كشف مؤتمر باليرمو حول ليبيا عن الخلافات العميقة، وتضارب المصالح بين الأطراف الليبيين، وكذلك الخلافات بين الدول المعنية بالملف الليبي، ما يعرقل التوصل إلى حلول سريعة لإخراج هذا البلد من الفوضى، التي يغرق فيها. وأعربت الباحثة في الشؤون الأفرو - أوروبية، إخلاص المزوغي، عن أسفها للخلافات بين الدول الاوروبية حول ليبيا وقالت «هناك انقسام أوروبي حاد في رؤى الحل يؤثر سلبا على الوضع الراهن، والذي يتوقع أن يستمر لسنوات قادمة» . وقالت خبيرة الشؤون الليبية في «مجموعة الأزمات الدولية» كلاوديا غازيني، إن «تصرف الوفود الليبية، التي شاركت في مؤتمر باليرمو يكشف للأسف أن الخلافات بينهم لا تزال عميقة للغاية». فيما ذكرالأستاذ في جامعة بنغازي، خالد صالح الكوافي، أن مؤتمر باليرمو في جزيرة صقلية الإيطالية «أظهر عمق الأزمة والانقسام في ليبيا وهشاشة الوضع فيها». أما المحلل الليبي عماد بادي فاعتبر أن مؤتمر باليرمو يندرج في سياق حرب النفوذ بين روما وباريس، بشأن الملف الليبي، مضيفا «أن مؤتمر باليرمو لم يركز على تحسين العلاقات بين الأطراف الليبية، بل على سعي إيطاليا للرد على المبادرة الفرنسية».
التنافس الفرنسي الإيطالي كانت تقارير دولية أكدت في وقت سابق أن مؤتمر باليرمو مثل لقاء آخر للفرقاء الليبين في إيطاليا، بعد حوالي ستة شهور من لقاء مشابه في فرنسا، مشيرة إلى أن روما وباريس تواصلان صراعهما على النفوذ في ليبيا، سيما وأن هذا البلد مهم بنفطه وموقعه الاستراتيجي، خاصة بعد أن تحول إلى نقطة عبور للمهاجرين غير النظاميين نحو أوروبا، وأضافت التقارير أنه بينما تتمسك فرنسا بمصالحها الاستراتيجية في ليبيا، تَعتبر إيطاليا البلد جزءا من نفوذها الجغرافي كقوة مستعمرة سابقة. وفيما انتقد البعض موقف الولاياتالمتحدة السلبي من الزاع الليبي، أشارت التقارير إلى نوع من التنسيق بين إيطالياوالولاياتالمتحدة، لافتة إلى أن رئيس الوزراء الإيطاليب كونتي طلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعاونا بين البلدين، فيما يخص مرافقة الانتقال السياسي في ليبيا، وأن هذا التنسيق يأتي في ظل خلافات بين فرنساوإيطاليا. يذكر أنه منذ سقوط نظام العقيد معمر القذافي ومقتله عام 2011، لا تزال ليبيا غارفة في فوضى أمنية وسياسية تتنازع السلطة فيها مجموعات مسلحة وقوى سياسية متناحرة. لقاءات مهمة اعتبر رئيس الحكومة الإيطالية جوزيبي كونتي في الجلسة العلنية الوحيدة لمؤتمر ان عملية بسط الاستقرار في ليبيا يجب «أن تترك بالكامل لليبيين»، وهو ما وافقه فيه المبعوث الدولي إلى ليبيا غسان سلامة، الذي أشار إلى «ود أكبر بكثير» بين المشاركين الليبيين، رغم مقاطعة المشير حفتر المؤتمر، واعتبر سلامة أن تنظيم «المؤتمر الوطني»، الذي ينوي الدعوة إليه ربيع 2019 «بات أسهل» بفضل مؤتمر باليرمو. وفيما انسحبت تركيا من المؤتمر، شدد رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحيى على انه «من حق كل بلد أن تكون له طموحاته في ليبيا، لكن على الجميع أن يدرك أن تجسيد هذه الطموحات يتطلب أولا السلام في ليبيا والحفاظ على وحدة البلد وسلامته». ورأى بعض المحللين أن مؤتمر باليرمو كان «فاشلا» ، فإن شدد بعضهم على أهمية اللقاءين اللذين نظمتهما الأممالمتحدة، قبل افتتاح المؤتمر، وشارك فيهما مسؤولون عن حكومة الوفاق الوطني، وعن البرلمان الذي يتخذ من شرق البلاد مقرا. وخصص الاجتماعان للشؤون الاقتصادية والأمنية، وهما موضوعان لهما تأثير كبير على الحياة اليومية لليبيين، الذين يعانون كثيرا من الأزمة الحالية.