم الاجتماعية خير برهان على صنائعهم الإبداعية. إن فكرة تياترو مصر، والتي أعادت التوهج المسرحي إلى تاريخ الفن المصري، بقيادة أشرف عبدالباقي، أفرزت سربا متألقا من شباب التمثيل القادمين من أعماق المجتمع المصري. وهذه الفكرة المتوهجة بحاجة إلى استنساخ فني يتناغم مع المحلية السعودية، وعندها سنفاجأ بحجم الإبداع والتألق في المسرح، ونتمنى جميعا أن تحقق فكرة تياترو السعودية نجاحا منقطع النظير، لا سيما أن هيئة الترفية تفاجئنا -وكما عوّدتنا- بالإبداع والمتعة والإثارة.