في قلب مدينة الرياض التي عشقها وأحبها وهام بها حتى ألفته وألفها وكتب عنها أجمل المؤلفات وعلى أطراف وادي حنيفة الذي طالما تغنى به وأشبعه بحثا وتقصيا، يرقد الشيخ عبدالله بن خميس بمستشفى القوات المسلحة بالعاصمة الرياض بالدور السادس حيث يعاني من أزمة صحية. يرقد، وهو من مواليد قرية الملقى (1339 - 1919) إحدى قرى الدرعية بمنطقة الرياض، هانئا بما قدمه من عطاءات وإبداعات أديبا وناقدا وشاعراً وصحفياً وإذاعيا وباحثاً في تاريخ الجزيرة، بعد أن أثرى المكتبة العربية بعشرات الكتب في الأدب والشعر والنقد والتراث والرحلات، وصال وجال في الصحافة والمنتديات والمؤتمرات داخل المملكة وخارجها حتى إن الباحثين قالوا إنه لا يوجد شبر في الجزيرة العربية لم تطأه قدم عبدالله بن خميس، وزار أيضاً معظم البلاد العربية من المحيط إلى الخليج إضافة إلى زيارته لبعض البلدان في آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية. وعلى وقع الأجهزة الطبية تقوم الباحثة هيا السمهري التي تربطها علاقة قرابة بابن خميس بإعداد رسالة دكتوراه عن شعر ابن خميس دراسة فنية وموضوعية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعنوان "ابن خميس ناثراً"، وطبع الكتاب بمكتبة الملك فهد الوطنية، وتصف فيه ابن خميس بأنه مجموعة أدباء في أديب واحد، وقالت إنها تأثرت به منذ صغرها حيث كانت تذهب مع والدتها لزيارته وتتسلل إلى مكتبته ولتراه وهو يكتب أو يقراً شعرا أو يدون. وإلى شرق الرياض يمضي الأديب عبدالكريم الجهيمان صاحب الأساطير الشعبية قرنه وسبعة أعوام إضافية بمنزله بحي الروابي يستقبل محبيه كل ليلة اثنين، حيث توقف عن القراءة والكتابة وممارسة رياضة المشي التي كان يداوم عليها باستمرار بعد نصح الطبيب له بتركها، إلا أنه لا يزال يواظب على ممارسة السباحة بمسبح رعاية الشباب بحي المعذر. ويقول الأديب محمد القشعمي صديقه الذي يحضر إثنينيته باستمرار إن الجهيمان لا يتأخر عنه أبداً مهما كانت ظروفه وإن من أولى التزاماته حضور الإثنينية. واستذكر القشعمي ذكريات مقابلته، وقال إنه التقى عبدالكريم الجهيمان لأول مرة عام 1403 بمنزل علامة الجزيرة حمد الجاسر بحي الملز بالرياض عندما زاره مهنئاً بفوزه بجائزة الدولة التقديرية، ومن ذلك اليوم بدأت علاقته بالجهيمان. وقال إنك حينما تجلس إلى عبدالكريم الجهيمان ستتمتع بجلسته، على الرغم من ضعف نظره وسمعه وعدم مشاركته الحديث إلا إذا طلبنا منه رفع الصوت أو استفسرناه عن موضوع أو قصيدة فيجيب بما بقي لديه من الذاكرة. ويحكي القشعمي أن الجهيمان جاءه قبل عشر سنوات مبتهجاً، وقال له إن سائقاً فلبينيا رآه وهو يمشي كالمعتاد عند الغروب بالحي الذي يسكن فيه فسأله عن عمره فقال 90 عاما فسأله مرة أخرى وهل كل يوم تطبق البرنامج؟، فقال له نعم.. فقال أبشر سوف تعيش على الأقل عشرين عاماً قادمة بمشيئة الله.