شدد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد، على أن الأعراف الصالحة، والعادات المستقيمة تعزز الشعوب وتقويها وتشد منها، والعادات السيئة والأعراف المنحرفة تضعفها وتحرفها، والتقليد الأعمى للآباء والأسلاف يضلها ويزعزعها، وقد جاء الإسلام بالتحذير والتنفير من الأعراف السيئة، والعادات المستقبحة، والجمود على ما عليه الأسلاف، والتمسك بما عليه الآباء والأجداد، فهي تبعية عمياء، وتعطيل للعقول والأفهام، وحرمان من الحرية البناءة، أعراف سيئة تكلف الناس المشقة والعنت، وتستنزف منهم الجهد والمال والوقت، يلزمون بها أنفسهم إرضاء لغيرهم، واتقاء لنقدهم، يتكلفون ما لا يطيقون، ويفعلون ما لا يحبون، وينفقون وهم كارهون، فكيف إذا كانت عادات وأعرافا مخالفة للشرع، ضارة بالصحة والعقول، مسيئة للأخلاق والقيم. تواصل وتزاور دعا ابن حميد في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس، بالمسجد الحرام، إلى التأمل في بعض عادات المجتمعات السيئة في الزواج والولائم والمآتم والمجاملات، في تكاليف باهظة، ونفقات مرهقة، بل ديون متراكمة ومن ثم يكون التواصل والتزاور، وإجابة الدعوات عند هؤلاء همًّا وغمًّا، بدلا من أن يكون فرحا وسرورا، فالتزاور للأنس، والمباسطة، ولذة المجالسة، وليس للمفاخرة، والتكلف، وإظهار الزينة، والتفاخر، والتباهي، مما يجعل الحياة همًّا، وشقاء، وعبئا ثقيلا. نظم الحياة بين إمام وخطيب المسجد الحرام، أن أعراف الناس وعاداتهم جزء من حياتهم، ورمز من رموز حضارتهم وثقافتهم، ومن هنا جاء الشرع مقرا لهذه الأعراف ومعترفا بها، وهذا كله في الأعراف الصالحة المستقيمة، أما الأعراف الفاسدة فإن الشرع ينهي عنها ويأباها. وأضاف الشيخ ابن حميد أن الأعراف تنشأ من البيئة، ونظم الحياة الاجتماعية، جودة ورداءة، وغنى وفقرا، وعلما وجهلا، واستقامة وانحرافا، ففي الحياة الطيبة تتولد أعراف مجيدة، ومن الحياة الرذيلة تنشأ عادات سيئة مرذولة، فعادات كل مجتمع تعبر عن حاله، استقامة وانحرافا، وانفتاحا وعصبية، فالصلاح ينتج عادات صالحة، والجهل ينتج عادات جاهلية، وكلما حَسُن تدين المجتمع، واستقامت تربيته، وارتقت ثقافته، وازداد وعيه، ارتقى في عاداته وأعرافه، وقلت فيه العادات السيئة. الإذن والإباحة أوضح ابن حميد، أن الأصل في العادات والأعراف الإذن والإباحة، وقد تتحول العادة إلى عبادة وسنة للفرد أو المجتمع، سواء كانت حسنة أو سيئة، وفي الحديث: «من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء». وأكد أنه يتعين على كل عاقل -فضلا عن المسلم الصالح- أن ينبذ كل عادة وعرف يخالف أحكام الشرع، أو يقود إلى عصبية وجاهلية، وفرقة وتمييز، وعليه أن يعرض ذلك كله على ميزان الشرع المطهر، لينفر من قبيح العادات، وسيئ الأعراف، ويفيء إلى ظلال الإسلام الوارفة، ودوحته الآمنة، وإلى مسالك الأخيار من أهل العقل، والفضل، والكرم، والمروءة. أمور عظام أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ علي بن عبدالرحمن الحذيفي المسلمين بتقوى الله تعالى، مبينا أن التفكّر في مُدّة الدنيا القصيرة، وزينتها الحقيرة، وتقلّب أحوالها الكثيرة، يدرك قدرَها، ويعلم سرّها. فمن وثِق بها فهو مغرور، ومن ركَن إليها فهو مثبُور. وأوضح أن قِصَر مُدّة الدنيا بقِصَر عُمر الإنسان فيها، وعُمر الفرد يبدأُ بساعات، ثم ينقضِي عُمر الإنسان على التمام، ولا يدرِي ماذا يجري بعد موتِه من الأمور العِظام، موضحا أن ما بين الموت إلى البعث مدة قصيرة، وبأن هذه المُدَّة الطويلة كساعة. وبين الحذيفي أن فعل الأعمال الصالحات، وهجَر المُحرَّمات، جزاؤه الفوز برِضوان الله في نعيم الجنات. ومن اتَّبع الشهوات، وأضاع الصلوات والواجبات، فجزاؤه الهلاك في الدَّرَكات.